الأولى

مشروع صقور الليبرالية

| تيري ميسان 

أطلق «الصقور الليبراليون» عملية واسعة النطاق داخل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، أملاً في الاستفادة من الحملة الانتخابية الجارية حاليا، لإجبار الرئيس القادم على قلب نظام الجمهورية العربية السورية.
كان أول تحرك لهم، توجيه برقية إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري مذيلة بتوقيع واحد وخمسين دبلوماسياً، للطعن بسياسته عبر القنوات القانونية من داخل وزارته.
للأسف، لم يتسرب أي من أسماء الموقعين والوظائف التي يشغلونها، حتى نتمكن من تقدير مدى نفوذهم، وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الناطق التقليدي باسم الجمهوريين المطبلين للحرب، هي التي كشفت في 17 حزيران الجاري عن هذه البرقية.
أما تحركهم الثاني، فسيكون في 20 تموز القادم من خلال نشر تقرير صادر عن «مركز الأمن الأميركي الجديد»، حول مكافحة داعش، وعرضه، أثناء المؤتمر السنوي لهذا المركز البحثي على وزير الدفاع أشتون كارتر ونائب الرئيس جو بايدن.
هذه الوثيقة المعنونة «هزيمة الدولة الإسلامية، مقاربة من أسفل إلى أعلى» المرسلة نسخة عنها إلى وسائل الإعلام، تؤكد أن المعركة ضد المنظمة الإسلامية ستكون طويلة جداً، وأنه لن يكون النصر فيها ممكناً، إلا من خلال الاعتماد على السكان السنة، ما يقتضي استبعاد الإستراتيجية الحالية، القائمة على الأكراد، وتضمين الإطاحة مسبقاً بالرئيس السوري بشار الأسد، وبهذا نكون قد عدنا إلى المربع الأول: الحاجة الملحة إلى تغيير النظام في دمشق، وليس داعش.
مع ذلك، تقدم لنا هذه الوثيقة موقفاً واضحاً للصقور الليبراليين، فهم لا يسعون إلى تبرير تدمير الجمهورية العربية السورية، من خلال نسب الجرائم إلى النظام، بل على العكس من ذلك، أصبحوا يقرون أن دمشق تدعمها أغلبية السكان، لكنهم يطرحون شرطاً مسبقاً مفاده أن بعض السنة لا يمكنهم تقبل نظام علماني يقوده الرئيس الأسد. وهو موقف إيديولوجي تتفق معه المشيخات الوهابية بدءاً من المملكة العربية السعودية فقطر فإمارة الشارقة، والذي يلقى صدى له أيضاً، ليس في تركيا بل في شخص رئيسها نفسه المنحدر من «رؤيا الملة».
وتم تشكيل «مركز الأمن الأميركي الجديد» في عام 2007، أثناء احتلال العراق، حين كان الجنرال ديفيد بترايوس يواجه مقاومة وطنية قوية، بعدما توصل الجنرال بترايوس، في أواخر عام 2006، بمساعدة السفير الأميركي السابق ببغداد جون نيغروبونتي، والمستشار العسكري الأميركي السابق في العراق ديفيد كيلكولن، إلى اتخاذ القرار في تكوين مجموعة سنية مهمتها مهاجمة الشيعة، ومجموعة أخرى شيعية، تهاجم السكان السنة، بما يفضي إلى تحول العراقيين للاقتتال فيما بينهم، بدلاً من محاربة قوات الاحتلال.
بعد ذلك، استدعى نيغروبونتي الكولونيل جيمس ستيل، الذي سبق أن أدار هذا النوع من العمليات خلال الحرب في هندوراس، لكي ينشئ الإمارة الإسلامية في العراق، ثم وفي عام 2014 أٌدخلت الطريقة النقشبندية، التي أنشأت «رؤيا الملة» التركية في سبعينيات القرن الماضي، لتأسيس الخلافة الإسلامية.
لكن هذا التكتيك الذي اتبعه «مركز الأمن الأميركي الجديد» من المستحيل تنفيذه لأنه يتجاهل وجود روسيا في الميدان، فهو يعتزم تثبيت «حالة حرب دائمة» في بلاد الشام تحت سيطرة الولايات المتحدة، وهي حرب لا تزال مستمرة، منذ سقوط نظام طالبان في أفغانستان، وسقوط صدام حسين في العراق، ومصرع الزعيم معمر القذافي، في ليبيا.
بالتالي فإنه لم يعد إسقاط الأنظمة هدفاً بعينه بالنسبة للولايات المتحدة، بل وسيلة لتأسيس حالة من الفوضى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن