ثقافة وفن

«أسئلة السحاب» تتماوج بين فصول الطبيعة وألوانها وتقلب المشاعر وجنونها

أصدر اتحاد الكتاب العرب «أسئلة السحاب» للشاعر زكريا مصّاص وهي السلسلة العاشرة، مؤلفة من ثلاثمئة وست عشرة صفحة، جاءت قصائدها غنية بصور الحب والجمال من جهة، والآلات الموسيقية المرسلة للنغمات الملّحنة مع سحر المشاهد الطبيعية، كما صورت القصائد مشاعر الحب المتماوجة بين لوعة الفراق والشوق والوجد والهيام الممزوج بوله الحب مع الحزن والضيق من الانتظار، وفي أماكن أخرى المشاعر متماوجة مع صور الطبيعة وعناصرها من ياسمين وسواسن ورقرقة الماء والآلات الموسيقيّة ذات الأصوات المختلفة والمعبّرة عما في النفس كرقة صوت الناي التي تصل إلينا كصلاة شعرية، تهمس همساً عبر السري ساعيّة إلى الوصول إلى تكوين روحي، تلاقى بين الشاعر والساقية، رغم أن البحر يهوج والريح تعصف، لأنه بنظر الشاعر، فالحب بيننا ويبقى الوطن مع ياسمين الشام، كما تبقى الشام رغم كل ما كان.
عناوين رائعة لقصائد رقّ لها الكلام مع الشعور في صياغة سلسلة بسيطة تدخل القلب مباشرة، وهذا واضح في السلسلة بشكل عام وفي قصيدة «أسئلة السحاب» وهي عنوان السلسلة وأول قصيدة فيها:
لمن يا شراع الأماني تغنيّن جذلى
لمن.. وعلى ضفّة الشوق
ذابت رؤى السنبلة؟!
لمن يستردّ السحاب نسيج البحار
ويهمي.. على جزر الوقت
بالأسئلة؟!
وفي قصيدة «طائر الوجد» نجد رحابة الصدر والقدرة على اتساع الكون واحتضانه ضمن أذرع الشاعر، لأنه كطائر الوجد المحلّق في سماء الحب التي هي ملكه وهي في اتساعها كوسع قلبه المملوء حباً وعشقاً وتيمناً بكل شيءٍ جميل مع قدرة عالية على التحدي وبإرادة تأبى التردد:
طائر الوجد في مغزلي
في غضون الخيال هنا
سادراً.. في فضاءٍ بعيدٍ
لا يبالي الردى
في ارتحالٍ إلى حتفه
عابراً وجهة الريح لا ينثني
والصدّى
بعض أسفاره
في اكتشاف المدى
الفاتن
في قصيدة «لحن» يبدو فيها التفاؤل والقوة، فرغم الوحدة هناك التملك لعناصر كثيرة ومهمة في الحياة وكأنها دعوة من الشاعر لنا كي نصادق وحدتنا وأن نطوّع ما يحيط بنا كي يكون في صالحنا ومساعداً لنا في حياتنا:
أكون وحيداً؟!!
كأنّ السموات ملكي
أنَّ بقلبي
مفاتيح جنَّة
كأنّ الطيور
على آلتي أخذت لحنها
ومضت في الغناء
بعيداً… بعيداً..
في قصيدة «طبل وزمر» خليط المشاعر واضح مع ردود الأفعال المنسجمة مع المشاهد الطبيعية، حيث قال:
على جبل الرعد طبل وزمر
وليلٌ وخيمٌ وأنسٌ وخمر

تئن القوافي فعولن فعولن
فما فاد لحنٌ، ولا جاد شعر
وتبكي نزوحاً دروب الصباح
ويختنق بالورد لونٌ وعطر
فلا الدّرب أوصل كلّ السراة
ولا الريح قالت: هنالك قطر
وأخيراً في مرايا امرأة وفي الجزء الخامس وتحت عنوان «زهرة الشعر» قال الشاعر:
من آثار نحلاتي
فإني أبعث اليوم لها
شهدي وأبياتي
فخلّي الحقل بين الراح والأرواح
أسقي تربه شوقي
وأقطف منه زهراتي
وفي قصيدة عزف الناي
فأنا الآتي أمسك غصن الرؤيا
وأهشّ به فوق ينابيع اللقيا
وأنا- ولشدّة ولعي بالقيثار
نسيت يراعي
ولشدة إبحاري في وجعي الغارق
في بحر ذهولي فيك
فقد ضيعّت شراعي
ولموج العمر الصامت
وزّعت نشيد اللهفة
كي تقرأني في اليمّ عروس الشعر
وتسبر أوجاعي..

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن