قضايا وآراء

رسائل إسرائيلية كاشفة للسعوديين

صياح عزام : 

 

يبدو أن التنسيق الإسرائيلي- السعودي السرّي أخذ بالظهور إلى العلن، وأن العلاقة التي كانت يوماً عبارة عن مجرّد محاولات بث إشاعات والتأثير في مجريات الأحداث السياسية باتت واقعاً قرر أحد الطرفين أن يكشفه، ويُخِل بأحد أهم بنود العلاقة وهو السرية.
وهذه السرية التي كانت من أهم شروط العلاقة بين الطرفين مردُّها لعدة أسباب أهمها: رمزية المملكة السعودية في العالم الإسلامي، طبعاً هذا لم يمنع من وجود سفارات إسرائيلية في بعض دول الخليج أو ممثليات دبلوماسية وتجارية أبرزها في مشيخة قطر، ولكن هذا التمثيل الإسرائيلي في قطر أو غيرها من دول الخليج، حصل بموافقة من السعودية، لأن السعودية تبقى الدولة الأكبر والأقوى والأقدر التي لا تسمح لهذا التمثيل أن يتم من دون موافقتها وتدقيقها في ما يمكن أن يؤثر في مصالح الخليجيين ودول مجلس التعاون الخليجي الذي ترأسه بحكم الدولة القادرة على البت في مصلحة الخليج أكثر من أي دولة أخرى.
لقد أخذت إسرائيل تبعث برسائل تصعيد إلى آل سعود على المكشوف، حيث بدأ يبرز الصراع بين الإسرائيليين والسعوديين بشكل واضح منذ شهر تقريباً، وتجلّى بالتوصية الأممية التي صنّفت «إسرائيل» إلى جانب «داعش» في القائمة الدولية الأممية السوداء، لأنها تقتل أطفالاً، وهو ما استدعى ردّاً مُدهشاً من الخارجية الإسرائيلية تضمن للمرة الأولى مجاهرة باتهام أو اعتبار السعودية أيضاً قاتلة للأطفال في مشهد بدت فيه إسرائيل تطلب العدالة والمساواة بين كل الدول أو المنظمات المعتدية والمجرمة.
لقد جاء في بيان للخارجية الإسرائيلية ما يلي: «إن أعداء إسرائيل يهددون ويرعبون الأمم المتحدة بهدف ضم الجيش الإسرائيلي إلى القائمة السوداء.. إنه نفاق، وهناك حالات عديدة، حيث يُقتل الأطفال في الحروب والنزاعات، لكن لا أحد يجرؤ على إدخال الأطراف المسؤولة إلى القائمة… الجميع يعلم كيف تقتل السعودية الأطفال في اليمن.. نريد أن نرى كيف سيتم إدخال السعودية إلى هذه القائمة»، بالطبع مثل هذا الكلام هو استهداف إسرائيلي واضح للسعودية، ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد.
فقد أوضحت القناة العاشرة الإسرائيلية من جهتها بوادر هذه الحملة عندما نقلت في أنباء لها عن وكالة إيرانية وبشكل مُستغرب أنه «تم العثور على سلاح إسرائيلي في السفارة السعودية في صنعاء، وأن إسرائيل أرسلت ضباطاً إلى العاصمة السعودية الرياض من أجل المساعدة في حربها على اليمن» وفي الوقت نفسه أوضحت القناة الإسرائيلية في الأنباء التي نقلتها أن مصادر في الجيش ذكرت أنه تم العثور على وثائق تشتمل على خطط أميركية لإقامة قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة السعودية لمضيق باب المندب بهدف حماية مصالح الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل في المنطقة وحسب القناة، ظهر من الوثائق أن السعودية خططت لهجمات واسعة النطاق على اليمن بالتعاون والتنسيق مع عدة دول منها «إسرائيل»، مشيرة أيضاً إلى أن السعودية طلبت سراً من «إسرائيل» سلاحاً متطوراً لمساعدتها في حربها على اليمن عبر ما سمته «عاصفة الحزم» التي بدأتها بضوء أخضر من الولايات المتحدة الأميركية.
إذاً، الملاحظ من خلال ما تقدم عرضه أن بوادر حرب إعلامية واضحة قد بدأت بين السعوديين والإسرائيليين تفضح مرحلة سابقة من التعاون والتنسيق السري بين الطرفين، يبدو أن إسرائيل قررت أن تكون أسرارها «شفيعة» لمستقبلها الآتي، حيث يمكنها الابتزاز والتهديد والضغط على المملكة السعودية من خلال كشف وفضح المستور من العلاقات السعودية- الإسرائيلية، إذا حاولت السعودية أن تخرج عن الطاعة الإسرائيلية.
لقد اعتادت «إسرائيل» أن تزج بمصالح كل من تعاون معها عسكرياً أو سياسياً في الهاوية في لحظة ترى في ذلك مصلحة لأمنها الذي جنَّدت لأجله دولاً ورجال أعمال وجيوشاً لمدة عقود من الزمن حتى نجحت في التوصل إلى ما يسمى «اتفاقات سلام» مع بعض الدول العربية وفتحت لها سفارات وقنصليات فيها، علاوة على التعاون مع دول الخليج علناً مثل قطر وسراً مثل السعودية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن