الأولى

أوهام وأكاذيب «محور المعارضة»

منذ بضعة أشهر انطلقت حملة إعلامية منظمة يقودها ما سنسميه «محور المعارضة» أي الفصائل الإرهابية المسلحة، ومعها تيارات معارضة في المهجر وخلفها الدول التي تدعمها، والحملة لا هدف لها سوى إحباط السوريين وإظهار قوة الإرهاب الذي يراد له ومنه تدمير سورية بشكل كامل.
بدأت حملات الأكاذيب والشائعات إلا أنه سرعان ما كشف زيفها وخاصة أن السوريين اعتادوا هذا الأسلوب منذ بداية الحرب عام 2011.
تلا حملة «الأوهام» تلك التي بشرت بتخلي حلفاء سورية عنها مثل إيران وروسيا، عشرات المقالات والتحليلات واللقاءات التلفزيونية، وكلها تحدثت كيف اضطرت إيران للتخلي عن سورية وعن رئيسها من أجل توقيع اتفاقيتها النووية مع الدول الكبرى الخمس + 1، ونفى الإيرانيون هذا الكلام وزار سورية تباعاً عدد من المسؤولين الإيرانيين البارزين للتأكيد على وقوف الجمهورية الإسلامية إلى جانب سورية وحربها ضد الإرهاب وأن أي توقيع مع دول الغرب لن يغير من سياساتها الإقليمية.
تراجع محور المعارضة عن «التخلي الإيراني» وأطلق حملة جديدة تجاه روسيا، التي وفقاً لما روجه، قد تخلت هي أيضاً عن سورية وغيرت من موقفها، لا بل باتت في محورهم!
اليوم من الضروري التأكيد على حقائق لم ولن تتغير:
أولاً، الدعم الإيراني لسورية غير محدود وغير مشروط ومستمر وباق ولن يتغير.
ثانياً، إن روسيا الاتحادية ليست بصدد تغيير أي من مواقفها تجاه سورية وهي حتماً ليست بصدد الوقوف إلى جانب محور المعارضة مهما بلغت الإغراءات، فروسيا ليست للبيع ورئيسها لا يساوم على سياسة بلاده الدولية والإقليمية، وموسكو مستمرة في دعم دمشق على الصعيد الدبلوماسي والسياسي والعسكري وربما أكثر من أي وقت مضى.
يسأل عدد من السوريين: إذا كانت هذه الحقائق ثابتة ولا تتغير، إذا لماذا لا نرى تحالفاً عسكرياً سورياً إيرانياً روسياً يقضي على الإرهاب ويحرر كامل الأراضي السورية المحتلة من قبل غزاة إرهابيين جاؤوا من مختلف بقاع العالم لتدمير سورية؟
الجواب أن هذا التحالف لم يحن وقته السياسي بعد، فروسيا وإيران وسورية لديها أجندات سياسية ليس هدفها فقط تحرير الأراضي السورية من رجس الإرهاب، بل إفشال مشروع «محور المعارضة» التقسيمي في كل المنطقة من أوكرانيا حتى اليمن وذلك بعد فضح وإنهاك قوى الظلام، وهو ما بدأ يتحقق تباعاً على الصعيد السياسي والعسكري.
لقد بات دعم الإرهاب مكشوفاً ومفضوحاً ولعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان أول من سدد ثمن هذا الدعم وسيليه زعماء وقادة جدد في الخليج وأوروبا وأميركا قريباً.
عسكرياً بات الإرهاب محصوراً في تنظيم القاعدة المتمثّلة بجبهة النصرة وداعش، أي إن الحديث عن تيارات معتدلة أو جيش حر أو أي فصيل آخر لم يعد مطروحاً في أي عاصمة من عواصم العالم، ومن يدعم هذين الفصيلين سيترتب عليه تسديد الثمن السياسي كأردوغان مثالاً.
على الصعيد الإقليمي بات محور المعارضة في أضعف أوقاته، فحرب اليمن بدأت ترتد على آل سعود، الفضائح المالية والفساد تلاحق تيارات المعارضة التي أسسوها، والشارع العربي أو الغربي بات على اطلاع كامل بما خططه زعماء هذا المحور في ما أطلق عليه اسم الربيع العربي بعناوينه الرنانة والذي بدأ يتلاشى شيئاً فشيئاً ليحين سقوط المشروع الإسلامي من تونس إلى تركيا وتصنيف قادته بالإرهابيين ومنهم من حكم بالإعدام.
أمام كل ذلك كان لا بد من صناعة معارضة سورية جديدة «أنظف» من التي سبقتها تستكمل مشوار المفاوضات حتى التوصل إلى حل يرضي الغرب ويلبي طموحاته، معارضة تدين النصرة وداعش وتوصف بالمعتدلة وتكون مقبولة دولياً.
إذاً من يقرأ الجغرافيا والواقع يكتشف سريعاً حجم أكاذيب وأوهام هذا المحور الذي من خلال ماكينته الإعلامية بات يضخم الأحداث وينشر الأكاذيب في أعنف حملة تشن على سورية منذ بداية الحرب، محور يروج لأحلامه بتخل روسي عن سورية وبتراجع الدعم الإيراني، ويسوق هجمات داعش والنصرة على أنها إنجازات للمعارضة على حين أنها في الواقع إنجاز للإرهاب سيرتد عاجلاً أم آجلاً على داعميه وهذا ما يعلمونه جيداً ويخشونه.
يمكن التأكيد أنه على الصعيد الإستراتيجي والميداني، لم يتغير شيء على أرض الواقع، فلا النظام آيل للسقوط، ولا الدولة إلى انهيار، ولا روسيا ولا إيران بدلتا من مواقفهما، هي أوهام وأكاذيب وأحلام، وإعلام يهدف إلى هزيمة السوريين معنوياً والترويج لروايات لا أساس لها من الصحة.
فليثق الجميع أن النصر آَت عاجلاً أم أجلاً، وسورية لم ولن تنكسر ولن تتقسم وفيها رجال عاهدوا اللـه على حمايتها وهم الصادقون.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن