قضايا وآراء

الحرب على سورية أمام الإدارة الأميركية القادمة

| صياح عزام 

الاتفاق الروسي الأميركي الأخير الذي أعلن عنه مساء الجمعة 9 أيلول الماضي لم يكن مجرد اتفاق وقف إطلاق نار عادي حسب تقدير العديد من المحللين السياسيين.. لماذا؟
أولاً، هو عبّر عن إصرار على تحقيق تقدم في مسار الحل السياسي في سورية، وثانياً، أنه كشف عن خلاف بين البيت الأبيض من جهة، ووزارة الدفاع الأميركية ومجمع الاستخبارات من جهة أخرى، وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» أول من كشف أن «أشتون كارتر» كان أبرز الرافضين لاتفاق جنيف.
هناك مفارقة ربما لا يلتفت إليها العرب، وهي أن سلطة الرئيس الأميركي على مرؤوسيه قد تكون أضعف بكثير من سلطات بعض رؤساء دول العالم الثالث. في واشنطن، يستطيع وزير الدفاع أن يقوّض خطط وسياسات رئيسه وليس مخالفتها فحسب.
طبعاً، لم يكن «أوباما» هو الرئيس الوحيد الذي اختلف مع وزير دفاعه وجنرالات البنتاغون، لكن أوباما قد تفوق على سابقيه في الاختلاف مع جميع وزراء دفاعه (روبرت غيتس، وليون بانيتا، وتشاك هيغل، وأشتون كارتر) وهذا الخلاف يعود لعاملين اثنين:
العامل الأول: هو الخلاف حول حدود السلطات، وهناك أمثلة على ذلك منها:
– يروي «غيتس» أنه في زيارة له إلى قيادة العمليات الخاصة الأميركية في «كابول» اكتشف وجود خط تليفوني مباشر مع مسؤولي الأمن القومي في البيت الأبيض، فأمر بلهجة قاسية بإقفاله فوراً، الأمر الذي عبّر عن سأم «غيتس» من التدخل في عمل وزارة الدفاع (البنتاغون).
– «ليون بانيتا» تذمر بدوره كثيراً من تدخلات البيت الأبيض في شؤون البنتاغون.
– «تشاك هيغل» اضطر إلى الاستقالة عام 2014 بسبب ضغوط البيت الأبيض وتدخلاته.
– «ميشيل فلورنوي» الموظفة الكبيرة في البنتاغون، وأبرز المرشحات لوزارة الدفاع اعتذرت عن استلام الوزارة بعد استقالة (هيغل) متذرعة بظروف عائلية، لأنها تريد ألا تتكرر معها تجربة من سبقوها.
العامل الثاني: هو الخلاف حول الإستراتيجية.
يرى جنرالات البنتاغون أو بعضهم أن أوباما لم يمتلك خططاً بعيدة الأمد للتعامل مع الأزمات وعلى رأسها الأحداث في سورية، ولم يلحظ العواقب حول خياراته العسكرية أو السياسية، أهم الأمثلة على ذلك ما كشفه «سيمور هيرش» مطلع هذا العام، وهو أنه في السنوات الأولى للأحداث السورية شعر هؤلاء بخطر التدخل في سورية وتزويد الإرهابيين بالسلاح «من دون التدقيق في توجهاتهم العقائدية، وما إذا كانوا متطرفين أم لا، وخاصة بعد بروز خطر داعش والنصرة وغيرهما. وتقول رواية «هيرش» إن هؤلاء الجنرالات عملوا على عرقلة وصول أسلحة حديثة إلى الإرهابيين، ومرروا لهم أسلحة قديمة مخزنة منذ 30 عاماً.
الواقع اليوم يقول: إن خلافات أوباما مع جنرالاته، في نهاية الولاية الرئاسية تتزايد بشكل محلوظ، أما بالنسبة للإدارة الأميركية المقبلة، فمن المبكر الحديث عن كيفية تعاملها مع الأحداث أو بالأحرى مع الحرب على سورية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن