الأخبار البارزة

«المجتهد» قصة مشفى فقير بلأطباء غني بالمرضى…خدمات استثنائية وإمكانيات محدودة

 محمود الصالح: 

مشفى دمشق «المجتهد» من أهم مشافي وزارة الصحة والتي تضطلع بمهام الخدمات الإسعافية والاستشفائية والتي بلغت خلال الربع الأول من هذا العام 714 ألف خدمة طبية وعدد المرضى 100 ألف مريض وكما أننا نرصد الحالات السلبية ونسلط الضوء عليها فإننا أيضاً نشيد بالحالات الايجابية ونشجعها إيماناً منا بضرورة الثناء على كل من يقدم خدمات لهذا الوطن ومواطنيه بشرف وإخلاص «الوطن»، دخلت أروقة مشفى دمشق لاستطلاع الواقع الخدمي لهذه المؤسسة الصحية.
يشكل الإسعاف الجانب الأساسي لعمل المشفى وفيه جميع الاختصاصات الطبية ويصل عدد المراجعين يوميا إلى 1400 مريض وجميع الخدمات المقدمة في الإسعاف مجانية. ويتم الآن توسيع قسم الإسعاف من خلال إنجاز مبنى جديد يتسع إلى 1500 مريض يوميا لأن القسم الحالي لا يستوعب أكثر من 600 مريض يومياً ومع ذلك يستوعب ضعف طاقته بسبب الضغط الكبير على المشفى وتم إجراء 175 ألف تحليل إسعافي في هذا القسم.. واستمعنا إلى شكوى العاملين في قسم الإسعاف حول عدم منحهم أي تعويض مقابل ما يعانونه من ضغط نفسي وصحي نتيجة عملهم لساعات طويلة وتماسهم مع ذوي المرضى في ساعات انفعالهم الأولى.
معاون المدير العام لمشفى المجتهد الدكتور باسم العرسان قال خلال جولتنا داخل المشفى: في قسم العناية المشددة يوجد 40 منفسة وهي لا تكفي ما تحتاجه حالات العناية ويجب أن يكون العدد أضعاف ذلك لأنه يدخل يوميا إلى قسم العناية المشددة 50 مريضاً يمكثون عدة أيام.
ويؤكد الدكتور العرسان أن الأولوية تعطى لحالات الإسعاف حيث تقدم لهم الخدمات الفورية من إسعاف وتحاليل وتصوير، أما العمليات الجراحية فبلغت 3000 عملية خلال الربع الأول أما الحالات «الباردة» فتعطى مواعيد لا تزيد عن شهر هذا بشكل خاص في قسم القلبية لأن المشفى يقدم العناية الطبية القلبية باستثناء الجراحة القلبية فنحن نقدم «القثطرة» القلبية الإسعافية فوراً وخلال عشرة أيام إذا كانت عادية وبلغت عدد الحالات 369 حالة ولا يوجد فرق بين المريض في القسم المأجور والمريض المجاني من ناحية الدور لأن الدور موحد لجميع المرضى حيث تأخذ المشفى ربع الحد الأعلى لتسعيرة وزارة الصحة ومثال ذلك جميع الخدمات لعملية «القثطرة» القلبية لا تتجاوز تكاليفها 12 ألف ليرة سورية في حين تصل في القطاع الخاص إلى 150 ألف ليرة سورية.
في قسم الداخلية توجد عدة اختصاصات، الهضمية والصدرية والبولية ولدينا 14 وحدة غسل للكلية وهي لا تكفي حاجة المرضى المسجلين في المشفى والذين يزداد عددهم بسبب خروج عدد كبير من مشافي المحافظات من الخدمة ما يضطر مرضى الكلية إلى القدوم إلى دمشق للغسيل ودور تسجيل مرضى غسل الكلية مدته ستة أشهر وتم إجراء 2225 جلسة غسل خلال الربع الأول. في قسم الحروق لا يوجد سوى 16 سريراً ويستقبل المشفى يوميا 45 حالة حروق وجميعها حالات إسعافية تحتاج لخدمات فورية وهي قادمة من مختلف المحافظات.
في قسم الجراحة توجد 16 غرفة عمليات إحدى هذه الغرف مؤتمتة بشكل كامل بحيث لا يوجد أي عمل يدوي فيها ويتم من خلالها إجراء عمليات الجراحة التنظيرية وكذلك نجري فيها العمليات النوعية الخاصة بأمراض الدم والأورام والكلية والاستئصال ويتم التعامل مع جميع تجهيزاتها بالنداء الصوتي ويجرى تصوير جميع مراحل العمليات الجراحية فيها ويتم بث الصور مباشرة إلى قسم التحكم والسيطرة. والحقيقة أن المشفى يحتاج إلى إضعاف هذا العدد من غرف العمليات لاستيعاب الحاجة المتزايدة من المرضى. في شعبة العظمية يوجد 50 سريرا ولا تكفي سوى ربع الحاجة لأن هناك حالات يومية تصل إلى المشفى 70 حالة تقريباً وتتضاعف في أوقات الانفجارات ويتم من خلال شعبة العظمية معالجة حالات التشوهات العظمية والمفاصل. وبالنسبة للجراحة العصبية هناك عمليات مهمة جداً يتم إجراؤها وخاصة في العمود الفقري والدسك والأورام النوعية ويتم إجراء 3 عمليات يوميا ومعظم عمليات العصبية لا يمكن إجراؤها في القطاع الخاص وتصل كلفة عملية الأورام إلى 2 مليون ليرة سورية وفي المشفى تُجرى مجاناً. أما قسم الأطفال فيضم شعباً مختلفة فيها 6حواضن وقسم للأطفال «الخدج» وعيادات مختصة وهناك ضغط كبير على القسم ويحتاج إلى غرفة للعناية النفسية في الأطفال نتيجة ما يعانونه خلال هذه المرحلة من الحرب.
وفي قسم المخابر توجد أجهزة حديثة جداً وتم إجراء 280 ألف تحليل كيمياوي ودموي خلال الربع الأول ويتم إجراء التحاليل باستثناء التحاليل المناعية الخاصة بالأورام حيث يتم إجراؤها في مشفى البيروني، وهناك معاناة في تأمين المواد اللازمة للتحاليل وصعوبة في تأمين صيانة وقطع التبديل للتجهيزات المخبرية والشعاعية وهناك نقص في الأدوية الهرمونية.
في الأشعة يوجد عدد من أجهزة التصوير العادي إضافة إلى جهاز للتصوير الطبقي المحوري وآخر في الاسعاف وهناك جهاز للرنين المغناطيسي وأجهزة ايكو دوبلر وفي قسم التشريح المرضي، حيث يتم استقبال جميع حالات التشريح وقد تم إجراء تصوير 41 ألف حالة خلال الربع الأول.
وهناك قسم العيادات وفيه 36 عيادة تضم جميع الاختصاصات وتستقبل يوميا 700 مريض تقدم لهم الخدمات الطبية اللازمة.
وعن توافر الأدوية وهل يتم الطلب من المريض شراء الدواء من الخارج قال العرسان: جميع الأدوية التي يحتاجها المريض للعلاج داخل المشفى متوافرة وأي طبيب يرسل مريضاً موجوداً في المشفى لشراء دواء من خارج المشفى يعاقب ولكن يتم استخدام جميع الأدوية داخل المشفى حصراً.
أخيراً لابد من طرح جملة من التساؤلات التي حملناها خلال جولتنا داخل مشفى دمشق وهي: أين ذهب الأطباء المهجرون من المشافي التي خارج السيطرة..؟ ولماذا هذا التكدس للخبرات الطبية والتمريضية والإدارية في المراكز الصحيحة حيث لا توجد لهم أعمال..؟ في وقت تحتاج مشفى دمشق لكل الخبرات..؟ وما سياستنا الطبية في هذه الأزمة؟ ولماذا حتى الآن نعاني من قلة عدد أطباء التخدير..؟ ألا توجد طريقة لتشجيع التخصص في ذلك؟ ولماذا هذه التعقيدات في تأمين احتياجات المشافي من الأدوية؟ هذه الأسئلة وغيرها ننتظر الإجابة عنها من وزارة الصحة…!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن