قضايا وآراء

تصفية داعش ومضاعفاتها على بقية المجموعات المسلحة

| تحسين الحلبي 

يلاحظ معظم المراقبين في الخارج وكذلك المحللون المختصون في الشؤون السورية أن السنوات الخمس التي مرت على الأزمة السورية شهدت على المستوى العسكري والسياسي اتجاهين تمثلهما قوتان إحداهما: نظامية موحدة تمثل الشعب السوري بكل مكوناته واتجاهاته السياسية وهو الجيش العربي السوري الذي يدافع عن الشعب كله وعن سيادة الدولة بكل جغرافيتها السياسية والقوة الأخرى تمثلها مجموعات مسلحة إرهابية لا تضم في صفوفها سوى مكون واحد من مكونات سورية ولون إثني آخر وكلاهما يحمل أهدافاً لا تمثل الشعب كله بل هي أهداف تقسيمية ضيقة الاتجاه والأفق.
وهذا ما يعترف به أحد الخبراء العسكريين في البنتاغون سابقاً حين يقول إن جميع الأسماء الخاصة بالمجموعات المسلحة السورية التي تشن حربها على الجيش السوري ومؤسسات الدولة لا يقاتل أفرادها إلا من أجل مصلحة فئة ضيقة لا تشمل الجميع ويستنتج أن هذه المجموعات لم تقاتل داعش والنصرة لأنها تعتبر مجموعاتهما قوة احتياطية لأهدافها في تجزئة واقتسام غنائم البلاد. ولا شك أن هذه الحقيقة تؤكدها عمليات الاقتتال الداخلي المتزايدة وسط هذه المجموعات حتى فيما بين داعش والنصرة في مخيم اليرموك وفيما بين جيش الإسلام ومجموعات أخرى في مناطق سورية أخرى.
ويستنتج (سايمور هيرش) المحلل السياسي الأميركي الشهير أن هذه المجموعات التي توظفها قوى خارجية ومحلية في الشرق الأوسط لأهداف تتعلق بتقسيم البلاد ستتلاشى تدريجياً مهما بلغ الدعم المالي لها.. ويقارن محللون آخرون بين عدد هذه المجموعات المسلحة التي ظهرت في سورية قبل سنة وعددها الآن فهي تتناقص إما عن طريق تصفية وجودها على يد مجموعات أخرى أو عن طريق شراء أفرادها ومواقعهم من مجموعة أخرى ودون أن تزداد مساحة سيطرتها.. ويلاحظ المراقبون أيضاً أنها محاصرة من الجيش السوري في جميع مناطق وجودها وهذا ما لا يوفر لها استمرار البقاء، وهذا ما يشير إليه البروفيسور (فابريس بالانش) بشكل غير مباشر حين يقول قبل سنة ونصف السنة تقريباً أن المجموعات المسلحة الإسلامية السورية وغيرها لا تسيطر إلا على نسبة قليلة من المواطنين السوريين وهذه المناطق باستثناء الرقة وإدلب يشترك في السيطرة عليها مجموعات متعددة تحمل أسماء مختلفة، وهذا يعني أنها قابلة للاقتتال الداخلي الذي اتصفت به معظم هذه المجموعات على غرار ما يجري في مخيم اليرموك من اقتتال بين (داعش والنصرة) وبين مجموعات جيش الإسلام ومجموعات أخرى تحمل أسماء مختلفة في مناطق أخرى.
وبالاستناد إلى هذه الحقيقة يلاحظ الجميع أن القيادة السورية تشجع أي مجموعة ترغب بتسوية أوضاعها على السير في هذا الاتجاه بينما تشهد الساحة السورية تناقصاً متزايداً بعدد أسماء المجموعات المسلحة التي ظهرت بمئات الأسماء والمنظمات المسلحة قبل أعوام ثم ها هي تتناقص ليصبح عددها لا يزيد على العشرات المتهالكة والمتنافسة على الغنائم بينما توظف دورها الأموال التي تنفقها عليها السعودية وقطر بشكل خاص حتى الآن.
ولذلك يتوقع المراقبون أن تشهد الأشهر المقبلة تصفية ما يزيد على 75% من وجود داعش والنصرة وعندها ستخسر بقية المجموعات المسلحة قوة داعش والنصرة التي كان الجيش السوري يضع مهمة تصفية وجودها في أولوياته .

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن