رياضة

الثلاثون من تموز يوم تاريخي في كرة القدم العالمية … الأورغواي وإنكلترا تسيدا العالم في هذا اليوم

الذكريات جزء لا يتجزأ من كرة القدم، ولذلك دأب المختصون على تقديم مواد بعنوان: في مثل هذا اليوم.
أمس الثلاثون من تموز كان مناسبة خاصة ليحتفل الأورغوانيون والإنكليز بذكرى غالية على قلوب الجماهير الكروية في البلدين، فعام 1930 تسيد السيلستي المنتخبات العالمية بكرة القدم على وقع فوزه على الأرجنتين بنهائي كأس العالم بأربعة أهداف لهدفين، وعام 1966 عاش منتخب الأسود الثلاثة فرحة لم تتكرر عندما تسيد العالم عقب فوزه على منتخب ألمانيا الغربية بأربعة أهداف لهدفين أيضاً ويا لها من مصادفة.
خلال عشرينيات القرن المنصرم كان المنتخب الأورغوياني زعيم العالم عندما فاز بالذهب الأولمبي 1924 و1928 ولم يكن أمامه إلا الفوز بكأس العالم ليكون منتخباً استثنائياً يشار له بالبنان وهذا ما حصل عندما استضاف النسخة الأولى من كأس العالم عام 1930 فكانت السيادة قولاً وفعلاً وحقيقة واقعة.
وفي منتصف ستينيات القرن الماضي استضاف الإنكليز كأس العالم مقتنعين أن المركز الثاني لا يسمن ولا يغني من جوع، وبالفعل قدم أصحاب الأرض وقتها أنفسهم أبطالاً رغم القيل والقال حول الهدف الثالث الذي مهّد للقب، الهدف الذي أسيل حوله مداد كثير حتى وقتنا الحاضر، أول لنقل حتى الهدف الملغى لإنكلترا على ألمانيا بعد أربعة وأربعين عاماً من ذاك الهدف وتحديداً عندما سجل لامبارد بمرمى ألمانيا ولكن الحكم لم ير الكرة وهي تعبر خط المرمى أكثر من نصف متر.
أياً كانت ردود الفعل حيال اللقبين آنفي الذكر فإن أورغواي وإنكلترا نعما بمنتخبين استثنائيين فكان القطاف لقبين غاليين، مع ميزة أن الأورغواي عادت وتسيدت العالم بينما إنكلترا مازالت تعيش على ذكريات ذاك اللقب رغم العديد من المنتخبات التي دخلت مرشحة وخرجت بخفي حنين كما حدث في آخر نسختين موندياليتين وكذلك في آخر نسختين أوروبيتين.

حكاية اللقب الأورغوياني
اختيار أورغواي لتنظيم أكبر حدث كروي في العالم، الحدث الوليد عام 1930 لقي معارضة شديدة من الأوروبيين متهمين رئيس الفيفا الفرنسي جول ريميه بالتواطؤ لمصلحة اللاتينيين في الوقت الذي كان فيه رئيس الفيفا ذكياً في خطوته تلك، إذ إن اللاتينيين لم يكونوا قادرين على القدوم إلى أوروبا في الوقت الذي كان فيه جول ريميه قادراً على اصطحاب عدة منتخبات أوروبية إلى الشطر الآخر من الكرة الأرضية وهذا ما حدث عندما شاركت رومانيا وبلجيكا ويوغسلافيا وفرنسا.
قبل ذاك المونديال قدم مدرب المستضيف سوبيتشي درساً بليغاً عندما طرد الحارس مازالي من معسكر المنتخب إثر تخلفه عن بعض الحصص التدريبية عندما كان يزور أهله سراً فكان الحارس الاحتياطي باليستروس المستفيد الأكبر فكان أن حافظ على نظافة شباكه أمام البيرو ورومانيا عندما فاز منتخبه 1/صفر و4/صفر على التوالي، وفي نصف النهائي كان الفوز العريض على يوغسلافيا القوية بستة أهداف لهدف، ثم الفوز في النهائي على الجار الأرجنتيني 4/2 وتشير كتب التاريخ إلى أن منتخب أورغواي هو الوحيد الذي قلب تأخره في المباريات النهائية في المونديال، ومن الدروس المستفادة في تلك المباراة عدالة الحكم البلجيكي لانجينوس الذي امتثل لأوامر المنتخبين المتنازعين على الكرة التي ستلعب بها المباراة، فلعب الشوط الأول بكرة أرجنتينية والشوط الثاني بكرة أورغويانية وللمصادفة فقد فاز كل منتخب بكرته.
من النجوم التاريخيين للسيلستي في تلك المباراة ناسازي وكاسترو ودورادو وبيدرو سيا وأندرادي وسكاروني واريارتي ومن ورائهم الحارس باليستروس كما أسلفنا.
وللتذكير فإن الحكومة الأورغويانية اعتبرت اليوم التالي للقب المونديالي 31 تموز عيداً وطنياً رسمياً وتزامن ذلك مع الاحتفال بمئوية استقلال الأورغواي.

حكاية اللقب الإنكليزي
كانت الأرضية مناسبة لتفوز إنكلترا باللقب رغم أن ثلاثة منتخبات أتت إلى إنكلترا للاحتفاظ بكأس جول ريميه إلى الأبد وهي الأورغواي الفائزة باللقب 1930 و1950 وإيطاليا الفائزة 1934 و1938 والبرازيل المتوجة حديثاً وقتها 1958 و1962 وعكر أجواء الاستضافة سرقة الكأس العالمية في العشرين من آذار 1966 أثناء عرضها في أحد المعارض ولكن الكلب بيكيلز أنقذ شرف الإنكليز عندما عثر عليها في إحدى الحدائق بعد فشل رجال السكوتلنديار في العثور عليها.
المباراة الافتتاحية لم تكن كما يشتهي أصحاب الأرض لأنها انتهت كما بدأت وتلك كانت أول مباراة افتتاحية تصمت فيها الشباك، ولكن المياه عادت إلى مجاريها عقب الفوز على المكسيك بهدفين وكذلك على فرنسا بالنتيجة ذاتها.
في ربع النهائي كان الفوز على الأرجنتين بهدف علماً أن الأرجنتين أكملت المباراة بعشرة لاعبين بعد نصف ساعة ومسجل الهدف جيف هيرست كان يشارك للمرة الأولى، ومن الأمور التي لا تليق بمدرب إنكلترا رامزي أنه منع لاعبيه من تبادل القمصان مع المنتخب الأرجنتيني ناعتاً إياهم بالحيوانات، وفي نصف النهائي كان الفوز المستحق على البرتغال بهدفين لهدف، وتلك المباراة اشتهرت بمباراة تشارلتون وأوزيبيو وكل منهما سجل لمنتخبه، فكان ذلك عاملاً مساعداً لجنتلمان الكرة الإنكليزية كي يفوز بالكرة الذهبية، وفي النهائي كان الإنكليز على موعد مع التتويج من دون منغصات في الثواني الأخيرة ولكن العزيمة الألمانية أعادت الأمور إلى نقطة الصفر فتعادل المنتخبان 2/2 فلجأا إلى التمديد الذي شهد هدفين إنكليزيين، الأول هو الهدف الأكثر جدلاً بتاريخ المونديال وما زال الألمان حتى اللحظة يطعنون به لأن الكرة لم تتجاوز خط المرمى، ولكن الحكم السويسري داينيست وقع تحت تأثير مساعده السوفييتي باخراموف الذي ثبت الهدف فكانت الاحتفالات الإنكليزية التي لا تحدها حدود، وما زالوا حتى اللحظة يعتبرون يوم الثلاثين من تموز يوماً خاصاً وهذا أمر طبيعي لمنتخب بصم مرة وذرف دموع الخيبة مرات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن