قضايا وآراء

الزارة.. الجرح الفاغر!!

| محمد أحمد خبازي 

هي واحدة من المجازر الفظيعة التي ارتكبتها المجموعات الإرهابية في تاريخها الحافل بالإجرام، بل هي من أفظع المجازر الممنهجة والمرتكبة عن سبق إصرار وترصد، والتي لم تعرفها البشرية حتى في أكثر عصورها تخلفاً وهمجية وانحطاطاً، والتي تُضاف إلى سجلها الإرهابي الذي يندى له جبين الإنسانية لألف عام قادمة!!
لقد كنت صباح أمس بين أهالي الزارة الناجين من تلك المجزرة المروعة التي ارتكبتها قطعان الإرهابيين في بلدتهم الآمنة الوادعة فجر الخميس الماضي، واستمعت إلى حكاياتهم وقصصهم، ووثَّقت تفاصيل المجزرة التي عصفت بحياتهم، وفتكت بالأطفال حتى الرضع منهم، وبالعجائز الذين بلغوا من العمر عتياً!!
لقد جزَّ (ثوار الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية!!!!) رأس طفلة عمرها سبعة أشهر وعجوز قاربت المئة، وتباهوا بمنجزهم الثوري، وكأنهم فتحوا الأندلس أو سطروا انتصاراً ساحقاً ماحقاً على العدو الإسرائيلي في فلسطين أو الجولان الحبيب على أقل تقدير!!
لقد ارتكبوا مجزرتهم بدم بارد وحقد أسود، في الوقت الذي كانت تمتد فيه لمناطقهم يد المصالحة الوطنية حتى يعودوا عن غيهم وضلالهم إلى رشدهم، وإلى حضن الوطن ليمارسوا حياتهم فيه كسائر خلق الله، وحتى لا يدوسهم رجال الشمس بنعالهم.
ارتكبوا مجزرتهم ليثبتوا أن الذئب لا يمكن أن يصير حملاً وديعا ، وأن الحاقد لا يمكن أن يطهر قلبه من الكراهية، وأن الأدوات والإمعات لا يمكن أن تصبح أسياداً.
وباعتقادي مجزرة الزارة غير كل المجازر التي ارتكبتها المجموعات الإرهابية ضد كل المكونات المجتمعية في بلدنا الحبيب، فهي أكثر وحشية وأكثر دموية وأكثر شراسة بحق أهالي تلك القرية التي كانت تنام على كتف العاصي، وأمست اليوم تنام على كتف الأسى.
حقيقة ، ما سمعته من الأهالي الناجين من سكاكين الإرهابيين وسواطيرهم ونيران رشاشات حقدهم الثقيلة وآربيجياتهم، لا أستطيع ذكره لكم لهوله، ولا أجرؤ على خطِّه، وما نشره الإرهابيون على صفحاتهم الدموية هو بعض ما ارتكبوه، والواقع أكثر إيلاماً منه بكثير الكثير.
الزارة، ستبقى الجرح الفاغر في جسد الوطن، حتى يثأر الجيش السوري لأطفالها ونسائها وعجائزها ورجالها، ويحرر مخطوفيها، وينشر شمسه في مداها وأحداق أهلها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن