سورية

هل يمنح هاموند معارضة الرياض «الأمان» حول أزمة بلد «متعاون استخباراتياً»

| سامر ضاحي

وصل وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أمس إلى العاصمة السعودية الرياض مفتتحاً جولة يزور خلالها عواصم الخليج الست، استبقتها معارضة الرياض بطلب «بيئة أمنة» للعودة إلى محادثات جنيف.
ورغم أن طلب الهيئة العليا للمفاوضات موجه بالدرجة الأولى للجهات الراعية للحوار السوري السوري «المتعثر حالياً» في جنيف وعلى رأسها العاصمتان موسكو وواشنطن اللتان تشغلان الرئاسة المشتركة لمجموعة الدعم الدولية لسورية إلا أن التسريبات الصحفية التي سبقت وصول هاموند إلى دول «حلفاء الهيئة» كشفت عن تعاون أوروبا استخباراتياً مع دمشق في مجال مكافحة داعش، لا بل من الممكن أن تحرج التسريبات حكام أوروبا أمام شعوبهم ولا سيما أنها أكدت أن دمشق قدمت «معلومات مهمة جداً» كان يمكن من خلالها وقف بعض إرهابيي التنظيم الذين شنوا اعتداءات باريس منتصف تشرين الثاني الماضي.
ومما لا شك فيه أن أمن أوروبا يهم شعوبها أكثر بكثير مما يهمها ما يحصل في سورية، لكن التسريبات الأخيرة من الممكن أن تضغط على زيارة هاموند للخليجيين الذين يرغبون من أوروبا تعاطفاً أكثر في موقفها من الأزمة السورية، إلا أن أمنيات الخليج تصطدم بالتجاذب البريطاني مع الاتحاد الأوروبي والحديث الذي راج سابقاً عن انسحاب لندن من الاتحاد ما يمكن أن يسبغ لاحقاً على السياسة البريطانية رغبة في اتخاذ منحى منفرد قليلاً عن سياسة الاتحاد.
كل التجاذبات السابقة دفعت المتحدث الرسمي باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إدوين صمويل للإعلان أن الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام سيتصدرها ملفان رئيسيان هما محاربة تنظيم داعش الإرهابي والأزمة في اليمن، متجنباً إقحام الأزمة السورية في صلب المواضيع الأساسية التي سيتم البحث فيها أي أن هاموند لن يغوص كثيراً مع الخليجيين في عمق المسألة السورية، ولا سيما أن موقف بلاده خرج قليلاً عن الجمود السابق بخصوص موقفها من دور الرئيس بشار الأسد في مستقبل العملية السياسية في سورية، الأمر الذي كشف عنه هاموند شخصياً منذ أيلول الماضي عندما أكد أن لندن «مستعدة لبقاء الرئيس الأسد رئيساً لفترة انتقالية».
وتأتي زيارة هاموند بعد موقف لافت لبلاده بشأن حليفة الخليجيين في أزمات سورية واليمن، أي تركيا، حيث أكد رئيسُ الوزراء ديفيد كاميرون أن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي «سيستغرقُ عقوداً»، على حين استبقت الهيئة العليا للمفاوضات وصول هاموند إلى الرياض ولقاءه وزير خارجيتها عادل الجبير بمناقشة مستقبل العملية السياسية وفرص العودة إلى طاولة المفاوضات في جنيف.
ورأت الهيئة ضرورة توفير بيئة آمنة للتفاوض عبر «فك الحصار عن المدن والمناطق المحاصرة وتمكين الوكالات الإنسانية من توصيل المساعدات إلى جميع من هم في حاجة إليها، والإفراج عن المعتقلين، ووقف عمليات القصف الجوي والمدفعي والهجمات على المدنيين والأهداف المدنية، ووقف عمليات التهجير القسري، ووقف تنفيذ أحكام الإعدام»، وهو أمر لا شك فيه وأن من يضع شروطاً كهذه فلا بد أنه يسيطر على الميدان بشكل كامل إلا أن ما تسميه معارضة الرياض «فصائل معارضة معتدلة» حليفة لا تسيطر عملياً إلا على مساحات قليلة جداً ومعظمها يصعب التمييز بينها وبين جبهة النصرة الإرهابية وبالتالي وضعت الهيئة نفسها أمام تحد فإما أنها تدعم جبهة النصرة وتعتبرها من فصائل المعارضة وتورط نفسها بأنها راع سياسي لمنظمة إرهابية وإما أنها تتبرأ بالكامل من النصرة ومن ثم تقر لموسكو «التي تتهمها بقصف المدنيين» بشرعية استهدافها للنصرة والفصائل المتآلفة معها.
كل ما سبق من المرجح ألا يسبغ أي جدية على المفاوضات المتعثرة في جنيف ولا يبدو ثمة امل بأن تساهم زيارة هاموند بتقريب موعد المحادثات التي بات موعدها القادم في غياهب التأجيل المتكرر والتكهنات، كما أن لندن لا تمتلك موقفاً مرجحاً في ميزان الأزمة السورية فأي لقاء أو موقف يشهد تقارباً بين لندن والعليا للمفاوضات فلن يكون بمقدوره منح الأخيرة «الأمان» الذي تنشده سواء في شروطها «التعجيزية» أم حتى من خلال موقع لندن «غير الرائد» في مجموعة الدعم الدولية.
الأزمة السورية وإن قال الجبير: إن لبلاده ولندن وجهتي نظر متوافقتين فيها إلا أن الجميع يبدو أنهم وجدوا في شهر رمضان فرصة لترحيل إقرار خلافاتهم بشأنها ولا سيما في ظل استمرار ضبابية انعقاد الجولة المقبلة، إلا أن مواقف لندن لا شك أنها ستتحدد برغبة الناخب البريطاني قبل أي شيء وهذا الناخب يهمه مكافحة داعش ولا يهمه ما يتمناه الخليجيون والأتراك ومجموعات المعارضة وتنظيماتها سواء المسلحة منها أم السياسية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن