قضايا وآراء

حرب الإرهاب الأميركية… بين المأمول والوقائع والمصير..!؟

عبد السلام حجاب: 

 

كانت واقعية إلى حد بعيد، النائب في البرلمان الأوروبي كاترينا كونيشا حين سخرت من وصف ناظر الخارجية الأميركية كيري تحالف بلاده مع شركاء الإرهاب بقولها: «إن الفوضى السائدة، سببها التدخلات الإجرامية للولايات المتحدة، فلا نوازع إنسانية تجمعهم بل إجرامية»؟
ولعل شحنات الأسلحة التي يزود بها السفاح العثماني أردوغان، التنظيمات الإرهابية المسلحة وبينها «داعش» وكشفت صحيفة حرييت عنها بأدلة إثبات مصورة، إنما سلطت مزيداً من الضوء على طبيعة تلك المزاعم التي أعلن عنها كيري وتستهدف حياة السوريين ومقدراتهم، ولم تكن إنسانية في وقت من الأوقات بل تسقط الادعاءات الكاذبة وأصحابها، فإن الوقائع تسقط أيضاً مروجيها!؟
وليس بعيداً فقد حذر الجنرال الأميركي جون ألن منسق هذا التحالف «من أن نمو تنظيم داعش له تبعات عالمية وقد يفسد تقدم البشرية»، ومن المؤكد أنه يعلم جيداً أن المخابرات الأميركية والسعودية والباكستانية أنشأت تنظيم «داعش» الإرهابي ومشتقاته الإرهابية الأخرى مثل «جبهة النصرة» المدرج على قوائم الإرهاب الدولية، وإن تنوعت وتعددت مصادر التمويل والجهات الراعية للإرهاب لاحقاً، لتحقيق أهداف وأطماع ومصالح تتجاهل مبادئ الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمحاربة الإرهاب.
وبناء على هذه المعطيات والحقائق التي لم يعد من الممكن تجاهلها أو تخطيها، وصف الوزير الروسي لافروف تسليح واشنطن ما تسميه «المعارضة السورية المعتدلة» التي هي من نفايات الإرهاب والإرهابيين، وصف سياسة واشنطن على هذا الصعيد بأنها تعبر عن قصر نظر- مؤكداً أنه يجب تكثيف الجهود للحرب على الإرهاب تحت سقف الأمم المتحدة وقراراتها، وهي سياسة لا تتفق مع أجندتها الفاشية الاستعمارية تجاه سورية خاصة، والمنطقة بشكل عام، ما يعكس بصورة جلية استبعاد السياسة لحساب تقديم خيار العسكرة التي يؤدي فيها البنتاغون الأميركي دوره المطلوب من الرئيس أوباما.
ولقد أشار سوماس ميلين الكاتب في صحيفة الغادريان إلى ذلك بقوله: «منذ أن بدأت الأزمة في سورية لم تكتف الولايات المتحدة وحلفاؤها بدعم وتسليح ما تسميه «المعارضة» رغم علمهم وإدراكهم الكامل بأنها تخضع لهيمنة مجموعات متطرفة، بل كانوا مستعدين لدعم تنظيم «داعش» الإرهابي من أجل إضعاف سورية»، ما يضع علامات استفهام على المنظمة الدولية وقرارات مجلس الأمن 2170 و2178 و2199 وأسباب تعطيل تنفيذها وما ترخي به من ظلال على مهمة المبعوث الدولي دي ميستورا للحل السياسي بحيث تصبح مهددة في مآلاتها لتقترب من التلاشي لحسابات خيارات الحرب الأميركية الإرهابية المعلنة والرهانات الدامية المرتبطة بها، ابتداء من أجندات الحروب بواسطة الإرهاب وما يحشد من أجلها بغية تحقيق أهداف جيوسياسية من بينها التقسيم، ثم آخراً وليس أخيراً إحداث الكارثة بضياع فلسطين وطمس حقوق الشعب الفلسطيني، خدمة للمشروع الصهيو- أميركي في المنطقة، وهو ما نبه إلى مخاطره الناطق باسم الخارجية السورية بقوله: «لقد أمنت السياسات الغربية الخاطئة البيئة الخصبة لانتشار المد الإرهابي الذي يشكل تهديداً للسلم والأمن الإقليمي والدولي»!؟ أليس مطلوباً، إذاً من مجلس الأمن الدولي اليوم تأكيد التزاماته بمكافحة الإرهاب عبر تنفيذ قراراته قولاً وفعلاً بعيداً عن التسييس وازدواجية المعايير، كما أكدت الخارجية السورية في بيان.
كذلك أكد البيان الختامي لاجتماعات وزراء خارجية دول منظمة شنغهاي ضرورة مكافحة المجتمع الدولي للإرهاب والتطرف وإيجاد نظام عالمي جديد وتعدد الأقطاب يقوم على التعاون والشراكة والمنفعة المتبادلة. ما يعني أن مواقف سياسية ذات شأن ودلالة تفتح أبواب حضورها الميداني الفاعل في المشهد السياسي الدولي حيث تسعى واشنطن إلى مواصلة احتكاره لمصلحتها على إيقاع الإرهاب الساخن، وتوسيع رقعة انتشاره إلى أبعد مدى يمكن لها التحكم فيه وقيادته مباشرة أو عبر شركاء في حلفها الإرهابي مثل السعودية وتركيا وقطر والكيان الصهيوني!؟
وإذا كانت هذه المواقف قد أصبحت من الوقائع الثابتة التي تفرض، سياسياً على واشنطن بحيث يصبح المأمول أحلاماً طائشة دونها مصاعب واحتمالات متعددة الأخطار والاتجاهات. فإن الوقائع السياسية والميدانية التي أحدثها صمود السوريين بمختلف مكونات نسيجهم الوطني إلى جانب جيشهم الباسل وهو يحقق المقدمات الموضوعية للنصر الكبير القادم. إنما أصبحت وقائع راسخة ليس بمقدور جهة في شركة الإرهاب، عدم الأخذ بها وتفحص قدراتها الذاتية والموضوعية، باعتبار أنها لا تحدد سقف المأمول وإحباط المخططات التي وضعت لأجله عبر الاستثمار بالإرهاب فحسب بل أيضاً تضع ذلك المأمول على طريق المصير المحتوم بالانكسار والاندحار. وليس من مبتدئ بالسياسة لم يقرأ في تصريحات الوزير الفرنسي فابيوس عقب محفل باريس لشركاء الإرهاب، استشعاراً مسبقاً لهزيمة حلف أوباما الإرهابي واعترافاً ضمنياً بالوقائع المتلاحقة للانتصار السوري «حين كشف عن أمل الحلف بإقناع روسيا بضرورة تغيير النظام في سورية من أجل مواجهة داعش»!؟ في الوقت الذي يعلن فيه لافروف ضرورة الحل السياسي، كحل وحيد لأزمات المنطقة».
ما يجعل كلام فابيوس مهزلة في الوقت الضائع جديرة بالسخرية والقلق على مبادئ الثورة الفرنسية!؟
ما من شك بأن القارئ الحصيف لنجاحات سورية السياسية والميدانية بقيادة الرئيس بشار الأسد بات يدرك مفاعيل الصمود والمقاومة في مواجهة حرب الإرهاب وأجنداتها المتعددة من حيث الأدوات والأهداف المبطنة والمعلنة.
كما بات يدرك أن مواصلة التصدي للإرهاب وصانعيه مقدمة لابد منها للتوصل إلى حل سياسي يقرره السوريون أنفسهم تحت علم البلاد وبقيادة رئيسهم الذي اختاروه بانتخابات ديمقراطية تشهدها سورية لأول مرة في تاريخها الحديث، وهو عهد قطعه السوريون جيشاً وشعباً على أنفسهم ويقدمون في سبيله التضحيات وما بدلوا تبديلاً.
وأما الحالمون والطامعون والمراهنون على الإرهاب وأدواته فإن لهم سوء العاقبة وبئس المصير.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن