سورية

سورية وروسيا.. علاقة ثنائية من بوابتها ترتسم ملامح جديدة للعلاقات الدولية

وأكدت روسيا مراراً أن دعمها لسورية لا ينطلق من اعتبارات شخصية ومصلحية ضيقة بل يستند دائماً إلى مصلحة الشعبين السوري والروسي ومبدأ احترام سيادة الدول الذي أقره القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، كما أن هذا الدعم هو موقف مبدئي وثابت وغير خاضع للمساومة والضغوط والإغراءات، الأمر الذي دفعها للعمل من دون كلل من أجل إنهاء الأزمة في سورية عبر توفير أجواء الحل السياسي القائم على الحوار الوطني بين جميع السوريين، حيث استضافت روسيا لقاءين تشاوريين بين الحكومة ووفود المعارضات كان آخرها في نيسان الماضي واتفق الطرفان على اعتماد ورقة مشتركة للمرة الأولى حول تقييم الوضع الراهن في سورية.
ولم تقف روسيا على الحياد أمام الإرهاب فكانت واضحة وجريئة في إدانتها كل أشكال الإرهاب أينما وجد من أفغانستان إلى العراق وسورية وصولا إلى مالي وكل المناطق والدول التي تمدد فيها تنظيم القاعدة، كما عملت على تزويد سورية بكل ما يلزم لتأمين القدرات الدفاعية للجيش والقوات المسلحة انطلاقاً من واجبها كحليف يقف في الخندق ذاته بمواجهة الإرهاب، وتسخير كل قدراتها لمنع قوى إقليمية من التدخل العسكري في سورية.
وكان للعلاقات القوية والمميزة والمتنامية بين الشعبين السوري والروسي أثر كبير في تخفيف معاناة السوريين جراء العقوبات الاقتصادية الجائرة والعدوان الإرهابي الممنهج الذي تتعرض له سورية، وانعكس ذلك على أرض الواقع من خلال المساعدات الإنسانية التي يرسلها الشعب الروسي منذ بدء الأزمة والتي وصلت إلى أكثر من 20 طائرة مساعدات إغاثية وإنسانية كان آخرها نهاية شهر أيار الماضي.
وتتجلى رغبة البلدين والشعبين في تمتين وتعزيز هذه العلاقات التاريخية من خلال تواصل المشاورات واللقاءات والاجتماعات الثنائية على المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية كافة.
وعكست زيارتا الرئيس بشار الأسد إلى موسكو في عامي 2005 و2006 ومحادثاته مع الرئيس فلاديمير بوتين والمسؤولين الروس والاتفاقيات التي تم توقيعها في المجالات السياسية والاقتصادية العلاقة الجيدة والمتطورة بين البلدين، وخاصة في المجال الاقتصادي وتجسد ذلك في وثيقة الإعلان المشترك حول مواصلة تعميق علاقات الصداقة والتعاون التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس الأسد عام 2005.
كما فتحت زيارة الرئيس الأسد إلى روسيا عام 2008 آفاقاً واسعة لتطوير العلاقات السورية الروسية ودفعها إلى الأمام وعكست التفاهم والتنسيق حيال القضايا على المستويين الإقليمي والدولي إضافة إلى حرص الجانبين على تعميق وتمتين العلاقات الثنائية في مختلف المجالات. ‏‏
كما جاءت زيارة الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف في أيار عام 2010 إلى سورية تتويجاً لرغبة البلدين القوية بتعزيز الشراكة الإستراتيجية بينهما والارتقاء بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات إلى آفاق أوسع ولاسيما في المجالين الاقتصادي والتجاري، إضافة إلى تأكيد البلدين دائماً تمسكهما بمبادئ وأحكام القانون الدولي والالتزامات المنبثقة عن ميثاق الأمم المتحدة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية النافذة التي تكون سورية وروسيا طرفاً فيها.
وينظم العلاقات التجارية بين سورية وروسيا عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات التجارية وفي مقدمتها الاتفاق الموقع في دمشق عام 1993 بين الحكومتين للتعاون التجاري والاقتصادي والفني والذي نص على اتخاذ التدابير اللازمة لتسهيل وتشجيع المبادلات التجارية والتعاون الاقتصادي والفني ودعم التعاون في مجالات الطاقة والري والزراعة والصناعة والنقل والنفط والتجارة ومنح معاملة الدولة الأكثر رعاية فيما يتعلق بالرسوم الجمركية والضرائب، إضافة إلى الاتفاق على تسديد المدفوعات بين البلدين بعملات قابلة للتحويل بصورة حرة وتسهيل وتنشيط إقامة المعارض الوطنية والدولية. ‏‏
وعلى صعيد السياحة أسهمت الاتفاقيات الموقعة بين البلدين بتوسيع التعاون السياحي وتطوير الموارد السياحية والاقتصادية المشتركة ما أسهم بإطلاق مشاريع سياحية لمستثمرين روس منها مشروع إقامة منتجعين سياحيين على الشاطئ السوري بقيمة 130 مليون دولار، كما تقدم سورية تسهيلات للسياح الروس عبر منح تأشيرات الدخول للمجموعات الروسية بصورة مجانية في المطارات وعلى الحدود مباشرة. ‏‏
وتزود روسيا سورية بالمنتجات النفطية والمعادن والخشب والتجهيزات والأسمدة والورق والأنابيب والجرارات والذرة والأعلاف، في الوقت الذي تستورد منها المنتجات الغذائية ومنتجات الصناعات الخفيفة والخضار والفواكه والمنتجات النسيجية والخيوط والألياف والقطن والأحذية والأدوات المنزلية ومصنوعات الاستعمال الشخصي والزينة والأثاث.
وفي مجال النفط وقعت وزارة النفط والثروة المعدنية وشركة سيوزنفتاغاز إيست ميد الروسية نهاية شهر كانون الأول من العام 2013 عقد عمريت البحري للتنقيب عن البترول وتنميته وإنتاجه في المياه الإقليمية السورية في البلوك رقم 2، حيث يتضمن العقد إجراء عمليات المسح والتنقيب عن البترول في المنطقة الممتدة من جنوب شاطئ مدينة طرطوس الساحلية غرباً إلى محاذاة مدينة بانياس وبعمق عن الشاطئ يقدر بـ70 كيلومتراً طولاً وبمتوسط عرض 30 كيلومتراً وبمساحة إجمالية نحو 2190 كيلومتراً مربعاً.
وتلعب اللجنة الروسية-السورية المشتركة دوراً إيجابياً في تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين حيث وقع جانبا اللجنة في 25 أيار 2013 خلال اجتماعهما في مجلس الوزراء بدمشق مذكرة تفاهم حول مجالات التعاون في الإطار الجمركي الاقتصادي وخاصة مجالات الطاقة والجمارك، كما تم الاتفاق على كثير من المواضيع ومجالات للتعاون الاقتصادي والاستثماري في الاجتماع الأخير الذي عقدته اللجنة في تشرين الأول من العام الماضي في مدينة سوتشي الروسية.
وتأكيداً على نمو العلاقات الثقافية والتعليمية بين البلدين الصديقين قررت وزارة التربية إدراج اللغة الروسية في المناهج التعليمية حيث سيتمكن طلاب الصف السابع من اختيار لغتهم الثانية بين الروسية والفرنسية، كما قررت الحكومة الروسية هذا العام زيادة عدد المنح الدراسية المقدمة للطلبة السوريين بنسبة 50% وبشكل يتوافق مع قدرات وإمكانيات روسيا وحاجة سورية.
سانا

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن