قضايا وآراء

الإرهاب ودوره في أحداث العالم

| د. قحطان السيوفي 

المشهد الدولي للأحداث يحكمه شبح الخوف من الإرهاب الذي بدأ يرعب الناس والحكومات في معظم أصقاع العالم… حتى الحكومات التي دعمت التنظيمات الإرهابية تعاني بشكل مباشر، أو غير مباشر، اليوم من شر سم الإرهاب التكفيري؛ الذي سبق أن ساهمت في طبخه… بعض دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة وأوروبا التي أيدت ولاتزال الدول الإقليمية الشرق أوسطية الداعمة والممولة للإرهاب في المنطقة وتحديداً في سورية… حكومات هذه الدول تدفع اليوم ثمن أخطائها… وتواجه رأياً عاماً تحكمه اتجاهات قومية متشددة أقرب إلى العنصرية… وتشهد الساحة العالمية أحداثا ترسم
خريطة طريق إلى فوضى عالمية ليست بعيدة عن الأهداف العامة للسياسات الأميركية للهيمنة وحماية أمن إسرائيل وإضعاف وتفتيت العالم العربي… بالمقابل تتصدى سورية مدعومة من حلفاء إقليميين ودوليين للتنظيمات الإرهابية…
العالم يعيش أحداثاً غير مترابطة… ترامب اعُتمد مرشحاً للرئاسة الأميركية عن الحزب الجمهوري، وهو المهووس بالعنصرية… ويلعب على خطر معزوفة الإرهاب الذي أخاف الأميركيين…
السلطان العثماني أردوغان سَخر دراما الانقلاب العسكري لتصفية خصومه… والعشرات ماتوا في هجوم إرهابي مُروّع نفذته داعش في نيس بفرنسا. ويُمكن أن نضيف إلى هذه القائمة الضربة الموجّهة للتماسك الغربي بسبب تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي هذه الأحداث الأربعة يمكن التعامل معها كتداعيات ونتائج الإرهاب الذي يضرب العالم اليوم، والذي لم يكن في نشأته ومساره الإجرامي بعيداً عن الآلة الصهيونية العالمية بدعم وتشجيع أميركي وتمويل ورعاية من دول شرق أوسطية معروفة (السعودية، قطر، وتركيا) ترامب في آخر مؤتمر للحزب الجمهوري ؛اتهم كلينتون وأوباما بحمل إرث «الموت والدمار والإرهاب والضعف»، أميركا يهددها متشددون من تنظيم «داعش»… وصفت صحيفة «نيويورك تايمز» خطاب ترامب بأنه مبني على «حملة الخوف ورؤية قاتمة لأميركا حيث المهاجرون هم مسؤولون عن العنف والفوضى».
ووصفت «واشنطن بوست» الخطاب بأنه «يصور أميركا وكأنها مكان بائس ومظلم ومملوء بالعنف».
قبل (88) يوماً من انتخابات الرئاسة الأميركية كرر ترامب اتهامه الرئيس باراك أوباما والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بـ«تأسيس تنظيم داعش»، وأضاف ترامب: «ما فعلاه كارثة»، بريطانيا كان فيها دائماً مناهضون لأوروبا، لكن تصويت خروج بريطانيا يُشير إلى خيبة أمل أوسع بكثير…
بالمقابل نرى مع العديد من المحللين ومراكز الدراسات العالمية أن استفتاء البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي كان، بشكل أو بآخر، رداً على موضوع الهجرة التي سببها التنظيمات الإرهابية التكفيرية داعش والنصرة وأخواتها… التي تحاربها الدولة السورية…
وبوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني، أظهر اهتماماً بعدم إدخال المهاجرين القادمين من تركيا أكثر من اهتمامه بشأن سلامة الديمقراطية…
الرجل الذي قاد شاحنة عبر حشود من الأبرياء الذين يحتفلون بيوم الباستيل في نيس منح ولاءه لشكل مختلف من سياسات الهوية… هذه المذبحة التي أودت بحياة العشرات ربما يرجعها جماعة الرئيس الفرنسي هولاند إلى الحالة الذهنية المضطربة لمرتكب الجريمة أكثر من كونها جريمة مروعة لتنظيم داعش الإرهابي رغم اعتراف الأخير بجريمته… وذلك من أجل تخفيف نتائجها المروعة الصادمة للشعب الفرنسي، على ضوء الغزل والعلاقات المصلحية المميزة بين حكومة هولاند، ونظام آل سعود الغارق في دعم التنظيمات الإرهابية…
أردوغان المهووس بالسلطة تقمص شخصية السلطان العثماني السفاح… وبعد دراما الانقلاب أمعن في تصفية خصومه داخل حزبه وفي الجيش والقضاء والإعلام… واهتزّت آماله بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي… «سلطان أنقرة»، الداعم للإرهاب في سورية… يقود تركيا إلى المجهول…
وكل ما يواجهه وسيواجهه في القريب سيكون نتيجة لدعمه مشروع الإرهاب العالمي الذي يرعاه مباشرة في سورية…
من ناحية أخرى يُظهر المشهد العالمي: صعود النزعة القومية، وسياسات الهوية، والإحباط من النظام الدولي القائم… العداء للسياسات المحلية ينتشر إلى الساحة العالمية…. والصعوبات الاقتصادية التي أعقبت الانهيار المالي عام 2008، والمخاوف من خطر الإرهاب… فرنسا لديها حزب الجبهة الوطنية المتطرف، وإيطاليا لديها حزب حركة «خمس نجوم»، وإسبانيا لديها حزب بوديموس، وفي الآونة الأخيرة ألمانيا أصبح لديها حزب «البديل لألمانيا» المتعصب. التفكك والإرهاب قلَب لعبة الأدوار في الحرب بين أحزاب يمين الوسط ويسار الوسط…
باختصار أن الأحداث التي أشرنا إليها… تدلل بوضوح إلى أن عالم اليوم يشغله موضوع الإرهاب الذي يدعمه ويموله الغرب وحلفاؤه الإقليميون وتعمل تنظيماته داعش والنصرة وأخواتهم في سورية… وآخر تقرير لمركز دراسات ألماني يشير إلى وجود (90000) إرهابي مرتزق في سورية يحاربهم الجيش السوري ما يؤكد أن سورية أصبحت في قلب أحداث المشهد الدولي وهي تحارب الإرهاب…

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن