ثقافة وفن

حقيقة وفاة رأفت الهجان.. الساحر محمود عبد العزيز … الشائعات التي تطول الفنانين والمشاهير .. ما حقيقتها؟ وما الغاية منها؟

| سوسن صيداوي

لن أنتظر رحيلك، ولن أقف ساكتة في وجه إشاعة جديدة، ففي ظل ما نعيشه من واقع في الشعور وفي التمني لكل من يصيبه أذى، ثقافة تعودنا عليها، نحن العرب على وجه الخصوص، لأننا معنيون بشكل كبير في شؤون الآخر وحشريتنا وتطفلنا تدفعنا دائماً إلى ملاحقة أخبار الغير، ليس حباً فيه أو اهتماماً مبطّنا بالحرص والخوف عليه، بل انطلاق من مشاعر الشماتة وإلحاق الأذى مع الأمنيات الداخلية بأن تلحقهم المصائب وتتمسك بهم وتنال منهم، هذا أمر شائع واليوم تتكرر الوقائع خالقة الإشاعات وللأسف والتي يكون مفعولها كمفعول الشرارة في كومة قش.
يأتي الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي والكثير من المنابر الإعلامية كي تلعب دوراً كبيراً في المساعدة بنشر الشائعة دون السعي لبذل أي جهد للتأكد منها، نعم نحن في الإعلام لنا دور فاعل جداً سواء أكان إيجابياً أم سلبياً، وهذا الأمر طبيعي فنحن من يقوم بنشر الأخبار وبالترويج لها، ولكن إلى أي مدى الإعلام في بعضه غير مسؤول، هذا شأنٌ آخر، فما نحن في صدده اليوم هو حقيقة مرض الفنان الساحر محمود عبد العزيز، فهذا الخبر لم يؤثر في، ليس لأن في قلبي للفنان الكبير شيئاً خاصاً وحسب، وليس لتأثري بمرضه الأخير نحن في النهاية كلّنا معرّضون للإصابة به، ولكن عندما طرق الخبر مسمعي، شعرت بالخوف على صورة رُسمت في فكري ولا يمكن لشيء أن يقوى على محوها… «رأفت الهجان»، اسم لمسلسل درامي مصري مكوّن من ثلاثة أجزاء، من إخراج يحيى العلمي وبطولة محمود عبد العزيز، والكل يعرف بأن أحداث المسلسل تدور حول ملحمة وطنية في ملفات المخابرات المصرية عن سيرة الجاسوس المصري رفعت علي سليمان الجمال الذي تم زرعه داخل المجتمع الإسرائيلي للتجسس لمصلحة المخابرات المصرية، هذا المسلسل الذي لا يُمكن أن يُنسى سواء في الموسيقا، القصة والحبكة وغيرها من مئات العناصر الناجحة التي ليست هي بموضوعي لأن ما أريد التحدث عنه هو صوت، ضحكة، تمثيل، عيون كلّها إحساس وحب، تبرق بدموع حارة تعبّر عن وطنية حارة وعشق لوطن بكبر الكون، نعم يا سادة لم يخطر ببالي يوماً، ولكن للصدق وبدافع الفضول، إلا مرة واحدة أن أرى شخصية رأفت الهجان الحقيقيّة، ولكن سرعان ما استبدلها النسيان من الذاكرة لأن رأفت الهجان الحقيقي في نظري هو الساحر محمود عبد العزيز.
حقيقة وفاة محمود عبد العزيز

الشائعة محرك قوي للثرثرة ومحرك أكبر للانفعال وكلمة من هنا وكلمة من هناك، في النهاية تنفجر كي تصيب المغدور فيها بألم يفقده الرغبة الحقيقية بمتابعة الحياة، وربما القول في قرارة نفسه «لماذا كلّ هذا البغض، ولماذا كلّ هذا التمني، فكلّ ما فعلته في حياتي هو أنني أحببت عملي واجتهدت فيه وسعيت لتطويره، لأنني كسبت محبة الناس وللأسف هذه المحبة هي اليوم من تغدر بي وتستهدفني بطلقات المصائب المرعبة».
منذ عدة أيام انتشرت إشاعة قوية عن مرض الفنان محمود عبد العزيز وهناك من الإعلاميين إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك ساهموا في فبركة الخبر وفي نشره، مصورين سوء حالة الفنان وحتى إلى التجرؤ على القول بأن حالته سيئة جداً، وذاهبة بشكل أو بآخر باتجاه النهاية، من دون تكليف النفس جهداً تتطلبه المهنية للتأكد من مدى صحة الخبر، ما أدى إلى استياء كبير من عائلة الفنان ليطل نجله المنتج محمد محمود عبد العزيز في مداخلة وحيدة أجراها مع الإعلامي عمرو أديب، كشف فيها أن عائلة عبد العزيز من المتعارف لديها الإصابة بالأنيميا، وهو ما حدث بالفعل لوالده، إلا أن تأثير ذلك تسبّب في انخفاض نسبة الهيموغلوبين في الدم، ما يسبّب ضعفاً بجهاز المناعة، وهو واحد من عدة أسباب دفعت الأطباء المشرفين لاتخاذ قرار بمنع الزيارة، حتى لا يحضر شخص مصاب بأي مرض بسيط حتى وإن كان نزلة برد بسيطة، لأنه سينتقل بشكل مضاعف إلى الفنان، كما أكد نجله في معرض مداخلته أن والده شخص حساس للغاية، وهو ما يعرفه كل المقربين منه في الوسط الفني، لذلك أصيب بالقلق الذي رافقه قلة في تناول الطعام ما أدى إلى خسارته للوزن خلال الفترة الأخيرة، مضيفاً بأنه مع نقص الوزن الملحوظ عادت مجدداً آلام الظهر إلى محمود عبد العزيز والتي كان يعانيها قبل 9 سنوات، معتبراً في نهاية حديثه أن كل هذا هو ما يعانيه محمود عبد العزيز، وأنه لا شيء يدعو للقلق، مشيراً إلى أنه يطلب دعاء محبيه.

شائعات تُزلزل الكبار
مازالت الإشاعات تطول القامات الفنية الكبيرة في الفن أو في العمر، فقبل شائعة اليوم التي طالت محمود عبد العزيز، كانت الإشاعة التي تصدم منزل الفنان عادل إمام وكل عشاقه بنبأ وفاته بين الحين والآخر، ولكن سرعان ما يخرج من الصمت المخرج رامي إمام ابن عادل إمام مصرّحاً أن والده حي يرزق.
وأيضاً كانت تعرّضت لأمر كهذا الفنانة رجاء الجداوي ولأكثر من مرة، وليس هذا فقط، بل كان الكثيرون ينصاعون وراء الشائعة ويتعاطفون ويضعون صور الفنانة في «بروفايلهم الشخصي» على الفيسبوك ويترّحمون عليها، الأمر الذي يدفع جداوي للخروج للصحافة والإعلام مؤكدة أنها على قيد الحياة وبخير.
ومن لبنان ومن أكثر الفنانات تعرضاً لشائعة الموت، الفنانة فيروز التي ومن فترة ليست ببعيدة تكرر المشهد معها، وانتشر خبر مرضها وأنها في حالة جدّ سيئة، وكذلك الأمر وبين المرّة والأخرى تخرج ابنتها وتنفي الخبر وتكذّب حتى المواقع أو«الأكونت الوهمي» الذي أطلق الخبر وأنه لا يمت للفنانة بصلة.
وفي سورية الحبيبة لها نصيب من الإشاعات التي طالت فنانيها الكبار عمراً ونجومية، وحتى الصغار في العمر لم يكونوا في منأى عنها وعن ظلمها، وهذا ما أزعج الفنانة أمل عرفة ذات مرة، وأخرجها من صمتها وابتعادها عن الإعلام، كي تكذّب نبأ وفاة والدها الموسيقار الكبير سهيل عرفة، وهي نفسها فوجئت بالخبر للوهلة الأولى، مستغربة ذهنية كهذه لأشخاص تسبّب إساءة وقلقاً للعائلات، معتبرة الأمر جدّ معيب.
وأيضاً طالت شائعة الوفاة الفنان دريد لحام، كما طالت وبشكل متكرر الفنان غسان مسعود، وأيضاً الفنان أيمن زيدان الذي نفى شائعة وفاته، معلقاً على حسابه الشخصي على «فيسبوك»: «لا صحة للخبر الذي نُشر عني… عموماً بكير شوي».

صحافة أميركية
في حادثة لا يمكن لعقل أن يصدقها أو يستوعبها أن أمراً كهذا يمكن أن يحدث في الصحافة الأميركية، وهو الكاتب المسرحي العالمي أرثر ميلر الذي كتبت إحدى الصحف خبراً عن وفاته، وهنا الغرابة، الكاتب المسرحي اتصل بالصحيفة مؤكداً لهم أنه مازال على قيد الحياة وهو بصحة جيدة، ولكنّ الصحيفة لم تصحح الخطأ، بل ظلت على موقفها مؤكدة خبر الوفاة، وليس هذا فقط، بل انتظرت خمس سنوات، ومع رحيل الكاتب المسرحي أرثر ميلر نشرت حينها الصحيفة خبرها التالي «تأكيداً لما نشرناه عن وفاة الكاتب أرثر ميلر، فقد رحل اليوم عن عالمنا الكاتب الكبير، ليؤكد صدق ما نشرناه عن وفاته من قبل».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن