قضايا وآراء

حصانة العلاقات الروسية السورية

| تحسين الحلبي 

إن تحليل العلاقات الإسرائيلية الروسية بالاستناد إلى مصادر أوروبية مثل مجلة (لا تريبيون جويف) اليهودية الفرنسية والاستنتاج بوجود «علاقات إستراتيجية بامتياز بين روسيا وإسرائيل حالياً». بموجب ما ذكره الكاتب سامي كليب في صحيفة السفير 8/8/2016 في مقال بعنوان: «يهودية بوتين هل تنفع العرب وسورية؟» لا يمكن تناوله بهذه الطريقة شبه الأحادية من دون مقارنته على الأقل بما استنتجه عدد من مراكز الأبحاث الإسرائيلية مثل مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي inss ومركز بيغين السادات ومركز دايان للدراسات. ففي التقرير الذي ينشره مركز Inss كل ستة أشهر بعنوان (عيدخون) إستراتيجي بالعبرية وهو بمعنى تقدير وضع راهن (تموز 2016) يقول عاموس ياديلين رئيس المخابرات العسكرية السابق والمدير الحالي لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي Inss بالنص في تحليل بعنوان (روسيا وسورية والمضاعفات على إسرائيل): «لقد ولد الدور الروسي والعلاقات الروسية السورية تأثيراً استراتيجياً في غاية السلبية على إسرائيل وحمل معه النتائج التالية: زاد من قوة محور دمشق-طهران- حزب اللـه وجعل هذا المحور هو القوة السائدة في سورية وبفضل العلاقات الروسية السورية زودت موسكو هذا المحور بأسلحة ومعدات حربية متطورة وذات نوعية متقدمة استفادت منها الأطراف الثلاثة» ويعترف يادلين قائلاً: «إن كل هذه العوامل ستحمل أخطاراً كبيرة على إسرائيل في المستقبل خصوصاً على حدود الجولان وهذا ما يشكل تطوراً استراتيجياً سلبياً على إسرائيل».
وفي تحليل آخر يرى اودي ديكيل أحد المسؤولين سابقا في استخبارات هيئة الأركان الإسرائيلية في تحليل نشره في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن كل ما كانت إسرائيل تتطلع إلى الحصول عليه من مصالح تكتيكية وإستراتيجية خلال سنوات الأزمة السورية بدأ بوتين بتبديدها وعرقلتها حين قرر المشاركة المباشرة بقواته الروسية للدفاع عن الحكومة السورية واستقرار الحكم فيها واعتبر محللون آخرون أن القوة المسلحة الروسية التي تشارك على الأرض السورية في الحرب على المجموعات المسلحة ستشكل قيادة مشتركة مع القيادة السورية لعشرات السنين وهذا ما يلحق أكبر الأخطار بمصالح إسرائيل.
وتعليقاً على ما يقوله البعض من أن نتنياهو زار أربع مرات روسيا في عام واحد وحقق «تعاونا استراتيجياً مع موسكو» أو أنه يسير نحو تحقيق مثل هذا التعاون يكشف موقع برافدا ريبورت في حزيران الماضي تحت عنوان «روسيا تصفع إسرائيل على وجهها» نشره الموقع بالروسية والإنكليزية أن إسرائيل لم تستطع أن تغير شيئاً في السياسة الروسية الثابتة تجاه سورية وأن أحداث سورية رسخت تماسكا استراتيجياً بين موسكو ودمشق وطهران وحزب اللـه يؤكد وجود مصالح متناقضة مع كل السياسات الإسرائيلية في المنطقة وأن زيارات نتنياهو باعتراف الإسرائيليين قبل غيرهم لم تستطع إزالة مخاوفه من مستقبل هذا التحالف ولا التقليل منها أيضاً.
ولا شك أن جدول عمل روسيا وسورية وإيران وحزب اللـه المشترك والملح والإستراتيجي للتخلص من جميع المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية والمنطقة يتناقض كلية مع جدول العمل الذي أكده أكثر من مسؤول إسرائيلي بدءا من مسؤول المخابرات الإسرائيلية إلى يعالون وزير الدفاع السابق إلى نتنياهو رئيس الحكومة حين صرحوا علناً أن استمرار وجود داعش والنصرة في سورية والمنطقة يصب في مصلحة إسرائيل ولا يرغبون بأن ينتهي وجود داعش من سورية؟!! فهل تصح العبارة التي يستخدمها بعض المحللين عن وجود مصالح مشتركة بين موسكو وتل أبيب تجاه مثل هذه المواضيع في جدول عمل روسيا وسورية وإيران وحزب اللـه المشترك؟
وإذا كان من الطبيعي أن يظهر نوع من التشكيك عند البعض في حصانة العلاقات الروسية السورية عند كل انتصار يحققه الجانبان في معاركهما المشتركة فإن تناول الموضوع الروسي الإسرائيلي في هذا الاتجاه لا تتوافر له الموضوعية المطلوبة عندما يرى الجميع تناقض المصالح الروسية مع المصالح الإسرائيلية في المنطقة حتى لو زار نتنياهو موسكو كل شهر وهو الذي يعرف أن تناقض المصالح الروسية مع المصالح الأميركية في المنطقة يجعل إسرائيل جزءاً من مصالح أميركا فيمن تعاديه وفيمن تصادقه فإسرائيل تصادق كل الدول التي توظفها واشنطن ضد روسيا في المنطقة وهذا موقعها الطبيعي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن