قضايا وآراء

مُساجلات حادّة وتعليق للحوار؟

| صياح عزام 

تحت أضواء الكاميرات في مجلس الأمن حصلت مساجلة بين وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة تميّزت بشيءٍ من الحِدّة غير المعتادة، وعكست صراعات قوّة معلنة وحسابات سياسية متضاربة وسيولة زائدة في الأوزان على الأرض، إلا أنه لا يوجد أي رهانات على حسم ما يدور في سورية عسكرياً، إذ لا بديل عن التسوية وفق صيغة جنيف، فخلفيات المساجلة أخطر مما تبدّى في مجلس الأمن وفي المؤتمرات الصحفية.
التصريحات الروسية تشير إلى أن روسيا حصلت على مكاسب مهمة تحدد منْ يشارك أو لا يشارك في أي سلطة انتقالية مقبلة، أو فصل المعارضة عن التنظيمات الإرهابية، حتى إن «كيري» اعترف بأن «بعض مجموعات المعارضة تتحالف مع النصرة»، والنصرة تعني فرع القاعدة في سورية، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، غير أن إقرار هذا المبدأ يعني إرباك حركة حلفاء واشنطن وإضعاف وزنهم النسبي، ودفعهم إلى صدام لا يقدرون على تكاليفه مع التنظيمات المتطرفة.
لهذا السبب اعترضت قيادة البنتاغون ومجمع الاستخبارات الأميركية على اتفاق لافروف وكيري.
الشيء المثير في هذه القصة كلها، هذا التعارض الشبه المُعلن بين رئاسة مُغادرة قريباً ومؤسسات قوّة تمتلك أسباب النفوذ وزمانه. إدارة أوباما- على ما يبدو- تسعى إلى حلحلة الأمور في سورية لتكون إنجازاً في حسابات أوباما ضد الإرهاب… بالتوازي مع اقتراب معركة تحرير الموصل من «داعش» قريباً، إلا أن مؤسسات القوة الأميركية التي أشرنا إليها قبل قليل، تخشى من عواقب الإضرار بحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وبالمصالح الأميركية المستقبلية عموماً.
طبعاً روسيا تدرك قيمة ما حصل وتُلحّ على إعلان نصوص الاتفاق الروسي الأميركي، إذ إنها قبلت بدمج «أحرار الشام» وتنظيمات إسلامية أخرى في العملية السياسية، مقابل إقرار أميركي باستبعاد النصرة وضرورة استئصالها عسكرياً مع «داعش».
غير أنه في مساجلات مجلس الأمن أكدت روسيا حسب مصادرها العسكرية، أن المجموعات التي قدمتها أميركا على أنها ملتزمة بالاتفاق، انتهكته 300 مرة، ومن ضمنها ما يسمى «أحرار الشام»، وكأنها تريد القول: إذا تراجعت الخارجية الأميركية عن الاتفاق تحت ضغط مؤسسات القوة، فإن روسيا ستطلب شطب دمج أحرار الشام في العملية السياسية.
بشكلٍ أوضح وأكثر دقّة، هناك عقبتان أمام أي تسوية في سورية، الأولى مصير الرئيس السوري الشرعي وقد تمت حلحلتها أو تأجيلها لما بعد ما يسمى المرحلة الانتقالية، وضمن إطار أن الشعب السوري هو من يبت بهذه المسألة، والثانية: جبهة النصرة، حيث لا مشكلة في تصنيفها جماعة إرهابية، إلا أن إضعافها هو إضعاف للتنظيمات الأخرى التي تسميها الولايات المتحدة «معارضة معتدلة» وهذه مشكلة كبيرة من وجهة نظر حلفاء أميركا في المنطقة.
على كل وورغم تصادم الحسابات والمواقف الأميركية، تبقى الخطوط العريضة للاتفاق الذي نُشر بعض فقراته صالحة للبناء عليها بعد إعادة التفاوض على بعضها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن