قضايا وآراء

تطورات لا تغير المعادلة

باسمة حامد:

 

في وقت تؤكد فيه المصادر المقربة من القيادة السورية تبدل المشهد الميداني لمصلحة الدولة قريباً، مازالت المعارضات المرتهنة للخارج تصرّ على تبني فرضية «تخلي» حلفاء دمشق عن «النظام»، فما حقيقة الأوضاع في سورية اليوم؟
في الواقع، لاشك أن التطورات الميدانية الأخيرة شمالاً فتحت الباب على مصراعيه أمام تلك المعارضات ومن يقف خلفها لتسويق ما اعتبرته: «مستجدات لا بد أن تفرض نفسها على المجتمع الدولي»، و«انتصارات» لعاصفة «حزم» سعودية تركية قطرية ستجعل سقوط «النظام السوري» قاب قوسين أو أدنى!!
لكنها مجرد فرضيات غير قابلة للتحقيق وأقاويل فارغة هدفها التشويش على العلاقات الوثيقة بين سورية وحلفائها، فحتى «تل أبيب» وهي تراقب عن كثب الإنجاز الاستراتيجي في القلمون سخرت من تلك الأحاديث ووصفتها بأنها «لا تنسجم مع الواقع»، إذ إن التطورات الميدانية الأخيرة لا تعدل موازين القوى ولن تغير المعادلة، وخصوصاً أن الجيش العربي السوري يحقق إنجازات نوعية رغم أنه يحارب: «في 400 جبهة ضد 2000 من الجماعات المسلحة»!!
وبالنظر  إلى موقف الحلفاء، بات ثابتاً أن روسيا كدولة عظمى تعي خطورة التنظيمات التكفيرية لكونها عانت منها وتصدت لها منذ عقود لن تتخلى عن منح دمشق الغطاء الدبلوماسي اللازم كلما اقتضت الضرورة، وهو ما أكده مسؤولون روس جددوا حرص بلادهم على وحدة سورية «دولة وشعباً وجيشاً» واهتمامها المستمر بالحل السياسي، ما يعني أن موسكو ليست بوارد عقد صفقات سياسية على حساب الدولة السورية رغم قبولها بهذا المبدأ في اليمن وفق بعض التقارير.
ولأن الحسم يبقى رهن الميدان، كان لافتاً للانتباه أن تضع الحكومة السورية ما حصل في محافظة إدلب وريفها ومدينة تدمر تحت عنوان دقيق: «الانتكاسات المؤقتة»، والترجمة العملية لهذا العنوان يتلخص بقرار محور المقاومة: البدء بهجوم معاكس من شأنه إحداث تحولات ميدانية لمصلحة الدولة السورية وإن كان العمى السياسي والأخلاقي يمنع أولئك الذين يتبادلون التهاني بسقوط تدمر وأريحا من رؤية هذه الحقيقة!!
ومن الممكن القول بأن وقائع الحرب في سورية ستأخذ مساراً تصاعدياً خلال الصيف الحالي، فمستوى التنسيق السوري العراقي ضد الإرهاب سيرتفع في الأيام القادمة على قاعدة «توحيد الجبهات»، وهو ما أكده الناطق باسم كتائب حزب الله العراق جعفر الحسيني: «في حال وصول المقاومة العراقية  إلى الحدود مع سورية فإنها ستعمد  إلى التنسيق الأمني معها لمحاربة داعش في كلا البلدين الشقيقين».
وبصرف النظر عن الأرقام المتداولة في وسائل الإعلام حول أعداد المقاتلين الإيرانيين والعراقيين الذين وصلوا  إلى الأراضي السورية لمؤازرة القوات المسلحة التي تحضر لمرحلة «تصحيح خارطة المعارك»، من الواضح أن هذا الخيار العلني لم يعد يشكل إحراجاً لأي طرف من أطراف هذا المحور انطلاقاً من أن الجميع سيحصد فوائده، فإيران قرأت جيداً أن التصعيد الإرهابي الأخير شمالاً مرتبط بالتحالفات الإقليمية الساعية لاحتواء دورها، وحاجتها لتكريس نفوذها الإقليمي كدولة تحارب المشروعين التكفيري والصهيوني تفرض عليها الوقوف  إلى جانب سورية «حتى الرمق الأخير»، والمقاومة اللبنانية تحتاج  إلى اتخاذ الموقف ذاته لحماية لبنان من الخطر التكفيري ومنع سقوطه في الدائرة «الإسرائيلية»، ومن مصلحة العراق أيضاً اللجوء لأقصى درجات التعاون مع السلطات السورية لمنع تدفق الإرهابيين  إلى أراضيه، فالعالم- باعتراف رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي في اجتماع باريس- يتحدث عن دعمه للعراقيين في مواجهة «داعش» إلا أن: «الأفعال قليلة على الأرض»!!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن