قضايا وآراء

محاولات تعويم «النصرة» الإرهابية

| صياح عزام 

هناك إشارات كثيرة تدل على أن بعض دول المنطقة وفي مقدمتهم السعودية وتركيا وقطر تضغط لتسويق جبهة النصرة الإرهابية، من خلال محاولات إدراجها في اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي تعمل عليه كل من موسكو وواشنطن، منها: ما أشار إليه وزير الخارجية الروسي «لافروف» عندما قال بشكل صريح منذ فترة وجيزة: إن واشنطن حاولت إقناع موسكو بذلك، ولكن من دون جدوى. ومن هذه الإشارات أيضاً، أن «رياض حجاب» مُنسق مفاوضات وفد الرياض أكد على ما سماه «لا واقعية» مطلب الفرز الجغرافي بين وحدات المعارضة المسلحة المعتدلة من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة من جهة أخرى، وجادل حول ضرورة شمول الهدنة لجميع المناطق السورية بما في ذلك مناطق سيطرة النصرة، معتبراً ذلك شرطاً لتجاوب معارضة الرياض مع جهود راعيي الهدنة ومسار جنيف.
بالطبع تصريحات «حجاب» هذه منسجمة تماماً مع موقفي تركيا والسعودية، وهذا ما نوه إليه «لافروف» عندما غمز من قناة داعمي المعارضة في المنطقة خاصة تركيا التي سماها بالاسم، هذا إضافة إلى أن مواقف السعودية لم تتغير كما جاء في حديث «عادل الجبير» وزير خارجية آل سعود في المؤتمر الصحفي الذي عقده في جنيف بعد لقائه «جون كيري»، إذ إن الإصرار على رحيل الأسد بالقوة ما زال على حاله.
ولكن على ضوء خرائط انتشار القوات المتحاربة، يتضح أن جبهة النصرة وما تبقى مما يسمى الجيش الحر لا يسيطران سوى على مساحة قليلة من الأراضي السورية لا تتعدى 7-8%، وهي محصورة في إدلب والقنيطرة وحماة وحمص وغوطة دمشق، وغياب كامل عن عدد من المحافظات، والأهم من ذلك، أن إرهابيي النصرة في هذه المناطق متداخلون مع إرهابيي التنظميات المسلحة الأخرى على الأرض، بينما تحاول تركيا والسعودية دمج الجميع تحت مسمى «المعارضة المعتدلة» هذا في الوقت الذي تسيطر فيه داعش على مساحات أوسع وإن كانت أغلبيتها صحارى وبواد، حتى إن القوات الكردية وما تسمى قوات سورية الديمقراطية تسيطر على مساحات أوسع من التي تسيطر عليها جبهة النصرة وبقايا ما يسمى الجيش الحر.
إذاً، موضوع تبني النصرة، يهدف إلى تعويمها واعتبارها من المعارضة المعتدلة، علماً بأنها مصنفة دولياً في قائمة المنظمات الإرهابية وهي الفرع السوري لتنظيم القاعدة.
في الوقت ذاته، يتذكر الجميع المساعي التركية والقطرية والسعودية التي بذلت لإقناع جبهة النصرة بفك ارتباطها بالقاعدة ولو شكلياً على الأقل من أجل إدراجها ضمن المعارضة المعتدلة، إلا أن النصرة رفضت ذلك، هذا إضافة إلى عمليات التلميع الإعلامي من محطة الجزيرة العميلة لـ«أبي محمد الجولاني» عندما أجرت معه مقابلة عشية انطلاق مسار جنيف وقبله.
وهنا يبرز السؤال التالي: لماذا هذه المحاولات لتعويم النصرة؟ الجواب واضح، وهو أن النصرة وازنة عسكرياً بين التنظيمات الإرهابية الأخرى، ومن دونها لا تساوي هذه التنظيمات شيئاً على أرض الميدان، إضافة إلى أن دعمها عسكرياً ومالياً لم يتوقف يوماً، بل ازداد غزارة في معظم الأحيان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن