سورية

واشنطن تحذر من «خديعة روسية» وموسكو ترفض التشكيك بـ«طبيعتها» والأمم المتحدة تلزم الحذر … تجاذب أميركي روسي حول «العملية الإنسانية في حلب»

| الوطن – وكالات

أطلقت واشنطن حملة ضغوط سياسية وإعلامية في مواجهة موسكو بهدف تخفيف قبضة الجيش العربي السوري وحلفائه وروسيا عن حلب، وتعويض الهزيمة الإستراتيجية التي مني بها مسلحو القسم الشرقي من المدينة. وبالتزامن تم يوم الخميس الماضي الإعلان من دمشق وموسكو عن إطلاق «عملية إنسانية» في حلب يتم بموجبها فتح «معابر آمنة» تتيح للمواطنين مغادرة القسم الواقع تحت سيطرة المسلحين. وبعد تحذير وزير الخارجية الأميركي جون كيري من خديعة روسيا في حلب، أعرب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي. آي. إيه» جون برينان عن أمله في أن تفي موسكو بالتزاماتها حيال تسوية الأزمة السورية وتخفيف العنف كما تمنى أن تستخدم نفوذها لتحقيق «انتقال سياسي» في سورية.
وخلال مؤتمر «أسبين» الأمني السنوي في ولاية كولورادو الأميركية، قال برينان: «آمل في أن لدى الروس نية جدية فيما يخص تنفيذ التزاماتهم بشأن وقف إطلاق النار وتخفيف العنف في سورية». ولفت إلى أن الولايات المتحدة تتعاون مع روسيا وتشرح أن سورية بحاجة إلى «سبيل سياسي» للوصول إلى «المستقبل»، وتأمل أن تستخدم موسكو نفوذها لتحقيق «انتقال سياسي» يعقبه «رحيل» الرئيس بشار الأسد.
وبحسب برينان، فإن روسيا حالياً لا تهتم سوى بمصالحها وليس بالمصالح السورية. وقال: «روسيا لا تبدي اهتمامها بالأعمال التي تستجيب للمصالح السورية، بل لمصالح موسكو الذاتية»، مشيراً إلى أن روسيا تدعم الرئيس الأسد، معتبراً أنه لا يمكن حل الأزمة في البلاد «ما دام في السلطة».
وعبر عن تشاؤمه بشأن سورية موحدة في المستقبل، حيث ذكر «لا أعرف إذا ما كان يمكن أو لا يمكن عودة سورية موحدة مرة أخرى». ومن غير الواضح إذا ما كان هذا التصريح تلويحاً بتقسيم سورية، أو إذا ما كان تحليلاً لما سيكون عليه مستقبل سورية.
وعلى أي حال، تعد تصريحات برينان اعترافاً علنياً نادراً من مسؤول أميركي كبير بأن سورية ربما لن تبقى على وضعها الذي كانت عليه قبل خمس سنوات من اندلاع الأزمة.
في غضون ذلك، اعتبر بيرت ماكغورك مبعوث الرئيس الأميركي الخاص لدى التحالف الدولي لضرب تنظيم داعش، أن «الروس لم يقدروا على تقديم خطة ذات مصداقية لنهاية الحرب»، ولفت إلى عزم الرئيس الأسد استعادة «كل شبر من الأراضي»، لكنه اعتبر أن ذلك «خيال علمي، ولن يحدث أبداً». وأضاف: «لذلك اعتقد بأن الروس يجب أن يتخذوا بعض القرارات».
وتوقعت موسكو محاولات أميركية لإرباك عمليتها الإنسانية في حلب. ونفى نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أمس الأول بشكل قاطع ما روّجه الدبلوماسيون الأميركيون حول تحضير بلاده لعملية عسكرية تهدف إلى اقتحام القسم الواقع تحت سيطرة المسلحين من المدينة.
ورفض ريابكوف أي شك في «الطبيعة الإنسانية حصراً» للعملية الروسية في حلب، معتبراً أن الشكوك الأميركية «محاولة جديدة لخوض لعبة سياسية، بدلاً من الإسهام في حل مشاكل إنسانية».
وجاءت تصريحات ريابكوف قبل ساعات من الاجتماع الروسي الأميركي العسكري في جنيف الذي كان من المقرر أن يدرس تعزيز وقف العمليات القتالية. ولم يستبعد المسؤول الروسي أن تلجأ واشنطن إلى اقتراح إعلان نظام وقف إطلاق النار في سورية لمدة 7 أيام، على طاولة المشاورات العسكرية في جنيف. وأبدى شكاً حيال الولايات المتحدة، قائلاً: «تنتهي الجولات البناءة والمثمرة للمفاوضات الروسية الأميركية بطرح واشنطن شروطاً ومطالب إضافية، في مسعى إلى تحقيق أهدافها وتحويل الوضع لمصلحتها والأطراف التي ترعاها». وإذ رفض هذا بوصفه «غير صحيح»، أبدى تفهمه له، مبيناً أنه «ينسجم مع الوضع، الذي اضطرت فيه الإدارة الأميركية إلى حل مشاكلها».
وجرى انعقاد اجتماع جنيف العسكري بناء على طلب كيري شخصياً الذي اتصل هاتفياً بموسكو مرتين بعد إعلانها إطلاق العملية الإنسانية في حلب. واعتبر مسؤولون أميركيون العملية محاولة لتفريغ المدينة من سكانها ليتسنى للجيش السوري السيطرة عليها.
وحين سئل عن الخطة الروسية، قال كيري: إن واشنطن لا تزال غير واثقة من نيات موسكو. وقال: «إذا كانت خدعة فإنها تحمل مخاطرة تدمير التعاون (الروسي الأميركي الجاري بلورته في جنيف) تماماً»، لكنه أضاف: «من ناحية أخرى إذا تمكنا من حل الأمر اليوم والوصول إلى تفهم كامل لما يحدث ثم التوصل إلى اتفاق بشأن سبل المضي قدماً فإن ذلك يمكن أن يفتح فعلياً بعض الاحتمالات».
وفي أول تعليق صدر من واشنطن على العملية الإنسانية، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي يوم الخميس: «سيبدو هذا وكأنه طلب باستسلام فصائل المعارضة وإجلاء المدنيين السوريين من حلب».
من جانبها، التزمت الأمم المتحدة التي تأمل في استئناف محادثات السلام السورية في أواخر آب المقبل الحذر في تقييمها للممرات الآمنة، وقالت: إنها قد تكون مفيدة فقط إذا اقترنت بوصول منتظم للمساعدات الإنسانية لمن لا يرغبون في الرحيل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن