سورية

ظريف يحط في تركيا.. وابن نايف في مهمة لاستعادة التنسيق السعودي التركي … شد حبال بين أنقرة وواشنطن حول مصير الرقة.. منبج.. الباب.. تل أبيض

| الوطن- وكالات

إلى أنقرة يتوافد مسؤولون أميركيون وإيرانيون وسعوديون وسط تسارع التطورات بشأن مصير الحرب على تنظيم داعش في سورية والعراق، والوضع في مدينة حلب.
ويلفت وصول وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى العاصمة التركية عشية وصول ولي العهد السعودي وزير الداخلية محمد بن نايف، الذي صعد دوره مؤخراً في إدارة الملفات الخارجية، على خلفية إخفاق السياسات السعودية في المنطقة، والتي رسمها وطبقها ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان.
ووسط لعبة شد الحبال بين تركيا والولايات المتحدة حول مصير كل من مدن الباب ومنبج وعين العرب في ريف حلب وتل أبيض والرقة في محافظة الرقة، عقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو محادثات مع وفد أميركي رفيع المستوى تطرقت إلى آخر التطورات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في سورية والعراق، حسبما أفاد موقع «ترك برس» الإلكتروني.
ونقل الموقع عن مصادر في وزارة الخارجية التركية: أن محادثات جاويش أوغلو مع نائب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلكين ومبعوث الرئيس الخاص إلى «التحالف الدولي» ضد تنظيم داعش المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية، تركزت حول عملية درع الفرات التي أطلقتها تركيا في الشمال السوري بهدف دعم ميليشيا «الجيش الحر» لتطهير المناطق السورية المتاخمة للحدود التركية من العناصر الإرهابية.
كما تناولت المباحثات آخر المستجدات المتعلقة بمكافحة داعش في كل من سورية والعراق، إضافة إلى البحث عن سبل الحل السياسي في كلتا الدولتين لإنهاء الأزمات القائمة فيهما. وعلى الأرجح أن جاويش أوغلو بحث مع الوفد الأميركي التحضيرات لعمليتي الرقة والموصل التي ذكرت تسريبات أن «مجموعة أصدقاء سورية» اتفقت على شنهما بشكل متزامن.
وحسب صحيفة «صباح» التركية تتضمن الخطة التي تم الاتفاق عليها في العاصمة البريطانية لندن قبل أسبوعين خلال اجتماع وزراء خارجية دول المجموعة، تزويد ميليشيات «الحر» بغطاء جوي من قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في حين تتولى دول عربية مثل السعودية وقطر تقديم معدات وأسلحة عسكرية.
وترفض أنقرة أي دور لـ«وحدات حماية الشعب» التابعة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي في عملية الرقة، وهو ما لم تقبل به واشنطن حتى الآن. وبينما تبدي واشنطن حماساً لعملية طرد داعش من الباب، يبدو أن تركيا تتريث في الذهاب إلى هذه المدينة بسبب حساسية المعركة بشأن بلدة دابق الخاضعة لسيطرة التنظيم والواقعة على الطريق إلى الباب. كما تريد تركيا من الولايات المتحدة الإيفاء بوعدها بانسحاب «حماية الشعب» من مدينة منبج قبل الذهاب إلى الباب أو الرقة.
وواصلت أنقرة التضييق على «حماية الشعب» في مدينتي تل أبيض وعين العرب. وتأتي الضغوط التركية في سياق رغبة أنقرة في استعادة دورها بشمال سورية من «حماية الشعب» لتعود إلى تسيد الموقف هناك كما كان عليه الحال قبل عامين. وضمت واشنطن الوحدات إلى قوى مسلحة عربية وآشورية ضمن ما يعرف بـ«قوات سورية الديمقراطية»، وجعلتها رأس حربة «التحالف الدولي» في قتال داعش في شمال سورية. وتصدعت «الديمقراطية» بعد إطلاق تركيا عملية «درع الفرات»، حيث خرج منها «لواء تحرير الرقة» في حين ظل «لواء ثوار الرقة» منضوياً تحت لوائها. وتعمل أنقرة على جذب المسلحين بعيداً عن هذه القوات. وفي هذا الصدد كشف أبو أحمد الرقاوي القائد المنشق عن «الديمقراطية»، عن اجتماعات جرت في تركيا بين مختلف الفصائل العسكرية وأبناء العشائر في المنطقة الشرقية، بحضور قيادات عسكرية للجيش التركي، استكمالاً لعملية «درع الفرات». ونقلت تقارير إعلامية عن الرقاوي أن الاجتماعات التي احتضنتها مدينة أورفا جنوبي تركيا، هدفت إلى توحيد صفوف الفصائل العسكرية وجمع أبناء المنطقة الشرقية والجزيرة في كيان واحد تحت راية مليشيا «الحر». وأوضح أن «التشكيل الجديد سيضم بعض أبناء الرقة والحسكة من جميع المكونات.. الذين توجهوا إلى ريفي حلب وإدلب»، مبيناً أن الهدف الرئيسي للتشكيل الجديد يتمثل في طرد «الديمقراطية» من مدينة تل أبيض والسيطرة عليها في المرحلة الأولى»، ولاحقاً «منطقة الجزيرة» الواقعة في محافظتي الرقة والحسكة.
وبيّن أن مختلف الفصائل العسكرية وأبناء العشائر أبدت خلال مشاوراتها تصميماً أكيداً على توحيد الجهود في المرحلة المقبلة لمواجهة تمدد حزب الاتحاد الديمقراطي، بعدما سماه «سيطرة الوحدات الكردية على بعض المناطق العربية وتهجير سكانها».
وكشف قيادي في «الديمقراطية» أن ميليشيا «حماية الشعب» تترقب هجوماً وشيكاً من بوابة تل أبيض، حتى إنهم زادوا من أعداد عناصر المراقبة بالقرب منها، خشية من دخول القوات التركية أو ميليشيات «الحر».
ونقلت قناة «أورينت» المعارضة عن القيادي الذي رفض الكشف عن اسمه أن «الاتحاد الديمقراطي» لم يعد يثق بأي قوة عربية، وعلى رأسها «لواء ثوار الرقة» المنضوي تحت راية «الديمقراطية»، خصوصاً بعد الانشقاقات التي شهدتها هذه القوات، لكنه بين أن الحزب لا يجرؤ على الاعتراض أو فعل شيء، لأنه «تحت الحماية الأميركية المباشرة»، لافتاً إلى أن العشائر في شمال الرقة باتت ترى في «لواء ثوار الرقة» القوة الحامية لهم من بطش «حماية الشعب».
وذكر القيادي أن «الوحدات» باتت تشعر بـ«خذلان أميركي لهم» بعد مواقفهم من عملية «درع الفرات» التركية في جرابلس.
وعلى الأرجح أن زيارة ولي العهد السعودي اليوم إلى تركيا مرتبطة بتسارع التحضيرات لعملية الرقة والموصل وما يجري في حلب. وترى الرياض أن تركيا هي مفتاح للعبها أي دور في سورية بعد إخفاق خيارها في التعويل على روسيا التي نسجت بوادر تحالف متين مع دمشق وطهران وحزب اللـه يستهدف إخراج المسلحين من مدينة حلب.
وبيّن السفير التركي في السعودية يونس دميرار، أن ابن نايف سيلتقي خلال زيارته التي تستمر يومين، الرئيس رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، وكبار المسؤولين الأتراك، مشيراً إلى أن أهم القضايا التي سيناقشها الجانبان، المواضيع السياسية ومحاربة الإرهاب والتنسيق فيما بينهما، إضافة إلى العلاقات الاقتصادية وسبل تنميتها، حسبما نقلت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء.
ونوه دميرار إلى أن ولي العهد السعودي هو «المسؤول عن الملف السياسي في السعودية».
وسادت برودة بين السعودية وتركيا، وذلك على خلفية تأييد الرياض الفاتر لأردوغان في مواجهة المحاولة الانقلابية الفاشلة التي استهدفت إطاحته عن الحكم منتصف تموز الماضي. إلا أن تقلص الخيارات أمام السعودية بعد غرقها في مستنقع اليمن وفشلها في السيطرة على السياسة المصرية تجاه أزمات المنطقة وبالأخص سورية واليمن وليبيا، وتقلص دورها السياسي والعسكري في الأزمة السورية بعد الجفاء الروسي السعودي وشن أنقرة عملية «درع الفرات»، كل ذلك على الأرجح دفع الرياض إلى تلمس إصلاح العلاقة مع تركيا، وإيكال هذه المهمة إلى ابن نايف عوضاً عن ابن سلمان المعروف بعدائه لتنظيم «الإخوان المسلمين». ويبدو أن التفاهم بشأن إغداق مزيد من السلاح على المسلحين سواء تحت لواء «جيش الفتح» أو «الجيش الحر» سيكون الثمرة الأساسية للقاءات ابن نايف في أنقرة. وعشية الزيارة وصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى أنقرة. وقدرت مصادر متابعة أن ينبه ظريف المسؤولين الأتراك إلى مخاطر التمادي في عملية «درع الفرات»، وخصوصاً الوصول إلى مدينة الباب، أو من العودة إلى التنسيق السعودي التركي في دعم «جيش الفتح».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن