عربي ودولي

الأتراك يصوتون في انتخابات هي أقرب إلى استفتاء على الدستور وطبيعة الحكم ستحدد تركة أردوغان

قام الأتراك بالإدلاء بأصواتهم أمس لاختيار نوابهم في مشهد استثنائي في تاريخ الجمهورية التركية قد يمهد لتغيير المعادلة، معادلة صعبة بكل تأكيد في منافسة أصعب تخوضها الأحزاب الرئيسية وحشدت لها ما استطاعت من قوة، على حين يسعى حزب العدالة والتنمية إلى الحصول على أغلبية المقاعد، ما يتيح له إجراء تغيير دستوري باتجاه تغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، ويعزز سلطة الرئيس رجب طيب أردوغان في وقت يواجه حكمه احتجاجات.
ودعي نحو 54 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع التي فتحت في الساعة 8.00 (5.00 تغ) وحتى الساعة 17.00 (14.00 تغ) بعد حملة انتخابية سادها التوتر إثر اعتداء أوقع قتيلين ونحو مئة جريح بين أنصار الحزب الكردي الأبرز في معقله ديار بكر (جنوب شرق). وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو: «الانتخابات واجب وطني وحق نابع من إرادة الشعب والجميع سيخضع لهذه الإرادة».
ويدرك الناخب التركي أن هذه الانتخابات أقرب إلى الاستفتاء على الدستور وعلى طبيعة الحكم، فعدم نيل العدالة والتنمية ثلثي الأصوات يعني عدم رضا جماهيري عن النظام الرئاسي الذي يطمح له أردوغان، أما العكس فيعني تفويضاً لسلطة مطلقة تدخل تركيا في مرحلة سياسية وربما أمنية جديدة.
ومن جانبه قال صلاح الدين ديمرتاش زعيم حزب الشعوب الديمقراطي في هذا الإطار: «نحن ننتخب للحرية التي نتطلع لها وسننجح للوصول لهدفنا رغم السلبيات، والدولة التركية تعتمد على ديناميكية ديمقراطية ونحن نعتمد عليها لتقليل الفوارق بين مواطن وآخر». ويدخل حزب الشعوب الديمقراطي هذه الانتخابات عاقداً العزم على الدخول إلى البرلمان لكن بمغامرة قد تطيح بآمال العدالة والتنمية ليس فقط بتغيير الدستور إنما بتغليب الصوت الواحد في مفاصل الدولة، فصوت المعارضة إذا اتحدت قد ينافس صوت العدالة والتنمية.
وتشير استطلاعات الرأي إلى فوز الحزب الحاكم بـ40 إلى 42% من الأصوات في تراجع كبير عن نسبة 49.9% التي حققها في الانتخابات الأخيرة قبل أربع سنوات.
وينشط أردوغان منذ انتخابه رئيساً في آب وسلم مقاليد السلطة التنفيذية والحزب إلى وزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو من أجل تحويل نظام الحكم إلى نظام رئاسي، تصميماً منه على الاحتفاظ بالسلطة.
ومن أجل إنجاح مشروعه، يحتاج أردوغان إلى فوز ساحق. ففي حال فاز حزبه بثلثي المقاعد النيابية (367 من أصل 550) سيكون بإمكانه التصويت منفرداً على الإصلاح الدستوري الذي يعزز صلاحيات الرئيس. أما في حال حصل على 330 مقعداً فقط فسيتمكن من طرح مشروعه في استفتاء. أما عدا ذلك، فسوف تخيب طموحات أردوغان.
وقال أردوغان على حين كان يدلي بصوته في اسطنبول: إن «نسبة المشاركة مرتفعة إنها مؤشر جيد على الديمقراطية» مضيفاً: إن تركيا «ترسخ مؤشرات الثقة والاستقرار».
ومن جهته قال مراد سيفاجيل (42 عاماً) ناخب من إسطنبول صوت للمعارضة: «صوتت لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة لأنهم قاموا بعمل جيد. لكني لم أعد أثق بهم».
وقال أرجين ديلك المهندس وصل للتصويت مع زوجته في حي يلديز السكني في أنقرة: «آمل في أن تكون هذه الانتخابات عادلة ونتخلص من (طيب) وفريقه».
وأكثر من الحزبين المعارضين الرئيسيين حزب الشعب الجمهوري (اجتماعي ديمقراطي) وحزب العمل القومي (يمين) يشكل الحزب الرئيسي المؤيد للأكراد، حزب الشعب الديمقراطي، العقبة الأساسية على طريق أردوغان.
ففي حال تخطى هذا الحزب عتبة 10% من الأصوات المطلوبة للدخول إلى البرلمان فسيحصل على نحو خمسين مقعداً نيابياً ما سيحرم حزب العدالة والتنمية من الأغلبية الكبرى التي يطمح إليها. وفي حال تقدم حزب الشعب الجمهوري وحزب العمل القومي قد يخسر الحزب الحاكم أغلبية المطلقة.
وقال إيلكر سورغون ناخب من أنقرة: «لست من أصل كردي لكنني قررت التصويت لحزب الشعب الديمقراطي من أجل حصول حزب العدالة والتنمية على عدد أقل من المقاعد».
ونشر أكثر من 400 ألف شرطي ودركي في أنحاء البلاد كافة لضمان أمن الاقتراع وفقاً لوسائل الإعلام التركية.
وساد التوتر في بعض مراكز الاقتراع، وأسفر عراك بين الناخبين عن سقوط 15 جريحاً في مدينة شانلي أورفة (جنوب شرق).
(الميادين – ا ف ب – رويترز)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن