قضايا وآراء

هل دخل الحوار الروسي الأميركي مرحلة الحسم..!؟

| عبد السلام حجاب 

من غير المؤكد إذا ما كانت أميركا التي دخلت إدارتها الحالية مرحلة البطة العرجاء، قادرة أو تريد شن حروب أو أن تعمل على تحقيق سلام واستقرار في العالم، والمؤشرات كثيرة من سورية إلى بحر الصين مروراً بروسيا وإيران.
مؤشرات عديدة تكشف عن نفسها عبر طبيعة التعقيدات وتنوع القطب المخفية التي تنطوي عليها مواقف الجانب الأميركي في محادثاته السياسية والعسكرية والإنسانية لمحاربة الإرهاب دون انتقائية مع الشريك الروسي المفترض، ما يجعل التعويل على لقاء مرتقب خلال الأيام القادمة بين الوزير لافروف ونظيره الأميركي كيري في جنيف يحظى باهتمام خاص.
وقد أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية زاخاروفا أن العمل مستمر بين موسكو وواشنطن لصياغة آلية تنسيق بشأن سورية وقد دخل مرحلة حاسمة، ولم تبالغ حين وصفت ما يجري بين الجانبين بأنه عملية صعبة ومعقدة، مشيرة إلى أن اختلاط مواقع التنظيمات الإرهابية مع فصائل تسميها واشنطن «المعارضة المعتدلة» يمثل حجر عثرة في إطار تسوية الأزمة في سورية.
ولكن قبل الحديث عن منعرج المرحلة الحاسمة للمحادثات بين الجانبين الروسي والأميركي التي دونها حسابات أكثر صعوبة وتعقيداً ولاسيما ما يتعلق منها بمحاربة الإرهاب.
يمكن القول إنه لو أراد مراقب تعداد القطب الأميركية المخفية بما تسعى إليه عبر الاستثمار بالإرهاب في سورية لوجد أنها كثيرة ومتنوعة قد تبدأ بحيثيات الفوضى العمياء ومشروع الشرق الأوسط الجديد وإن بات يلفظ أنفاسه الأخيرة أمام صمود السوريين وجيشهم الباسل، ولا تنتهي بأصابعها الاستخبارية والاستشارية العسكرية الممتدة بصورة غير شرعية وتتناقض مع القانون الدولي في الساحة السورية لمواصلة الاستثمار بالإرهاب وما يتماهى معه ويتداخل من قوى تقسيمية، عرقية وما قبل وطنية، والأمثلة كثيرة في شمال سورية وجنوبها، ما يطرح السؤال عن صبر موسكو الذي لم يعد ممكناً له الانتظار وعن مدى استمرارية حكمة وعقلانية سورية وجيشها الباسل في محاربة الإرهاب بلا هوادة وفي معالجة الأعمال العدائية المدبرة للجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني الأسايش في الحسكة ضد السوريين والجيش العربي السوري بالطريقة والتوقيت المناسبين.
وليس بعيداً، وبلا مواربة رفض رئيس الدبلوماسية الروسية لافروف اقتراح نظيره الألماني شتانماير إسقاط مساعدات إنسانية من الجو فوق حلب الذي لم يسأل لماذا قام حلف الإرهاب، بزج نحو 360 ألف إرهابي من مختلف أنحاء العالم للانقضاض على سورية وشعبها، كما لم يسأل عن دور بلاده في الإجراءات الاقتصادية والسياسية والإنسانية العقابية الوحيدة الجانب بحق السوريين مع علمه بأن أهدافها سياسية تتناغم مع الإرهاب وليست إنسانية بطبيعة الحال. على حين أعرب لافروف عن الأمل بأن تنجح المساعي بمشاركة روسيا وأميركا والدول الغربية الأخرى ودول المنطقة والأمم المتحدة في تحسين وضع المواطنين السوريين الآمنين في حلب ومناطق أخرى وعدم السماح للإرهابيين بإملاء شروطهم، ولاحقاً أقر الوزير الألماني بأهمية الدور الروسي، كما ترجمت الخارجية الروسية جانباً لهذا الدور بقبول المقترح الأممي بتمديد الهدنة الإنسانية من ثلاث ساعات إلى ثمان وأربعين ساعة أسبوعياً. وهو ما كان دعا إليه الميسر الدولي لمحادثات جنيف السورية في تصريح مسيس بتوقيت مشبوه تزامن مع المحادثات الروسية الأميركية الجارية في جنيف من دون أن يأخذ باعتباره حصار الإرهابيين لبلدتي كفريا والفوعة منذ نحو سنتين، بل إن من يقرأ في القطب المخفية التي تضمنها تصريحه يدرك أنها تسعى إلى إنقاذ الجماعات الإرهابية في شرق مدينة حلب وريفها من الهزيمة تحت ضربات الجيش العربي السوري والحلفاء والقوى الجوفضائية الروسية التي بدأت استخداماً شرعياً لا لبس فيه لقاعدة همدان الجوية الإيرانية لعملياتها في محاربة الإرهاب في سورية.
وكان أوضح ريابكوف نائب الوزير الروسي بأن المساعدات الإنسانية الأممية تجري وفق شرطين ملزمين بموجب القرارات الدولية ذات الصلة وهما:
1- أن تتم بالتنسيق والتعاون مع حكومة الجمهورية العربية السورية والتأكد من خلوها من الأسلحة والمعدات التي يمكن أن تصل للإرهابيين تحسباً لسوابق حدثت.
2- أن تقوم الأمم المتحدة بإعداد هذه القوافل الإنسانية واعتماد ممرات عبورها بالتنسيق مع الحكومة السورية.
وأشار وزير الدفاع الروسي شويغو إلى أن القوافل الإنسانية يمكن أن تدخل إلى حلب بالتوازي مع إصلاحات جارية في البنية التحتية وعدم السماح بمساندة الإرهابيين بشكل مباشر أو غير مباشر.
لقد بات واضحاً أن حراكاً سياسياً ودبلوماسياً غير مسبوق تشهده المنطقة والعالم، ويجري بصورة مكثفة بين موسكو وطهران وأنقرة وأبعد من ذلك يتركز حول الحل السياسي للأزمة في سورية وأولوية محاربة الإرهاب قبل الوصول إلى طاولة جنيف للحوار بين السوريين بموجب قرار مجلس الأمن 2254 من دون تدخل خارجي أو شروط مسبقة.
ولكن يبقى السؤال قائماً حول الاتجاه الحاسم للمحادثات الروسية الأميركية على إيقاع إرهاب تعددت أشكاله وأجنداته، ومخططات يعاني أصحابها من إفلاس سياسي ولم يتبق في جعبتهم سوى الابتزاز الاقتصادي والإنساني كحال حكام السعودية وقطر وتركيا!؟
يقول مايكل راتني المكلف الأميركي لشؤون الملف السوري إذا لم تتم القناعة بأن الجيش السوري وحلفاءه في ميدان المعركة في حلب وغيرها، فإن من يفكر بغير ذلك فإنه من المجانين أو الأغبياء، وإننا لا نستطيع أن نقوم بما يقوم به الروس.
وقد أكد الرئيس بشار الأسد للوفد الهندي «أن السوريين مصممون على المضي في الدفاع عن وطنهم ووحدة بلدهم على الرغم من كل الضغوط والمعاناة على صعيد الأمن والاقتصاد والحياة اليومية»، وهو التصميم الذي يترجمه الجيش العربي السوري تقدماً في ميدان محاربة الإرهاب حتى القضاء عليه كخيار وطني وتحقيق النصر الحاسم طال الزمن أم قصر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن