ثقافة وفن

الترجمة جسر حضاري بين أمم الأرض … «دور الترجمة في التنمية الوطنية» .. صياغة حضارية تفتح النوافذ للشمس

| عامر فؤاد عامر

«يرتبط ثراء اللغة ونهوضها بتقدّم حالة التنمية وثرائها، ويصيب اللغة ما يصيب الاقتصاد والتنمية، فهي عملة التفكير، تستثمر وتستورد وتصدّر، وتنمو وتتطوّر، وتتلاشى وتتقهقر، وتُسك الكلمات كما تسك النقود، وتقوم اللغة والترجمة بوظائف اقتصادية وتنمويّة، كما تقوم النقود أيضاً بوظائف اتصالية». هذا ما ورد في كلمة الباحث محمد أحمد عيد مدير ندوة «الترجمة في التنمية الوطنية» حيث كان الافتتاح بالنشيد العربي السوري، والوقوف دقيقة صمت تحية لأرواح الشهداء الأبرار، وكلمة وزير الثقافة راعي الندوة «محمد الأحمد» الذي بيّن فيها: «أن معركتنا اليوم ثقافيّة، وعلينا تقع مسؤولية تهيئة خطط مستقبلية نحمي من خلالها مشروعنا الحضاري ونخرج بمشروع وطني للترجمة نحن بأمس الحاجة إليه ونحن نخوض حرباً تستهدف الثقافة والحضارة والضمير الإنساني بشكل كبير». ‏‏‏

دور الترجمة وفاعليتها

أدار الجلسة الأولى د. «جمال شحيّد»، وفيها جاء البحث الأول للأستاذ «عدنان جاموس»، بعنوان «دور الترجمة في مشروع منشأة الفرات الكهرمائيّة»، الذي أكد أن: «الترجمة هي أكبر مشروعٍ تنموي يمكن أن يُرسي أساساً للنهوض باقتصاد الوطن من جديد وفيه يمكن التسلح بذخيرةٍ ثقافية واسعة، إضافة إلى كفاءته وقدرته على جعل مشاريع التنمية بين الدول، وكأنها مشروع وطن واحد». وكان المبحث الثاني مع د. «ثائر زين الدين» مدير الهيئة العامة السوريّة للكتاب والعنوان»دور الترجمة في النهوض الحضاري والتنمية ومدّ جسور التواصل الثقافي». وقد أوضح: «إن الندوة اعتراف بعظمة دور المترجمين واعتراف بفضلهم، فهم من جعل جسم الأدب العالمي جسماً واحداً منذ هوميروس حتى اللحظة، وهم من أسهم إسهاماً جليلاً في إبقاء لغات شعوبهم حية وقابلة للتغير والتطور». أمّا البحث الثالث فكان لـ«حسام الدين خضور» بعنوان: «الترجمة في وزارة الثقافة: واقع وآفاق»، وتحدّث فيها عن نشأة وأهمية الترجمة في وزارة الثقافة وعن أغراضها التي لا يمكن الاستغناء عنها، وعن تطورها وطموحاتها.

وظائف وضرورة
أمّا الجلسة الثانية فأدارها الأستاذ حسام الدين خضّور والمبحث الأول كان للدكتورة. «لبانة مشوّح» وعنوانه: «دور الترجمة في تطوير اللغة الأمّ» وبينت فيه الدور المهم للترجمة في إغناء العربيّة بالمصطلحات والأساليب والدلالات لكأن الترجمة توازي في دورها اليوم دور الشاعر قديماً في إثراء اللغة العربيّة. أمّا د. «نورا آريسيان» فكان مبحثها بعنوان: «الترجمة الفوريّة ووظيفتها التنمويّة» والتي ذكرت فيها مجموعة من التوصيات كأن تعمل الجامعات في سورية على إدراج اللغات التي يتزايد دور شعوبها في الشأن الدولي واقترحت الفصل بين تعرفة الترجمة وتعرفة التأليف لاختلافهما كصناعة وترسيخ يوم الترجمة في حياتنا الثقافية. أمّا المبحث الثالث فكان للدكتور. «جمال شحيّد» بعنوان «مساهمة كبار الكتّاب في الترجمة» وأشار فيها إلى مواضيع مهمّة وأشاد بكبار الكتاب العرب الذين دخلوا بوابة الترجمة ولم يبخسوها حقها واعتبروها عملاً متمماً للكتابة فاختاروا أدباء غربيين وترجموا أعمالاً كثيرة لهم.
صيانة الهويّة

أدار الجلسة الثالثة الباحث «محمد أحمد عيد» الذي قال: «اختيار الترجمة طريقاً للانفتاح الحضاري الواعي للأمم، يحقق مبتغاها من النهضة ومواكبة العصر والريادة مع صيانة الهويّة». وجاء المبحث الأول مع د. «فؤاد خوري»، بعنوان: «مستقبل الترجمة والتقانات الحديثة»، والمبحث الثاني: للدكتور «ورد حسن»، والعنوان «أمانة النقل ونظريات الترجمة بين الميول الذاتيّة والضوابط الموضوعيّة».

مكرمو الترجمة
يذكر أنه تمّ تكريم مجموعة من المترجمين خلال هذه الندوة تشجيعاً لهم وللأجيال القادمة من بعدهم على تنشيط الترجمة كفعل حضاري ومؤثر إيجابي في حياتنا الثقافيّة في سورية والوطن العربي، وهؤلاء المكرمون هم: «موريس جلال»، و«عدنان جاموس»، و«عبد الكريم ناصيف»، و«جمال شحيّد»، و«علي أشقر»، و«فاضل جتكر»، و«لطيفة ديب»، و«نزار عيون السود»، و«بدر الدين عمود»، و«زياد عودة».
جاءت الندوة برعاية وزير الثقافة «محمد الأحمد» والهيئة العامة السورية للكتاب وبالتعاون مع جامعة دمشق، والمعهد العالي للترجمة، واتحاد الكتاب العرب، واتحاد الناشرين السوريين، أقيمت هذه الندوة الوطنية في مكتبة الأسد على مدى يومين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن