شؤون محلية

من حكايا المهجرين… «أبو مهند» يحصد سنابل الرقة في اللاذقية

| اللاذقية- عبير سمير محمود

«ما ضل عندي لا قمحة ولا شعيرة… فكل ما رزقني اللـه به أخذه الإرهابيون مني بعد أن احتلوا بيتي وحرقوا أرضي… اللـه يحرقهم بنار جهنم قريباً» يرفع أبو مهند يديه للسماء راجياً اللـه عز وجل أن ينتقم من كل تكفيري هاجم سورية وخرّب عيشة أهلها كما ذكر في حديثه لـ«الوطن» وهو المهجّر من محافظة الرقة منذ ثلاث سنوات تاركاً الرفاهية التي كان قد وفّرها لأولاده من خلال عمله بالزراعة وامتلاكه لأراض كبيرة خصصها لمحاصيل القمح والشعير، ليحصد أبو مهند أهم الأحداث التي زُرعت في ذاكرته قبل أن يحرق المسلحون أجملها كما قال لـ«الوطن» مضيفاً: كانت السنابل تغنيني وما تخليني أحتاج حداً، والمصاري ما كنت أعرف وين بدي روح فيها كان رزقي وفير الحمد للـه عكس هالأيام اللي صرت انتظر يوميتي عالسيارة لحتى أقدر عيش! مستذكراً وهو يحرك مقود سيارة الأجرة التي اشتراها مقابل بيعه سيارته الخاصة بعد وصوله اللاذقية بفترة وجيزة مخافة أن يصرف نقودها دون أن يبقى له أي دخل يعيش به وعائلته المتبقية بـ5 أشخاص بعد أن استشهد ابنه الأكبر أمام منزله بالرقة، قائلاً: مع بداية عام 2013 دخل المسلحون بإرهابهم ونجاستهم التكفيرية إلى مدينتنا (هيّالة تبعد نحو 80 كيلو متراً عن مدينة الرقة) بأعداد لا يمكن تخيلها، نهبوا المنازل وحرقوا الأراضي التي نعتمد عليها في معيشتنا فأغلبنا فلاحون نأكل من خير هذه الأرض التي دنسها الإرهاب وحرمنا رزقها وأمانها، ما اضطرنا للفرار من دون أن نأخذ معنا أي شيء سوى ملابسنا التي كنا نرتديها، ركبنا السيارة واتخذنا طريقنا إلى اللاذقية حيث استأجرت منزلاً بمنطقة المشروع السابع لأنه قريب من الجامعة حتى لا يتكبد أولادي عناء المسافة وأجرة الطريق، وأكبرهم في السنة الرابعة بكلية الهندسة المدنية والأوسط بكلية العمارة في السنة الثانية على حين وحيدتي تدرس الطب البشري وجميعهم بجامعة تشرين، ولا أخفي عنائي من كيفية تدبر أمورهم جميعاً فبعد أن اعتادوا هناك (بالرقة) على العيش بدلال ورفاهية كاملة، اليوم ينتظرون ما ترزقني به هذه السيارة بعملي ليلاً نهاراً لأكسب ما يقارب 3 آلاف ليرة يومياً كمربح صاف فأوزعها عليهم حتى لا يضطرون للعمل وترك الدراسة، وعن مصروف الآجار وباقي المستلزمات المعيشية يقول الفلاح أبو مهند كما يطلق على نفسه: حين كنا نقصد اللاذقية للسياحة كان الأصدقاء كثراً، رغم تناقصهم إلا أن الخير ما بيضيع بابن الأصل واللي بيزرع بيحصد، كما أن أخي الذي يقيم خارج البلاد منذ أكثر من 20 عاماً يساعدني بأجرة المنزل وهي بقيمة 25 ألف ليرة شهرياً التي لم يرفعها صاحب العقار -ابن حلال- وهو على معرفة سابقة بنا فرأف بحالنا ولم ينسَ الخبز والملح بيننا أيام كنا أهل عزّ كما ذكر لي حتى لا يشعرني «بمنية» بعد أن جار الزمن عليّ، وأي عمل أكسب منه لأعيل أولادي لا أخجل منه المهم ما أضطر للشحادة، لا زرعنا ولا فلحنا راح كل الرزق وراح شباب كتير، المهم ما يروح اللي بقي من الوطن ويرجع أحسن من الأول قريباً بإذن اللـه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن