الأخبار البارزة

حول رداءة الخبز..مدير المخابز: المشكلة في الطحين..ومدير المطاحن: بل في طريقة العجن

بثينة البلخي: 

أصبح رغيف الخبز، الشغل الشاغل اليوم لكثير من السوريين الذين وجدوا أنفسهم فجأة أمام رغيف غريب عن ذاك الذي كانوا يتفاخرون بأنه الأكثر جودة، والأطيب طعما بين بلدان المنطقة، أسمر، سريع التكسر والتفتت، مذاقه غير مرض في أغلب الأحيان، لكن واقع الأمر يقول إن هذه المواصفات لا تنسحب على خبز جميع الأفران، ففي حين ينتج بعضها خبزا يتحمل البيات لأيام تتجاوز الأربعة، ويحتفظ بطراوته وطعمه المحبب، يتحول خبز بعضها الآخر إلى طعام للحيوانات، أو رميه في أكياس قرب حاويات القمامة، وفي أحسن الأحوال تستعين به ربات البيوت في صنع «الفتة» وغيرها من الأطعمة الشعبية.
ولدى البحث في الأمر، تحول الرغيف إلى كرة تقاذفتها الجهات المعنية بين منتج للمادة الأولية يؤكد صلاحيتها ونجاح التجارب التي أجريت عليها، ومستخدم لها يبرر أن طريقته في العجن والخبز لم تتغير ويعيد الكرة إلى منتج الطحين، ومراقب يحار بين الإثنين وتعوزه الخبرة ليكتشف مواطن الخلل، ومستهلك يقلب الرغيف على حظه بين فرن ينتجه له بجودة عالية وآخر يعلمه أن الخبز ليس للأكل وحده!!
لدى سؤال مدير المخابز عثمان حامد عن سبب رداءة الخبز المنتج في بعض الأفران، عزا المسألة برمتها إلى الطحين الموزع على المخابز، مؤكداً أن طريقة الخبز والعجن لم تتغير، والمادة الأولية هي التي تؤثر على جودة الرغيف.
وهنا كان بيت القصيد، طريقة الخبز والعجن، فحسب المدير العام لشركة المطاحن زياد بلة، تؤثر هذه الطريقة في جودة الرغيف، فبعد قرار رئاسة مجلس الوزراء برفع نسبة استخراج الطحين من 80% إلى 95%، أي طحن جزء من قشرة حبة القمح بات من الطبيعي أن يتغير لون الرغيف إلى الأسمر، لكن هذا لا يعني أنه سيكون رديئا بحيث يتكسر أو يتفتت، ويصعب حفظه لأكثر من يوم، لأنه يمكن عبر زيادة مدة العجن، وإضافة الخميرة بنسبة معينة، إنتاج رغيف جيد، وهو ما يكشف عنه اختلاف جودة الخبز من فرن لآخر.
ويؤكد بلة أن الشركة أجرت مجموعة من تجارب الخبز والبيات الأكاديمية بالتعاون مع الشركة العامة للحبوب وإدارة المخابز وجمعية اتحاد الحرفيين، وبينت أنه بالإمكان إنتاج رغيف خبز بمواصفات جودة عالية حتى مع نسبة الاستخراج الجديدة، لافتا إلى أنه سيتم تعميم هذه التجارب قريبا، وأن بعض الأفران استطاعت وحدها التعامل مع الطحين الجديد، وزادت مدة العجن من 12 دقيقة إلى 25، وهو ما ساعد في إنتاجها الخبز الجيد والمقبول.
رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني، اعتبر أن الحل في تصغير رغيف الخبز!! وهو المقترح الذي قدمته الجمعية تحت قبة مجلس الشعب، لكنه «لم يلق آذانا صاغية» حسب دخاخني، الذي أشار إلى الهدر الكبير من قبل مستهلكي الخبز، ما يجعل حل مسألتي الجودة والهدر، تصغير حجم الرغيف.
وأكد دخاخني أن الجمعية خاطبت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بهذا الاقتراح لكنها لم تتجاوب، «مع أنهم يقولون إن ربطة الخبز تكلف الحكومة ما بين 110-120ل.س، فيما تباع للمستهلك بـ35 ليرة، وهنا السؤال لم لا تضعون حدا لهدر الخبز ورداءته؟» لافتا إلى أنه لا بد من حل هذه المعضلة ولاسيما «مع قرب حلول شهر رمضان، إذ من حق المواطن أن يأكل لقمة هنية».
في إطار الدور الرقابي أيضا، بيّن مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية باسل طحان أن المديرية نظمت منذ بداية العام الحالي وحتى تاريخ 31/5، 720 ضبطا تشمل سوء إنتاج الخبز والبيع بسعر زائد، موضحاً أن المراقب ينظم الضبط في حال كانت المخالفة ظاهرة على الرغيف (ملتصق الشطرين، محروق، قطره أصغر من 20 سم، وجود مواد مخالفة في محتوى العجين)، كما أن المديرية تبادر إلى ممارسة دورها في حال ورود شكوى من المواطنين عن رداءة المنتج.
ولفت طحان إلى أن جميع الجهات مسؤولة عن إنتاج رغيف خبز جيد، ولا يجوز أن تلقي إحداها اللوم على الأخرى، لأن الإمكانات متاحة، والمطلوب تطوير الأدوات وفق المعطيات الجديدة، أي نسبة استخراج الطحين التي لم تعتدها الأفران سابقا.
أمام الآراء العديدة والمتنوعة كل حسب موقعه فإن واقع الأمر يؤكد أنه لا بد من انتظار تعميم تجارب شركة المطاحن الناجحة – حسب قولها- على رغيف الخبز، وحتى ذلك الحين فإن السوريين مستمرون في التنقل بين الأفران لاكتشاف الخبيرة بينها في إنتاج الخبز الجيد، أو أكله رديئا، أو هدره.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن