قضايا وآراء

المعارضة السورية: ماذا في القاهرة؟

مازن بلال :

استباقاً لأي تحولات في السياسة التركية يبدو مؤتمر المعارضة في القاهرة تمهيداً ضرورياً، فعلى الرغم من أن حكومة العدالة والتنمية لن تعدل سياستها سريعاً تجاه الأزمة السورية، لكن علاقتها مع المعارضة السورية ستشهد عتبة جديدة؛ فـ«الائتلاف السوري» سيدخل مرحلة من البحث عن آليات جديدة في تعامله مع أنقرة فيما لو ظهرت حكومة ائتلافية، وفي المقابل فإن الخيار الآخر، أي الانتخابات المبكرة، ستضعه أيضاً في موقف حرج وسط حالة التحولات التركية، ويظهر مؤتمر القاهرة «اقتناصاً» لفرصة ضيق الهامش السياسي أمام «الائتلاف السوري».
ومؤتمر القاهرة يحمل معه أيضاً تجاذبا إقليميا، فالأزمة السورية عنوان إعلامي أساسي ضمن النشاط الدبلوماسي لدول المنطقة عموما، ومع تناقص فرص اجتماع المعارضة السورية في الرياض؛ يتحرك الحليف المصري محاولا سد فراغ حقيقي خلفه انشغال السعودية في الحرب على اليمن، فطيف المعارضة في القاهرة ينقل طبيعة «حملة العلاقات العامة» التي تحاول صياغة «تجمع» لن يكون بديلاً عن «الائتلاف»؛ لكنه ينافسه على أي مساحة سياسية يخليها نتيجة الواقع التركي الجديد، فمؤتمر القاهرة يبدو عائماً بأهدافه لأن غرض انعقاده يقفز فوق اعتبارات «الحوار السوري» أو تسهيل آليات «التفاوض» مع الحكومة السورية، فهو دور «تعويضي» إن صح التعبير لغياب اللاعبين الإقليميين الأقوياء، تركيا والسعودية، كما أنه حاول الضغط على «الائتلاف» عبر مشاركة بعض أعضائه بشكل مستقل، وتظهر صورة المؤتمر، وفق ثلاث نقاط أساسية:
– القدرة على الاستقطاب؛ فالمهم قدرة القاهرة على إيجاد تجمع واسع، وذلك بغض النظر عن النتائج التي يمكن أن يتوصل إليها المجتمعون، والملاحظ هنا أن الدعوات لم تكن في سياق الوصول إلى توافقات، بل ذهبت نحو توسيع حجم المشاركة لإتاحة «حالة اختراق» لمعظم التشكيلات، تتيح مستقبلا نفوذا أفضل لمصر في مسار الأزمة السورية.
– بناء قاعدة سياسية تقليدية للقاهرة داخل المعارضة السورية، فهناك جملة من المؤتمرات أدت لوجود هذه القاعدة، ويبدو أن الخارجية المصرية تريد الاستناد إليها في إعادة رسم دورها باتجاه المشرق العربي، ولا يقتصر هذا البعد على «هيئة التنسيق السورية» المعارضة، لأن ما تبحث عنه القاهرة هو كتلة مختلفة لها حضورها في العواصم العالمية وليس في دمشق.
– ربما لا تستطيع مصر إعادة دور فعال لها داخل العمل العربي، والجامعة العربية تحديدا، لكنها ومن خلال مؤتمر القاهرة، وما سبقه من مؤتمرات، تُبقي على الأقل أهمية لحضور الجامعة في مصر من خلال فاعلية الخارجية المصرية في أزمة حساسة مثل الأزمة السورية، فما يحدث على الساحة العربية هو اختبار متجدد لإمكانية هيكلة «الجامعة العربية»، و«التحالف العربي» ضد اليمن هو أحد هذه الأشكال، في حين لا ترى مصر مصلحة لها في تغيير «مؤسسات» الجامعة العربية.
أي رؤية لمؤتمر القاهرة لن تكون من خلال النتائج، فأهميته في نوعية العلاقات السياسية التي ينتجها، وهو لن يخرج عن إطار الصراعات الإقليمية، فهو تأسيس متجدد في التنافس السياسي من أجل التأثير على مسار الأزمة في سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن