سورية

دعوة أميركية لـ «احتواء» داعش..!

 وكالات : 

برزت أصوات أميركية مؤخراً، تدعو إلى احتواء تنظيم داعش، بدعوى التهيئة لمواجهة خيار أن ينتصر التنظيم المتطرف.
وقال تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، أشرف عليه البروفيسور ستيفين والت، «حان الوقت لنتأمل أمراً مزعجاً لكنه وارد الحدوث: ماذا نفعل لو أن داعش انتصر؟.. (أي) أن يحكم سيطرته على الأماكن التي يحتلها وينجح في منع القوى الخارجية من تقليص نفوذه وتحطيمه». وأضاف متسائلاً: «ماذا سنفعل لو أن داعش أصبح دولة حقيقية وصار قوة حقيقية على الأرض؟»، وهو ما رأى التقرير أن «احتماليته باتت قريبة الحدوث هذه الأيام».
ورأى والت، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة هارفارد الأميركية، أن دحر داعش والقضاء عليه يتطلب «تدخلاً خارجياً واسع النطاق»، لكنه أوضح أن ذلك «لن يحدث إلا عندما توافق عدة دول عربية على تشكيل قوة تحالف تضم آلاف المقاتلين لخوض المعركة لأن الولايات المتحدة لن ولا يجب عليها خوض معركة نيابة عن دول سوف تكون استفادتها من الحرب أكبر من الفائدة التي سوف تعود على الولايات المتحدة نفسها».
وبرر والت في التقرير، الذي نقلت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية الممولة من السعودية مقتطفات منه، منطقه بالدعوة لاحتواء داعش، بالقول: «من واجب المرء ألا يخطط فقط لما يريد حدوثه لكن أيضاً عليه أن يدرك أن هناك احتمالاً ألا يستطيع تنفيذ ما يريد، أو على الأقل لا يستطيع تنفيذه بالشكل الذي يراه مقبولاً». وتساءل: «ماذا نفعل لو أن داعش نجح في التشبث بمناطق نفوذه وأصبح دولة حقيقية؟ يجيب بأسون أنه سوف يتوجب على الولايات المتحدة (وغيرها من الدول) أن تتعامل مع داعش بنفس الشكل الذي تتعامل به مع غيره من الحركات الثورية التي بنت دولاً، أي أن تتبع سياسة الاحتواء. أوافق على هذا الرأي».
ولم ير والت، أن داعش يشكل خطراً على العالم، فبالنسبة إليه «لا يعتبر التنظيم قوة عالمية قوية.. فرسالته تستقطب فقط الشباب المهمش في الدول الأخرى، فاستقطاب خمسة وعشرين ألفاً من المنتسبين ضعيفي التدريب من تعداد العالم البالغ 7 مليارات نسمة لا يعد أمراً خطيراً». واعتبر أن «هؤلاء الأجانب الذين توافدوا للاشتراك في الحرب تحت راية داعش لا يشكلون سوى جزء ضئيل من مسلمي العالم، ولا تنبئ رسالة داعش المتعصبة بأي فرص لدعم كبير من سكان هذا العالم الواسع المتنوع».
كما قلل من أهمية داعش عبر الجزم في عدم امتلاكه «القدرة على التمدد خارج حدود النطاق السني المناوئ له غرب العراق وشرق سورية»، مؤكداً أن المصادر والقوى الاقتصادية للتنظيم تعتبر محدودة، فقوته العسكرية، رغم تماسك قيادتها، لا تشكل قوة عظمى (ولا حتى قوة إقليمية).
ودعا البروفسور الأميركي إلى تخيل سيناريو تتم وفقه السيطرة على داعش من دون هزيمته، ونتج عنه «مؤسسات حاكمة محتملة»، لافتاً في هذا الصدد إلى أن «التنظيم يرسم، الآن، حدوده الإدارية كدولة: تفرض الضرائب، وتراقب حدودها، وتبني جيشها، وتشكل هيئات للإدارة المحلية». وأضاف «يعترف بعض جيرانها بهذه الحقيقة بأن يغضوا الطرف عن عمليات التهريب التي تشغل داعش عنهم». وتساءل «هل يجب أن يستمر هذا الوضع؟ كم يستغرق الأمر حتى تعترف باقي الدول بـ«داعش كحكومة شرعية؟».
وبالرغم من أن والت رأى أن هذا السيناريو «مناف للطبيعة»، لكنه دعا إلى أخذ العبر من محاولة دول العالم نبذ حركات العنف واضطرارها في النهاية للاعتراف بها بعد أن ثبتت نفسها في الحكم. واستشهد في هذا الصدد بـ«رفض الغرب الاعتراف بالاتحاد السوفييتي لسنوات بعد الثورة البلشفية عام 1917 وكذلك لم تعترف بها الولايات المتحدة حتى عام 1933، ولم تقم الولايات المتحدة علاقات مع جمهورية الصين الشعبية، أكبر دول العالم من حيث عدد السكان سوى عام 1979، أي بعد 33 عاماً كاملة من تأسيسها».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن