ثقافة وفن

إلى أي مدى تؤثر فيك الإعلانات؟

| هبة الله الغلاييني

أول أهداف الإعلان وأهمها هو التعريف بالمنتج الذي يسوق له وبما يميزه عن المنتجات المنافسة. أما لنجاح الإعلان في تحقيق الهدف المرجو منه، فلابد أن تتوافر فيه العناصر الأربعة التالية والتي تلخصها بـAttraction: (AIDA)، لفت الانتباه، interest وهي إثارة الاهتمام بالإعلان، وDesire، إثارة الرغبة بشرائه والـAction التحرك لشرائه. فالإعلانات التجارية أصبحت تمثل حيزاً كبيراً في حياتنا، لأنها تعرفنا إلى منتجات لم نكن نعرف بوجودها، إلى جانب مزايا المنتج التي ربما لا يعلمها المستهلك، إضافة إلى ذكر القيمة الإضافية التي تميزه عن المنتجات الأخرى المنافسة.

وعن الفئات المستهدفة بالإعلان، هناك إعلان موجه إلى المرأة أو إلى الرجل أو إلى فئة عمرية محددة، وهكذا، مع الإشارة إلى بعض الإعلانات التي تسوق لمنتجات خاصة بالرجل، على سبيل المثال يمكن أن يتم تنفيذها بحيث تكون موجهة للمرأة، حيث أثبتت الدراسات أن المرأة تشتري لزوجها أو تحثه على الشراء. فالإعلان هو فن بحد ذاته وهناك أصحاب خبرة في هذا المجال يعملون على إيصال رسالة المنتج بأجمل صورة عبر الوسائل الإعلانية المختلفة.
(مما لا شك فيه أن الإعلان يؤثر في الناس إلى حد بعيد، وخصوصاً إذا كان الشخص في حاجة إلى السلعة التي يروج لها الإعلان) بهذه الكلمات تعلق منى محمد (ربة منزل متزوجة) على دور الإعلانات في حياتنا وتأثيرها في قرارات الإنسان الشرائية. وتقول: (لنأخذ على سبيل المثال الإعلانات الخاصة بأدوية التخسيس، فأنا أعرف أشخاصاً كثيرين من المحيطين بي، سيستجيبون بالتأكيد لأي إعلان عن أي منتج جديد للتخسيس ويقبلون على شرائه لتوقهم إلى تخفيف وزنهم بأي شكل من الأشكال)، وتتابع لتقول: (في الحقيقة أنا أيضاً أحب الإعلانات وانتظرها بشغف ولاسيما تلك التي تكشف عن جديد الموضة في الملابس والإكسسوارات ومنتجات التجميل وباختصار أنا مستعدة لتجربة كل منتج جمالي تروج له الإعلانات شرط أن أجد الإعلان مقنعاً. ومن جهة نظر مشابهة، تعبر رولا الصفدي (موظفة) عن رأيها في موضوع الإعلانات وتأثيرها في قرارات الشراء فتقول: «نعم الإعلانات تلعب دوراً كبيراً في دفع الناس إلى شراء منتجات معينة… تتنهد رولا بخجل، لتعود وتعترف بأنها تترقب «الإعلانات» الخاصة بالمنتجات التجميلية وصيحات الموضة» وتقول: «لا أخفي أني أثق بهذه الإعلانات إلى حد كبير وخصوصاً إذا كنت أحب العلامة التجارية صاحبة الإعلان» وتضيف: «كثيراً ما أقصد السوق لشراء المنتج الذي يتم الإعلان عنه وفي الحقيقة لا يهمني أن يقال عني إني أتأثر بالإعلانات فأنا لست الوحيدة التي تفعل ذلك، زوجي أيضاً يتفاعل مع إعلانات الإلكترونيات والأجهزة التكنولوجية ولا ضير في ذلك من وجهة نظري» وتشير رولا في ختام حديثها إلى أنه «يجب عدم النظر إلى الإعلان التجاري على أنه ضد المستهلك. بل أنظر إليه على أنه في خدمته، حيث يطلعه باستمرار على المنتجات الجديدة ومميزاتها. ويبقى للمستهلك حق القرار بشراء المنتج أو العكس، في ضوء درجة انتفاعه بجودة المنتج وليس مدى تأثره بالإعلان. من ناحيته، يفاخر إسكندر أحمد (إداري متزوج) بالقول: «إن ثقتي بالإعلان وبما يسوق له لا تتجاوز 20%» يشرد إسكندر قليلاً قبل أن يعقب قائلاً: «أنا أحب الإعلانات التي تخاطب العقل والمنطق وأحترمها، وأعتقد أنها قليلة جداً، لأن معظم الإعلانات تجنح إلى المبالغة وتصوير الأمور على غير حقيقتها… من جهة ثانية، لا يخفي إسكندر أنه يتابع الإعلانات التي تروج للمواد الغذائية والمنتجات الطبية، وكذلك المنتجات التكنولوجية الحديثة… لكن الموضوع يقتصر على المتابعة لا أكثر، لأن خبرتي في مجال تجربة المنتجات التي يروج لها في الإعلانات لم تكن مشجعة». وإلى لائحة الأشخاص الذين لا يثقون بالإعلان تنضم هبة سلاخ (مدرسة) حيث تقول: «أنا لا أتأثر بالإعلانات ولا أصدقها، وهي لم تغرني يوماً لأجرب المنتجات أو السلع التي تروج لها، لأنني مقتنعة تماماً بأن المنتج الجيد لا يحتاج إلى إعلان يسوق له»، لكن هبة تعود لتقول: «في الحقيقة، أنا أشاهد الإعلانات التي تروج للمواد الغذائية ولا أخفي أن بعضها يجذبني ويجعلني أفكر في الشراء، لكن سرعان ما أبدل رأيي وأتكاسل عن الخروج لشرائها، علماً بأن مسألة الشراء وتجربة الجديد ليست خطأ… وتنهي هبة حديثها بالقول: «هناك إعلانات جميلة ومدروسة ومتقنة التنفيذ، وهذا دليل على أن صناع الإعلان تقدموا كثيراً في منطقتنا، وينقص فقط أن ينجحوا في إقناعي كمستهلك حتى يتحقق الهدف من وراء الإعلان».
من جهته يتناول الدكتور طلعت مطر (استشاري بالطب النفسي) الإعلان وتأثيره في أفراد المجتمع من الناحية النفسية فيقول: «مما لا شك فيه أن الإعلان التجاري يؤثر كثيراً في الناس، وهذا التأثير يتوقف بالطبع على أسلوب تنفيذ الإعلان ومدى قدرته على الوصول إلى عقول الناس ومشاعرهم إلى درجة تدفعهم إلى الذهاب للسوق وشراء المنتج، ويواصل د. مطر حديثه موضحاً (إن هناك اليوم ما يسمى بعلم الإعلانات، وهو علم قائم على دراسات وبحوث يعكف عليها أصحاب الاختصاص، حتى يتوصلوا إلى أفكار مبتكرة وجذابة تخاطب الشريحة التي يودون التوجه إليها وتؤثر فيهم منطقياً ونفسياً، بحيث تثير لديهم الرغبة في امتلاك المنتج الذي يتم الإعلان عنه، وبذلك تتحقق النتيجة المنشودة من وراء الإعلان» ويشير الأخصائي إلى (أن المرأة هي الأكثر تأثراً بالإعلانات، لأنها تميل بطبعها إلى امتلاك الجديد كما أنها تحب السوق).
ويتابع: «تجدر الإشارة إلى أن أفراد المجتمع على أنواعهم وأجناسهم وأعمارهم يتأثرون بالإعلانات بدرجات وأشكال متفاوتة، وعندما نرى أحدهم يقصد السوق ليشتري منتجاً عرف عنه من خلال الإعلانات التجارية، فإن هذا قد يكون أمراً نفسياً متوارثاً عن الأجداد، أو غريزة في الإنسان تجعله يشعر بنوع من الراحة والسعادة والاكتفاء الذاتي عند الحصول على الجديد والجميل، تماماً كما كان يحصل مع القدماء أيام المجاعات والحروب، عندما كانوا يخزنون الغذاء ليضمنوا بقاءهم ويشعروا بالأمان» وفي ختام حديثه يقول: «إن كثيراً من الشركات المنتجة تنفق ملايين الدولارات على الإعلانات، وهي تدرك أن تلك الإعلانات سوف تؤدي مهمتها لا محالة، لذلك من الطبيعي أن تنمّق الإعلانات وتجمّل صورة المنتج الذي تسوق له، وكثيرون هم المستهلكون الذين يؤخذون بالإعلان ويشترون المنتج حتى لو كانوا لا يحتاجون إليه مقابل قلة منهم تعي حقيقة الإعلان وتفكر في اقتناء المنتج بمنطق الحاجة إليه أو العكس». أما بالنسبة إلى الوسائل الإعلانية الأكثر تأثيراً في الجمهور، فيوضح جورج بديوي وهو «مدير مبيعات» أن تحديد الوسيلة الإعلانية المناسبة تتجدد غالباً في ضوء الشريحة العمرية للفئة المستهدفة. فإذا أردنا التوجه إلى فئة عمرية شبابية، فإننا نستخدم الإعلانات الرقمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي كافة والـ«يوتيوب» على حين أننا لو أردنا استهداف رجال الأعمال فوق الخمسين من عمرهم نركز على إعلانات الصحف على حين يبقى التلفزيون هو الوسيلة الإعلانية الأولى في مجتمعنا العربي، لأنه يتميز عن غيره من الوسائل بأنه يصل إلى جميع أفراد العائلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن