قضايا وآراء

«درس سوري لم تستوعبه أوروبا»

| بيروت – رفعت البدوي 

مع بداية الأحداث في سورية وقف الرئيس السوري بشار الأسد مخاطباً السوريين والعالم قائلاً «من يعتقد أن الأحداث الجارية في سوريه ستبقى تداعياتها محصورة ضمن الجغرافيا السورية فهو واهم لأن ما خطط له من زرع للفوضى والإرهاب في سوريه سيعم المنطقة بأسرها وتداعيات الأحداث الجارية ستكون كارثية على الصعد الاجتماعية والعقائدية والفكرية في العالم بأسره».
كلام السيد الرئيس آنذاك لم يأخذ على محمل الجد من صانعي وزارعي الفتنة والفوضى في المنطقة ظناً منهم أن سوريه لن تصمد لأكثر من أشهر معدودة لتكون في خبر كان.
وبعد سنوات خمس عجاف على بدء الأزمة السورية أثبتت سوريه العربية المتمسكة بالهوية العربية والعقيدة والفكر المتقدم المؤمن بمبدأ العلمانية أنها أقوى من كل الزلازل السياسية والمخططات الجهنمية التي رسمت وتم التخطيط لها من الغرب وعرب النفط..
صمدت سورية صموداً أسطورياً بفضل القيادة الحكيمة الملمة بكل الحبكات الإقليمية والدولية وبفضل تواصل تلك القيادة مع القواعد الشعبية، محترمة رغبات الشعب السوري ومتمسكة بحرية القرار السوري ورافضة لأي املاءات خارجية أكانت من الحليف أم من الخصم والأعداء ومتمسكة بالعودة لقرار الشعب السوري في تعديل أي بند من بنود الدستور السوري لا تعرف التنازل ولا التهاون في سبيل تحرير كل شبر سوري من الإرهاب والاحتلال الصهيوني ومتفانية في الحفاظ على كرامة وعزة سوريه باذلة أقصى ما يمكن في سبيل تحقيق التماسك السوري الملتصق بقرار القاعدة الشعبية الهادف إلى رفعة الشعب السوري على الرغم من كل العواصف التي تمر بها سورية.
لقد أثبتت الأحداث والأيام صوابية ووضوح الرؤى لدى القيادة السورية التي حافظت على سورية رقماً صعباً في المعادلات الإقليمية والدولية عصية على التقسيم والتفتيت والانهيار لتشهد على ما أصاب العالم من إرهاب بات يهدد الأمن والمجتمع العالمي ولتشهد على بداية تفكك في الاتحادات والكيانات والأنظمة التي شاركت في التآمر على سورية.
ضرب الإرهاب أوروبا مزلزلاً أمنها ومجتمعها فانقلب السحر على الساحر.
وها هي تركيا أم المعاصي في الأزمة السورية أصبحت تعاني من أزمات ومشاكل عدة متتالية على الصعد الداخلية والإقليمية بل أيضاً الأوروبية اقتصادياً وأمنياً.
أما بريطانيا التي خافت على ثقافتها ومجتمعها العريق من الذوبان ودفعاً للخطر القادم من استقبال اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط نتيجة سياسات أوروبا فقد صوتت لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي الأمر الذي جاء نتيجة تسلط قوى المال والطبقة الحاكمة في بريطانيا البعيدة عن تحقيق رغبات الشعب غير المتصلة مع القاعدة الشعبية متخذة قرارات مجحفة بحق الشعوب وصارت تعيش في حال من الانفصام عن الواقع.
إن زلزال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون له تداعيات كبيرة وإستراتيجية على صعيد استمرار وصمود الاتحاد الأوروبي لتحل القوميات التواقة للانفصال عن الهرم البائد مكان الاتحاد ومثال على ذلك اسكوتلاندا وايرلندا وإذا ما حصل الانفصال فلن تعود المملكة المتحدة متحدةً.
أما أوروبياً فإن ايطاليا وإسبانيا واليونان من المرجح أن تحذو حذو الانفصال عن الاتحاد الأوروبي أيضاً وإذا ما حصل ذلك فإن الاتحاد الأوروبي سيكون بمنزلة المولود المعوق والمشوه المعتل وعندها فإن مراسم دفن الاتحاد الأوروبي لن تكون بعيدة.
إنه الدرس السوري الذي أسهبت القيادة السورية بشرحه محذرة من تداعيات عدم أخذ العبر قبل فوات الأوان، لم تفهم القيادة الأوروبية وأبت استيعاب الدرس السوري مفضلة البقاء منفصلة عن الواقع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن