قضايا وآراء

لماذا تصعيد الإرهاب والترهيب ضد المدنيين؟

| صياح عزام 

مؤخراً ضرب الإرهاب التكفيري الأسود الساحل السوري الآمن عبر التفجيرات السبعة الدموية في كل من مدينتي طرطوس وجبلة، وذلك في إشارة واضحة إلى استمرار مسلسل الاعتداءات الإرهابية بالقذائف الصاروخية على عدة أحياء في حلب وفي نبل والزهراء ودرعا وغيرها والتي راح ضحيتها عدد من المدنيين الأبرياء إلى جانب ما لحق بالأبنية السكنية من دمار، ومن ثمَّ يتضح أن هذه الأعمال والجرائم الإرهابية لم تعد تستهدف المواقع والمنشآت الحيوية ونقاط الجيش العربي السوري فقط، بل أخذت تركّز على المناطق المدنية الآمنة والمأهولة بالسكان.
إن الهدف من ذلك واضح، وهو تصعيد الإرهاب والترهيب في المناطق الآمنة إلى حدّ ما لإحداث خلل أمني فيها، لكسب بعض أوراق الضغط الشعبي على الدولة السورية ودفعها إلى تقديم تنازلات سياسية لمُشغِّلي المجموعات الإرهابية وتمويلهم، بما يُحسّن مواقع أدواتهم وأتباعهم على طاولة المفاوضات في جنيف.
معلوم أن الميدان هو الذي يُحسّن أو يُضعِف القدرة على التأثير في الأوراق التفاوضية ويؤدي إلى انتزاع المكاسب من الطرف الآخر، إلا أن ما يُثير العديد من التساؤلات هو اختيار زمان ومكان وطريقة التفجيرات السبعة الأخيرة في طرطوس وجبلة، حيث قبل أيام من التفجيرات الإجرامية المذكورة دعا الإرهابي السعودي الجنسيّة «عبد الله المحيسني»؛ عَلَنَاً وصراحة إلى ضرب المناطق الآمنة في سورية، وبذلك جاءت هذه التفجيرات لتطلق عدة إشارات واضحة.
أوّلها: استهداف مدينتين آمنتين إلى حدّ ما بقيتا خلال السنوات الماضية بعيدتين عن جرائم المجموعات الإرهابية، والإشارة الثانية هي الدقة في انتقاء الأهداف بحيث يقع أكبر حجم مُروِّع من الضحايا البشرية ومن الدمار في المنشآت الصحية والخدمية والأبنية والسيارات العامة والخاصة العائدة للمواطنين، ولدرجة أن مركزاً إسعافياً- عادة ما يكون مزدحماً بالمراجعين من مرضى ومرافقين لهم كان في دائرة الاستهداف، أما الإشارة الثالثة فهي أن التفجيرات تزامنت مع بدء الولايات المتحدة والقوى الكردية الموالية لها معركة تحرير «الرقة» وأيضاً مع إعلان روسيا الاتحادية عن استئناف ضربات الطيران الروسي لمواقع جبهة النصرة الإرهابية في الخامس والعشرين من شهر أيار 2016 (لاحقاً تمّ تأجيل هذا الموعد بناء على طلب أمريكي).
إن كل ذلك يؤكد أن تفجيرات طرطوس وجبلة جاءت في سياق محاولات الضغط على روسيا وسورية لإعادة حساباتهما حسب تصور الإرهابيين ورعاتهم كما يقول أكثر من محلل سياسي وعسكري… وربما يكون ما حصل هو البديل من الخطة «ب» التي تحدثت عنها في وقت سابق وليس ببعيد أوساط سياسية وإعلامية أمريكية وغربية وإقليمية ونفتها في الوقت نفسه أوساط أمريكية رسمية، والتي من شأنها أن تُعزّز أوضاع حلفاء واشنطن وأدواتها، وتخفّف من وقْع الانكسارات الكبيرة التي كبّدهم إياها الجيش السوري بدعم من الطيران الروسي وهنا لا نبتعد عن الحقيقة عندما نقول: إن المجموعات الإرهابية وداعميها ورعاتها استغلّوا الهدنة التي التزمت بها سورية لترميم أوضاعهم الميدانية بعد أن تدفّقت عليهم الأسلحة النوعيّة عبر الحدود التركية، إلى جانب الآلاف من الإرهابيين الجُدد، والسؤال: هل هناك تناسب بين ما ترسخه الهدنة أو وقف الأعمال القتالية ظاهرياً وبين التصعيد العسكري للإرهابيين على جبهات القتال في حلب وغيرها، أو من خلال التفجيرات في المناطق الآمنة؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن