قضايا وآراء

ماذا بعد موافقة دول عربية على أن تكون إسرائيل هي الحكم في مكافحة الإرهاب؟

| تحسين الحلبي 

يبدو من الواضح تماماً أن نتنياهو بدأ يسعى منذ الآن إلى فرض شروطه على «المبادرة العربية للسلام» فقد أعلن أمس أن هذه المبادرة لن «تتعامل معها إسرائيل إلا إذا وافقت الجامعة العربية على الشروط التي يريد فرضها في المبادرة» وقال أمام وزراء حكومته: إن الإيجابية التي تراها إسرائيل في هذه المبادرة هي «استعداد الجامعة العربية ودولها لإجراء تطبيع وعلاقات سلام مع إسرائيل».
وبالمقابل أعلنت الدول الأوروبية أنها توافق على أن يكون رئيس اللجنة القضائية للحرب على الإرهاب قاضياً إسرائيلياً تختاره إسرائيل لهذا المنصب وهذا يعني أن إسرائيل هي التي ستحدد من «الإرهابي» وتحاكمه باسم الأمم المتحدة؟ والسؤال هو هل ستوافق الجامعة العربية أو دول النظام الرسمي العربي على هذا الاقتراح وإذا لم توافق فهل سوف تصوت ضد هذا القرار في الأمم المتحدة وتجند له الدول الإسلامية وتجمع له الأغلبية بعد أن صمتت معظم دول النظام الرسمي العربي على كل ما تسلمته إسرائيل من مهام ومناصب في لجان الأمم المتحدة؟!
ومن الملاحظ أن إسرائيل بدأت تحاصر كل قرار عربي يدعو للمحافظة على حقوق العرب في الأمم المتحدة وفي الساحة الدبلوماسية فقد أعلنت البرازيل بعد أن أطاح انقلاب سياسي داخلي برئيسة البرازيل أن الرئيس الجديد البرازيلي قرر التراجع عن موافقة البرازيل على قرار تقدم به ممثل فلسطين في منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة بعدم وجود صلة لليهود بالمسجد الأقصى وساحاته… ودعا الممثل البرازيلي قبل أسبوع إلى إلغاء هذا القرار والتأكيد على حق إسرائيل الديني والعملي في المسجد الأقصى وساحاته..
وبالمقابل كان نتنياهو قد طلب من الرئيس الفرنسي الذي تستضيف باريس المقر الدائم لمنظمة اليونيسكو مراجعة هذا القرار والتأكيد على ما ترغب به إسرائيل من المسجد الأقصى وساحاته وذكرت المجلة الإسرائيلية الإلكترونية (تايمز اوف إسرائيل) أن هولاند قال لنتنياهو: إن «سوء فهم وقع أثناء التصويت ولولا سوء الفهم هذا لما صوتت فرنسا لمصلحة الاقتراح الفلسطيني ولما حصل ما حصل» ولا شك أن هذه الملاحظات المهمة لحقوق العرب والمسلمين في القدس والمسجد الأقصى بالذات كان يجب أن تثير اهتمام جميع الدول العربية وخصوصاً أن نتنياهو يرسل الآن لأصحاب «المبادرة العربية» للتطبيع والسلام مع إسرائيل شروطه لكي يتجاوب معهم.
وهو بالمقابل يحاول بتجنيد دول كثيرة من الولايات المتحدة إلى أصغر دولة لكي يفرض على الدول العربية شروط إسرائيل، وإذا ما نجح مشروع إسرائيل في تعيين قاضي إسرائيلي رئيساً للجنة القضائية للحرب على الإرهاب التابعة للأمم المتحدة فإن مثل هذا الإجراء سيشكل أبشع جريمة حرب ترتكبها كل دولة توافق على هذا الاقتراح الإسرائيلي.
فالكل يرى أن إسرائيل دولة تحتل أراضي الفلسطينيين وأراضي سورية في الجولان وترتكب كل جرائم الإرهاب بل إنها تدعم مجموعات داعش الإرهابية وكذلك القاعدة والنصرة فهل سيحاكم هذا القاضي الإسرائيلي حكومة نتنياهو التي أعلنت في مناسبات كثيرة أنها تقدم كل الخدمات والدعم للمجموعات الإرهابية التي يقول العالم إنه يشن حرباً ضدها؟!
والسؤال الذي يطرح نفسه أمام هذه الغطرسة الإسرائيلية أما آن الأوان لدول النظام الرسمي العربي أن تتوقف عن حروبها ضد سورية واليمن والعراق لكي يتسنى حماية حقوق العرب والمسلمين في القدس وحقوق الفلسطينيين في وطنهم قبل أن تفرض عليهم إسرائيل شروطها داخل «المبادرة العربية للتطبيع والسلام»؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن