ثقافة وفن

بعد «ضيعة ضايعة» و«الخربة» الكوميديا السورية تهريج

| مادلين جليس

الكثير من المسلسلات السّورية عرضت في الموسم الدّرامي الفائت لشهر رمضان، وكان الكثير منها بحسب عناوينها تحمل طابعاً كوميدياً هزلياً، ولكنّها حقيقةً لم تكن كما أشارت أسماؤها، فمتابعتها لعدة حلقات كانت كفيلة بأن يلاحظ المشاهد العكس تماماً، فقد خلت هذه المسلسلات من أي نكهةٍ فكاهيةٍ، أو قلّ ما يرى المتابع لها مشهداً كوميدياً حقاً، بل على العكس، فإن أغلب مشاهدها كانت مجرّد تأديةٍ بسيطةٍ لما هو أقرب إلى الدّراما، بطريقة تهريجية غير مستحبّة لدى الكثير من الجمهور السّوري.

وفي ناحية أخرى فإن بعض القنوات السّورية مازالت إلى الآن تعرض مسلسلي «ضيعة ضايعة» و«الخربة» بالتّناوب كل فترة، والذي لوحظ عند النّسبة الأكبر من المشاهدين هو متابعتهم لهذين المسلسلين بلهفةٍ، وانتظارهما في كلّ عرضٍ، على الرّغم من قدمهما وفوات عدّة سنواتٍ على عرض كلٍ منهما لأوّل مرّة، وعلى الرّغم من تكرار عرضهما لمرّاتٍ كثيرةٍ وعديدةٍ، على مختلف القنوات والمحطّات السّورية والعربية.
فلمَ باتت الشّاشات السّورية تفتقر إلى الكوميديا الحقيقيّة التي تنقل المشاهد إلى عالمٍ من الضّحك والمرح وتضيء جانباً من روحه أظلم بسبب ما تمرّ به البلاد من حروبٍ وأزماتٍ تعصف بها؟ ولمَ بات المخرجون والمنتجون يقبلون بأي عملٍ كوميديٍ؟» على حسب تسمية كاتبه بأنّه «كوميدي» على الرّغم من عدم كوميديّته، لمَ باتوا يقبلون بأي عملٍ؟ ولمَ تصرف المبالغ والأموال الطّائلة في سبيل انجاز أعمال كهذه؟
والسّؤال الأكبر الذي لا بدّ منه في هذا السّياق، لمَ بات الكثير من الممثّلين السّوريين يقبلون بأي عملٍ يُعرض عليهم، حتّى وإن كان على غير المستوى الذي اعتادوا عليها في أعمالهم السّابقة؟ وهناك أسماء كثيرة لسنا بصدد تسميتها أو التّقليل من أهميتها فنيّاً، هل تقف المادّة وراء كلّ هذه التّنازلات؟
أليست الدّراما السّورية التي أنتجت «ضيعة ضايعة والخربة» هي ذاتها التي تنتج في الوقت الحالي هذه المسلسلات؟ أليست الشّاشات نفسها تعرض كل الأعمال على اختلافها، فلمَ هذا التفاوت الكبير في النوع؟.
لقد وصل كثير من المشاهدين السّوريين إلى نتيجةٍ مفادها أن الدّراما السّورية لم تنتج كوميديا حقيقيّة بعد مسلسلي «ضيعة ضايعة» و«الخربة» مطلقاً، ليس في كلامنا تعظيم لهذين المسلسلين، ولكن آراء المتابعين والمشاهدين هي التي كانت الدّافع الذي دفعنا وشجّعنا لنقول ما نقول الآن.
ولكن مهما كثرت الآراء والانتقادات، يبقى المشاهد هو الحكم الأول والأخير في كلّ عملٍ يعرض على الشّاشة، وفي كل أداء يؤدّى في الأعمال والمسلسلات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن