قضايا وآراء

معركة الرقة: طوق حلب يكتمل جواً والجيش ينفّذ وعد 13 شباط

| عامر نعيم إلياس

يوم السبت في الثالث عشر من شباط من هذا العام قال مصدر عسكري رسمي: «إن الجيش العربي السوري ينوي التقدم إلى محافظة الرقة الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، وذلك بعد السيطرة على مواقع على أطراف المحافظة». وأضاف المصدر العسكري: «هذا مؤشر على اتجاه العمليات القادمة نحو الرقة. بوجه عام جبهة الرقة مفتوحة، بدءاً في اتجاه منطقة الطبقة». وفى المصدر العسكري بوعده وانطلقت العمليات العسكرية باتجاه الرقة لدرء خطر تقسيم سورية انطلاقاً من المدينة الواقعة غرب نهر الفرات. البدء من الطبقة الحاضرة في وجدان كل من يعايش اليوم الحرب التي تمر بها البلاد، فمنذ العام 1968 تاريخ الشروع ببناء «سد الفرات» لم تغب المدينة عن ذاكرة الأجيال السورية المتعاقبة حتى يومنا هذا. ولعل في رمزية السد وبحيرة الأسد إلى جانب المطار العسكري ومحطة توليد الكهرباء وموقع المدينة الإستراتيجي على بعد 50 كم من مدينة الرقة عاصمة المحافظة التي تحمل اسمها، جعلت من التوجّه صوب الطبقة، أمراً لا بد منه.
إن تنفيذ بيان المصدر العسكري الذي أرّخ قبل 4 أشهر لبدء معركة الرقة، ليس من قبيل المصادفة، فما يقوم به الجيش السوري والقوات الرديفة اليوم كان مخططاً له أن يتم بعد استكمال طوق حلب وتجهيز القوات اللازمة لشن عملية عسكرية واسعة باتجاه مدينة الرقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي منذ العام 2014، ويتم ذلك بالتوازي مع توسيع طوق الأمان والقضم التدريجي للمناطق الواقعة على امتداد طريق أثريا الرقة وأهمها مدينة «الزاكية» التي تقع على مفترق طرق الرقة وحلب ودير الزور.

القرار السياسي والتنسيق:
معركة بحجم معركة الرقة تحتاج إلى قرار سياسي على مستوىً عال، هنا تحضر سيناريوهات من قبيل تأكيد حصول تنسيق أميركي روسي فيما يخص هذه العملية العسكرية التي دخل بموجبها الجيش السوري والقوات الرديفة الحدود الإدارية لمحافظة الرقة للمرة الأولى منذ العام 2014. هذا التنسيق الذي يستمد مصداقيته من كون العملية السورية الروسية المشتركة باتجاه الرقة أتت على خلفية العملية الأميركية الكردية باتجاه المدينة نفسها التي تحوّلت بشكل مفاجئ إلى منبج في شمال حلب، وصدّق عليها الرئيس التركي أردوغان في مشهدٍ هزلي يعكس الدور الوظيفي للأنظمة المحيطة بسورية في حال قررت واشنطن أن تدعم طرفاً ما، أو تتجه إلى مكان ما، فالسلطان العثماني رأى أن المقاتلين الوافدين إلى منبج تحت راية سلاح الجو الأميركي هم من العرب ولا مانع من ذلك، أما الأكراد فإنهم لن يدخلوا منبج.
لكن على الرغم من ذلك فإن سيناريو القرار المستقل، دون التنسيق مع واشنطن، بكسر الهجوم الأميركي على الرقة عبر الكرد لا يمكن إلا أن يكون له مكان في سياق السيناريوهات المتوقعة، فنحن أمام بيان عسكري سوري تحدث منذ شباط عن الرقة، ونحن أمام اندفاعة لمنع تقسيم البلاد وهذا الأمر تحديداً من أولويات الدولة السورية، كما أن الرقة لم تكن في حسبان المخطط الروسي والسوري في كونها أولوية لدى إدارة أوباما، فالتوجه والضخ الإعلامي كان حينها يصب في مصلحة تصفية وجود داعش في الموصل، التي أصبحت اليوم ملفاً مؤجّلاً إلى الإدارة الأميركية المقبلة، بينما الفيدرالية الكردية في سورية وإصرار سياسييها على اعتبار الرقة جزءاً مما يسمى «إقليم شمال سورية»، دفع الجميع إلى إعادة الحسابات بما فيها موسكو التي راهنت وحيدةً من بين حلفائها على نجاعة «وقف العمليات القتالية» في سورية، الذي انقلب عليها في المنطقة الأكثر حساسيةً في البلاد وهي مدينة حلب، لذلك رأينا أن قطع طريق الكاستيللو، وهو أحد أهم شروط الانتقال إلى عملية نوعية وكبيرة من حجم تحرير الرقة، والذي أوقفته الهدنة، تمت الاستعاضة عنه حالياً بقصف جوي مركّز يقطع الطريق جواً وليس براً، في خيار مؤقت ناجع على المدى المتوسط.
يتّجه الجيش السوري نحو الطبقة ومنها يطل على الرقة، التي يرابط الكرد على بعد 40 كم منها في عين عيسى، بينما لا يمكن الجزم بالمرحلة الثانية من العملية، لكن المؤكد أن خيار دخول الرقة وتحريرها من داعش ليس خياراً خاضعاً للتفاوض، بل هو جزء من خطة الجيش العربي السوري للدخول إلى شرق سورية وبدء معركة تحريره ضمن معادلة الرقة أولاً، إن صحّ التعبير.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن