قضايا وآراء

كيف تتوقع تل أبيب وواشنطن إمكانية التحالف في المستقبل مع داعش والنصرة؟

تحسين الحلبي : 

 

قبل أكثر من أسبوع أعلن الجنرال الأميركي المكلف التنسيق العسكري الأميركي في الحرب على (داعش) جون آلان أن هذه الحرب قد تدوم خلال (جيل كامل إن لم يكن أكثر) وقبل أكثر من عام نشر موقع (ذي سبيكتاتور) الأميركي تحليلاً تحت عنوان «حرب الثلاثين عاماً المقبلة في الشرق الأوسط» وفي شباط 2015 نشر المعهد الأوروبي للدراسات الأمنية في باريس دراسة مطولة بعنوان: (مستقبل العرب: ثلاثة سيناريوهات لعام 2025).
ولاشك أن مراكز أبحاث كثيرة نشرت سراً أو بشكل علني توقعاتها لدول الشرق الأوسط من وجهة النظر الأميركية واطلع عليها أصحاب القرار السياسي في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الحليفة.. وهذا يعني أن خطة إشغال دول المنطقة بحروب داخلية وخارجية لن يقتصر تنفيذها على فترة زمنية منذ سنوات قليلة بل إن حسابات واشنطن وتل أبيب في هذه الخطة تمتد فيها إلى أكثر من عشرين عاماً ويحكمها تكتيك «الاستنزاف» المطول وليس الحسم السريع.. وفي قلب هذا المشهد يصبح صمود سورية وإيران ومعهما المقاومة اللبنانية والفلسطينية من أهم العوامل التي تعمل على إحباط هذه الخطة وأهدافها الإستراتيجية، وهذا ما يجعل واشنطن تشير على لسان بعض المسؤولين العسكريين فيها إلى إطالة زمن هذه الحروب غير المسبوقة في المنطقة ما دامت واشنطن تزج دولاً حليفة لها في تمويل هذه الحروب والمشاركة فيها بشكل مباشر وخصوصاً فيما يجري بين السعودية واليمن منذ 25 آذار الماضي. وكان مركز دايان الإسرائيلي للدراسات قد أصدر بمشاركة (مركز أبحاث الأمن القومي) الإسرائيلي دراسة من 62 صفحة بعنوان (مستقبل دول الخليج بين إيران والغرب) عام 2012، وكان معهد ريئوت الإسرائيلي للدراسات قد نشر عدة أبحاث بعنوان: «إسرائيل ودول المنطقة عام 2025»، وفي هذه الأبحاث ترى إسرائيل أن كل إنجاز تحققه الخطة الأميركية المعدة للمنطقة منذ عام 2011 يوفر لإسرائيل فرصاً لم تحلم بها سابقاً وخصوصاً ضد آخر أعدائها سورية وإيران والمقاومة اللبنانية. ومع ذلك يعترف (إيفرايم كام) أحد المشاركين في هذه الأبحاث أن ما تختزنه إيران وسورية وحزب الله من قدرات ما زال رغم مرور أربع سنوات على الحرب ضد سورية يشكل قوة تطيل زمن هذه الحرب من دون أن يظهر تفتت لقدرة هذه الأطراف.
وتشير الدراسة الأميركية إلى اعتراف أميركي- غربي بوجود عراقيل ومطبات يصعب تجاوزها بالسرعة الممكنة وهذا ما يجعل الزمن يعمل في مصلحة الأطراف الثلاثة سورية وإيران والمقاومة اللبنانية على المستوى الإقليمي والدولي، فاستمرار قدرة الجيش السوري على شن العمليات يومياً ضد المجموعات الإرهابية وخلال أكثر من أربعة أعوام يدل على مساندة عسكرية بالمعدات والذخيرة والسلاح توفرها روسيا وإيران، كما أن تزايد اقتناع العراقيين بالتحالف مع إيران والتنسيق مع سورية ضد داعش سيفرض خسارة مضاعفة للدور الأميركي وخطته ضد العراق.
لكن أخطر ما تخشى منه الإدارة الأميركية في هذه الظروف هو أن تتمكن سورية والعراق واليمن ولبنان من تطهير أراضيها من مجموعات داعش والنصرة وأمثالهما لأن هذا الإنجاز العربي سيشكل أول هزيمة للمخطط الأميركي- الإسرائيلي وسيدفع هذه الأطراف إلى التقارب ويحبط مخطط التقسيم.
فواشنطن وتل أبيب تحاولان منذ الآن المراهنة على مفاوضات يجريها الطرفان الأميركي والإسرائيلي مع قادة داخل داعش والنصرة لفرض وجودهما كأمر واقع يطيل أمد النزاعات داخل هذه الدول ويجري الاستناد إلى هذا الوجود من أجل تغيير الأمر الواقع للدول ذات الهوية القومية أو الوطنية بخلق دويلات ذات هوية طائفية أو دينية داخلها لتسخير داعش والنصرة كحلفاء لمشروع (الحرب بين السنة والشيعة) على مستوى المنطقة، فالكل يلاحظ أن داعش والنصرة يتجنبان الانتشار في دول متحالفة مع واشنطن في المنطقة!؟
ولاشك أن إدراك قادة دول وأطراف المقاومة في المنطقة سيحمل معه العوامل التي تحبط هذه الخطة الأميركية- الصهيونية مهما طال زمن المراهنة عليها ضد العرب والمسلمين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن