اقتصاد

تثاؤب مبكر!!

| علي هاشم 

ليس من العدل أن يناقش المرء منجزات الحكومة الحديدة وكراسيها لم تسخن تحت وزرائها بعد، إلا أن بعضاً مما ورد في جلستها الأولى لجهة إقرار (مجموعات عمل)، ومهامها، يلقي بالمرء إلى قنوط مبكر حيال إدراكها للصفة العاجلة التي يتطلع إليها الاقتصاد الوطني في أي من الإجراءات المطلوبة لإنقاذه.
بتقديم النيات الحسنة، يمكن النظر إلى ما أقرته من تشكيل لـ(مجموعة عمل لإعداد آلية لدراسة وتحليل اقتراحات تنفيذية للعوامل التي تؤثر في تقلبات سعر الصرف والبدء بتنفيذها)، كمدخل موفق لتعزير الانطباعات حول احترامها للمنهجيات وللعمل المؤسسي، وجديتها في التعاطي مع الملفات الاقتصادية البنيوية، إلا أن سعيها (لـ) تشكيل ذلك الفريق، ثم دفعه (لـ) إعداد آلية (لـ) دراسة وتحليل اقتراحات تنفيذية (لـ) البدء بتنفيذها، إنما يبعث على الخوف مما يستبطنه هذا (العمل المؤسسي الممطوط) من (موروث حكومي) متجدد يتقن فن إعادة اختراع تعريف البديهيات التي تقف وراء التضخم النقدي أولاً، وللفترة العزيزة التي يتطلبها الوصول لـ«تنفيذها» بما ينقذ الاقتصاد الوطني الذي قد تتكفل أولى قطرات أمطار الشتاء القادم بإزالة ما تبقى من مساحيق عن وجهه الشاحب، ثانياً.. رغم وضوح مفرداتها المحفورة على جدران القطاعات الإنتاجية وعلى بطالة القوة العاملة ووجوه المواطنين وجيوبهم، قد تكون الحكومة مرتبكة –حقاً- حيال الأسباب التي (يتقلب) سعر الصرف على خلفيتها! وما (مجموعات عملها) تلك سوى سعي جدي لفهم الأمر على حقيقته، إلا أن الأمر أبسط مما تعتقد بكثير، فإن هي عجزت عن (قراءة المكتوب على الجبين)، فقد يكفيها قراءة بيانات تجارتنا الخارجية- المؤشر الرئيس- على (ضعف الاقتصاد)، أو قوته.. فمع صادرات 1.4 مليار دولار في 2015 أغلبيتها الساحقة منتجات زراعية خام، وواردات 4.4 مليار دولار احتسبتها الحكومة السابقة بطريقة كاريكاتورية أسقطت من خلالها الكتلة الهائلة من المهربات التي تملأ أسواقنا، يمكن بسهولة وضع اليد على (أسباب تقلبات سعر الصرف)، فما إن نتجاوز التضليل الحكومي المتواصل حيال التحسن الوهمي في ميزان تجارتنا الخارجية المرتكز إلى دفع تصدير المنتجات الزراعية المتاحة إلى أقصاه عبر اقتطاعها من حاجة السوق المحلية من جهة، وخفض المستوردات (النظامية) وتقليص العرض في الأسواق المحلية والاستعاضة عن قسط منها بالتهريب من الجهة الأخرى، يسهل علينا بعد ذلك فهم السبب الجوهري وراء تقلبات سعر الصرف: تقهقر الكتلة السلعية، فقط لا غير.. رغم ما تثيره عبارة تقلبات سعر الصرف (لا تقهقره المطرد) من مخاوف حيال (تضليل ثقافي متوارث) فرضته تداخلات التشكيلتين السابقة والحالية، فلربما يمكن النظر إلى (مجموعة العمل النقدية) كـ (مطمطة صباحية) تسبق الانطلاق النشيط إلى يوم العمل الجديد. ما يخيف في الأمر، هو أن تكون تثاؤباً مبكراً مشوباً بنزعة تملصية تسعى إلى تحويل المشكلة المعلومة الأسباب إلى (مسرح عبث) تنفق فوق خشبته الأوقات الثمينة التي يحتاج إليها الاقتصاد لتعظيم الكتلة السلعية محلياً، على التباحث وتلاقح الأفكار بين مذاهب اقتصادية متباينة ورؤى متصالحة مع الزمن، بما سيسهم في محصلته بتوزيع (دم) الاقتصاد الوطني (بين القبائل)، ليس إلا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن