قضايا وآراء

منازلة سعودية قطرية في الغوطة الشرقية

| باسمة حامد 

من اللافت للانتباه أن(السحق المتبادل) بين الفصائل المسلحة في الغوطة الشرقية استعر في الآونة الأخيرة على وقع اتهامات متبادلة بالتكفير والخيانة وإثارة الفتن!!
والمفارقة أن المتحاربين يأكلون بعضهم البعض بالاغتيالات والبيانات والاعتقالات مستخدمين ذرائع واحدة:(الحرب ضد الفئة الباغية وكلاب أهل النار)، غير أن خلفيات الاقتتال الشرس الذي يحاول الإرهابي السعودي المدعو (عبد اللـه المحيسني) تطويقه بدعوات «الاحتكام لشرع اللـه والقضاء» لا علاقة لها على الإطلاق «بنصرة دين اللـه».
فما حصل بالغوطة الشرقية خلال الأسبوعين الأخيرين يعبر في جوهره الحقيقي عن حالة التنافس السعودي القطري في سورية، وقد صار معلوماً أن الطرفين دخلا على خط «الأزمة» منذ بداية أحداث 2011، لكن رغم المشروع الروسي (في مجلس الأمن)المتعلق بإدراج (جيش الإسلام) و(أحرار الشام) على لائحة الإرهاب كمحاولة هدفها مساندة الحلف التركي السعودي القطري في منع روسيا من الاستفراد بالوضع السوري.. إلا أنه من المتوقع ألا يصمد اتفاق التهدئة الذي وقعته تلك الجماعات على قاعدة:(تفويت الفرصة على النظام).
فانفجار الاقتتال مجدداً أمر وارد بتشجيع من الأنظمة الإقليمية الداعمة للجماعات المتطرفة وبتوقيت مناسب لها، كونها أُسست أصلاً لتنفيذ أجندات خارجية، والفصائل المتحاربة – بعد خسارتها العشرات من عناصرها في تلك المعارك بين قتلى وجرحى- لن تكف عن محاولاتها الرامية لفرض نفوذها على بعضها البعض، وهذه الإستراتيجية في القتال يتبعها ما يسمى (جيش الإسلام) بشكل ملحوظ.
والمهم في هذا المشهد، أن تلك المحاولات لم تمنع الجيش العربي السوري في الأيام القليلة الماضية من استثمار حالة الاشتباك الحاصلة بين المتطرفين لتحقيق التقدم الميداني واستعادة بعض المناطق كما حصل في (زبدين) مؤخراً، وإحرازه لهذا التقدم جاء بالتوازي مع الجهود الحكومية المبذولة لتعزيز خيار المصالحات الوطنية وتوسيع نطاقها. ما يعني أن المصير النهائي لأي فصيل – ولو اعتقد الآن أنه يحقق انتصاراً على غيره من الفصائل الأخرى- متوقف على المعركة التي سيخوضها مع الجيش العربي السوري لاحقاً، فالتعامل الدولي مع الملف السوري بات أقل انفصالاً عن الواقع في هذه المرحلة الدقيقة التي تعوّل فيها دول العالم على الدور الروسي في مجال مكافحة الإرهاب.
ومن دون أدنى شك فإن البيان الأميركي الروسي المشترك (الصادر في 10 أيار الجاري) لدعم وقف الأعمال القتالية ضبط مؤشر البوصلة السياسية على العنوان السياسي العريض أي:تعزيز جهود التوصل إلى حل سياسي «للأزمة» واستئناف مفاوضات جنيف برعاية أممية، قاطعاً الطريق على مشاغبات الرياض وأنقرة والدوحة وسط ترحيب الأمم المتحدة بهذه الخطوة باعتبارها: «تطوراً إيجابياً جديداً للأحداث».
وعلى الرغم من التشدد الإيراني حيال التصعيد التركي السعودي الأخير في حلب، كان لافتاً في هذا السياق تقرّب معظم زعماء دول المنطقة – بما فيهم حلفاء واشنطن- من موسكو الحليف الأساسي لطهران ودمشق في الفترة الماضية لحماية مصالحهم(ويبدو أن الروس والإيرانيون متفقون بشأن دعم الرئيس الأسد على أساس أنه ضمانة لعدم تحوّل سورية إلى ليبيا ثانية).
وربما يختصر السيف الدمشقي الذي أهداه الملك البحريني للرئيس الروسي قبل أيام هذه الحقائق، فسيف النصر أصبح بيد (فلاديمير بوتين) باعتراف الإدارة الأميركية وخصوصاً أن الحضور الجوي الروسي أحدث نقلة نوعية في الميدان السوري، بحيث أصبح الوضع الميداني لمصلحة الدولة أكثر من أي وقت مضى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن