من دفتر الوطن

الاصطياد بالأوساخ!!… والتقسيم!!

|  عبد الفتاح العوض

التعبير العربي المستخدم الاصطياد بالمياه العكرة.. على ما يقولون فإن المياه العكرة لا تحوي الأسماك.
لكن في حالتنا فإن ما يقوم به كثيرون هو الاصطياد بنار الحرب وسيول الفوضى!
أقول: كثيرون هؤلاء الذين أصبحت الأزمة أو الكارثة السورية مصدر «صيدهم»!.
لعل الحديث عن تجار أزمة بكل الأنواع والأصناف ليس مغرياً لأحد.. فهم حولنا كثر.. لا نقول: إننا رضينا بهم أو سعدنا بوجودهم لكن على الأقل تعايشنا مع هذه الحالة ويمكن اعتبارها أحد الأعراض الجانبية لما أصابنا من أمراض وطنية في هذه المرحلة.. وفينا كثير من الأمل بأن هذه الأعراض الجانبية تنتهي مع نهاية المرض أو الأمراض الوطنية التي نعيشها بواقع الحرب وتوابعها.
لكن.. وهذه لكن مع غصة! كيف يمكن قبول اصطياد المياه العكرة في سورية من «مكون» سوري- هكذا نسميه-! أو من بعضه أو من جزء منه.
لماذا يشكل البعض من– مكون سوري- خاصرة رخوة في الجسد السوري. لا أستسيغ التسميات القومية والطائفية والدينية… هذه لغة لا يجيدها السوريون بل أبعد من ذلك لا تليق بهم…. ربما الحديث عنها بطريقة مبتذلة سوف يحولها إلى أمر طبيعي ويصبح الحديث الإثني والطائفي والقبلي جزءاً من لغة السوريين.
خطورة ما يجري أنه يمثل محاولة «تقسيم» الفعلي.. لا أحد من السوريين يشجع على التقسيم.. ومن الواضح تماماً ولم يعد لأحد الحق في المجادلة بأن ما جرى في غاياته هو رسم خرائط جديدة للمنطقة برمتها وليس لسورية فحسب.
وبالتالي فإن النصر والهزيمة لهما عنوان واحد فقط… إذا نجح التقسيم فقد هزمنا وانتصروا.. وإذا أخفق التقسيم انتصرنا وهزموا.
وفي كل مرة يجري الحديث عن التقسيم تطل الأفكار الرئيسية ذاتها: السوريون لا يريدون التقسيم هذا مبدأ ثابت غير قابل للنقاش.
الفكرة الثانية أن التقسيم بحد ذاته غير ممكن في الجغرافيا السورية ولا حتى في إمكانات عيش الأجزاء المقسمة كلٍ وحدها.
إنها فكرة محكوم عليها بالموت مسبقاً.. الآن لدينا بعض من مكون سوري يصطاد بالمياه العكرة ويحاول أن يقلد ما حدث في العراق.. ورغم أن ما جرى في العراق له سياقه التاريخي.. وأظن أيضاً أن له مداه التاريخي وهو مدى لن يكون طويلاً وسيكون أيضاً محكوماً بعدم القدرة على الحياة في بيئة رافضة من الداخل والخارج إلا أنه في سورية فإن الحل لكل المكونات واحد سورية دولة موحدة بقوانين ديمقراطية تضمن حقوق الجميع بغض النظر عن الطائفة والقومية. والعقيدة وكل ما عدا المواطنة! الاصطياد بالمياه العكرة.. هو أسوأ أنواع «الاصطياد»!.. وخاصة عندما تصيد لمصلحة الغير وعندما تكون موقناً أنه حتى أدوات الصيد سيخلصك منها الأميركي ويتخلص معها منك.
أي تبرير من أخطاء وغيرها لا تبرر استثمار حالة الفوضى في تقسيم سورية… ثمة أخطاء…. وثمة جرائم، ما تقومون به جرائم غير قابلة للغفران.

أقوال:
المواقف خريف العلاقات يتساقط منها المزيفون مثل أوراق الشجر.
أقوى الكائنات ليس من يبقى فقط بل الأكثرهم ذكاء والأقدرهم على التأقلم مع المتغيرات.
عليكم أن تبحثوا عن الحقيقة لا أن تعبدوا أولئك الذين اكتشفوها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن