الصفحة الأخيرة

شخصيات كارثية!! أحزاب النساء!!

| عبد الفتاح العوض

تحدثت هنا في زوايا سابقة عن الشخصيات الكارثية التي أفرزتها المأساة السورية، عن الموظف الغاضب وهو من أولئك الذين عملوا في مؤسسات الدولة ثم «انشقوا» وكانوا جزءاً أسود من مفرزات الأزمة.
ثم عن أولئك الذين امتهنوا «الدين» وأصبحوا شيوخاً وأمراء حرب.
وبعدها عن اليساري التائه الذي أضاع بوصلته وتحول من رفيق إلى حاج ما تغير عليه غير «الإمام»!
كل هذه الشخصيات الكارثية هي نتاج أسباب كثيرة لكن في واحدة من هذه الأسباب غياب الحياة السياسية عن سورية.
وفي هذه الأزمة ومع بداياتها صدر قانون الأحزاب وعلى الفور وبلا مقدمات منطقية مؤهلة لخروج أحزاب جديدة، وفي خضم الأزمة وتفاعلاتها، تم الترخيص لمجموعة من الأحزاب الوطنية ومعظمها أعطى لنفسه صفة معارضة.. ومعظم هذه الأحزاب اختارت أن تقدم ذاتها من خلال وجوه نسائية في الصف الأول، ورغم أن هذه الوجوه ما عرفت العمل السياسي في حياتها إلا أن هذه المأساة السورية أبت إلا أن تضيف لنا شكلاً جديداً بدخول شخصيات إلى حلبة العمل السياسي من الأبواب الخلفية!.
ليس هذا هو موضوعنا.. إذ يهمل هذا التفصيل «الصغرة».
بصراحة القضية أكبر من ذلك بكثير.. والسؤال الأكبر كيف يمكن أن يتم تفعيل الحياة السياسية بطريقة صحيحة وناجحة؟!.
أولى العقبات التي تواجه مثل هذا الهدف هي أننا ما زلنا في عين العاصفة.. فهل يمكن ونحن في أثناء أهوال الأزمة السورية أن نعيش حياة سياسية نشطة؟!.
الأمر الأول والأكثر إلحاحاً أن إيجاد عمل سياسي طبيعي يحتاج إلى أوضاع طبيعية وهذا ما نفتقده بشدة الآن، وفي مثل هذه الظروف الخاصة والمعقدة فإن إنشاء أحزاب سياسية تقوم على قواسم وأهداف محددة تنظر أبعد من الأزمة يحتاج إلى جهد كبير.
ثم إن الأمر الثاني يتعلق بمدى فاعلية العمل السياسي السوري الصرف في إدارة الأزمة والخروج منها بعد أن تبين لنا بالتجربة أن الأحزاب ليس لديها القدرة على فعل شيء مهم لضعف ارتباطها بالناس أولاً.. ولأن العناصر الفاعلة في الأزمة السورية لم تعد داخلية، بل هي في جوانبها الرئيسية مرتبطة بمصالح دول وصراعات قوى لسنا الآن إلا «أرض معركتها» أو هدف الصراع عليها بذاتها.
فمن يظفر بها انتصر.. ومن حُرم منها خسر.
أيضاً.. فإن الأحزاب الوطنية تحتاج إلى شخصيات فكرية معروفة على نطاق واسع.. قدمت مساهمات في العمل السياسي وليس إلى راكبي مصالح وتجار سياسة وجدوا فيها سلعة قابلة للبيع أو تتيح لهم المزيد من «البيع»!.
في الأحوال الطبيعية تعتبر تجارة السياسة جزءاً من النظرة العامة للعمل السياسي بشكل عام، لكن في ظل المأساة السورية فإن التجارة بالسياسة لا تقل عن تجارة الدم!.
ربما يقول البعض إن هذه الظواهر ليست إلا حالات عابرة ومؤقتة أفرزتها طبيعة المأساة السورية، وإنها تنتهي مع نهايتها.. وأظن أن ذلك صحيح فلا يمكن لهذه الحالات إلا أن تختفي مع ظهور حياة سياسية طبيعية فالزبد يذهب جفاءً.

أقوال:
في السياسة لا تشكل الأمور غير المنطقية عقبة.. بونابرت.
السياسة أول الفنون وآخر الأعمال… فولتير.
هو لا يعرف شيئاً ويظن أنه يعرف الكثير إذاً فهو سياسي.. برنارد شو.
لقد توصلت إلى نتيجة.. أن السياسة موضوع أخطر بكثير من أن نتركه للسياسيين.. ديغول.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن