اقتصادالأخبار البارزة

«فشة خلق» لحاكم المصرف المركزي: لم أرَ حتى الآن قرارات حكومية ترتقي إلى مستوى الأزمة … خميس: لا استثناءات في الاستيراد بعد 23 آب.. وميالة: مشكلة التصدير سهلة الحلّ

طلب رئيس الحكومة عماد خميس من جميع الوزراء والمسؤولين الوقوف إلى جانب الجمارك بكل قواهم لتنفيذ رؤية تطويرية لعملها، وحل مشاكلها، وإلا «ستضيع الجمارك بين سين وجيم» مشدداً على كلماته وهو يحدق بمدير عام الجمارك «لن نترك ملف الجمارك كما هو».. وبالأسلوب نفسه ألقى خميس كلماته على وزير المالية «أنت المسؤول عن ترجمة دعمنا للجمارك».. وبنظرات الاستغراب وجه خميس تساؤله للجميع «لا أعرف لماذا يتحاشى وزراء المالية ملف الجمارك؟».
كان ذلك في الاجتماع الاقتصادي المسائي للحكومة يوم أمس (الأحد)، في القسم الثاني من الجلسة التي خصص أولها لمتابعة ملف التصدير، لكننا سنعرض تفاصيل ملف الجمارك والتهريب أولاً، لما له من أهمية .
بعد أن وجّه خميس سؤاله الاستغرابي حول تجاهل وزراء المالية للجمارك، بدأ وزير المالية مأمون حمدان حديثه من موقع دفاعي، مختصراً مشكلة الجمارك بتوفير بعض التقنيات ودعم التطوير فيها، مستشهداً بزياراته واجتماعاته ذات الطابع الجمركي.
المحاولة الثانية لحمدان كانت تتركز حول ضرورة الفصل بين ملف الجمارك، وملف التهريب. فبرأيه ملف التهريب لا يرتبط فقط بالجمارك، بل بالعديد من الجهات الأخرى، التي قد يكون بعضها ذا سلطة أعلى من الجمارك.. ومن حمدان إلى مدير عام الجمارك فواز الأسعد، زادت النبرة الدفاعية عن عمل الجمارك. إذ أكد الأسعد عدم وجود تهريب عبر المعابر الرسمية، وإنما الموجود مخالفات جمركية يتم قمعها يومياً وفق قانون الجمارك. مشدداً على أن أداء الأمانات الجمركية ممتاز. وأن التهريب يتم عبر النطاق الجمركي من خارج المعابر الرسمية.. وهنا تدخل رئيس الحكومة بالسؤال: «هل أنت متأكد من عمل الضابطة الجمركية؟».. ليؤكد الأسعد فوراً بأن وضعها «تمام» وما من مخالفات تذكر حالياً، خلافاً لما كان يجري سابقاً، فالأمر متابع مركزياً.
وسأل خميس الأسعد ثانيةً عن أحد المديرين لديه، الذي يبدو أنه متورط بمخالفات أو قضايا فساد، وطلب منه أن ينقله من مكانه الحالي، إلا أن الأسعد دافع عنه، ووصفه بالنزيه. إلا أن رئيس الحكومة تدخل بأن لديه حقائق، وطلب من الأسعد التريث بنقله حتى يقدم له الحقائق.
هذا الحديث فتح الغطاء عن بعض الإشكاليات الحقيقية في الجمارك، والتي أتت على لسان الأسعد، بنبرة الشكوى، متحدثاً عن موضوع القضاء وتعطل الدعاوى فيه، ذاكراً أن دعاوى بنحو 58 مليار ليرة سورية منظورة أمام القضاء من دون حسم منذ 31/12/2015، الرقم الإجمالي للسنوات السابقة يزيد عن عشرة أضعاف هذا الرقم.. إذ لا يمكن للجمارك إلزام التاجر بالتسويات، بل يتم تخييره بين القضاء أو التسويات، والأكثرية يختارون التوجه إلى القضاء. وهنا وجّه خميس بضرورة التواصل مع وزارة العدل لحل الموضوع فوراً. وواصل الأسعد شكواه من ارتفاع الأسعار الاسترشادية، وعدم دقتها.
بدوره تحدث وزير الاقتصاد أديب ميالة مؤكداً أن ضبط كامل الحدود أمر شبه مستحيل، لذلك فالمطلوب هو تخفيض الرسوم الجمركية، ومساواتها بالرسوم في دول الجوار «كما هي في لبنان». فذلك برأيه سيلغي تهريب الكثير من المواد، التي ملأت الأسواق «الأسواق بتحكي لحالها شو موجود فيها».. مبيناً وجود بضائع ببيان جمركي ولكن من دون إجازات استيراد.. وهنا يسأل خميس: «وكيف دخلت هذه البضائع».. يجيب ميالة: «بطرق معينة».. منوهاً بضرورة التركيز على الرسوم الجمركية التي تشجع التهريب.

درغام «يفش خلقه»
بعد ذلك وجه خميس سؤاله إلى حاكم مصرف سورية المركزي دريد درغام إن كان معنياً بالموضوع، فأجاب بأنه ينتظر دوره.. وقام بنزع نظاراته، متوقفاً عن التحديق بجهاز الحاسب الخاص به، ليبدأ بفش خلقه، من حيثما انتهى وزير الاقتصاد، مستغرباً الحديث عن الرسوم الجمركية ونحن بحاجة إلى موارد.. مبيناً أن إجازات الاستيراد التي تعطى للتجار «لا معنى لها على الإطلاق».. لأن البضاعة التي لا تدخل بإجازة تخضع للتسويات في الجمارك.
وبنبرة منخفضة حرص عليها درغام، لكنها مملوءة بالشجون، تابع حديثه ليثبت أننا دولة ليست في أزمة، من باب الإنفاق. واصفاً ما يجري بـ«انفلات عجيب بالصرف» مؤكداً أن المطلوب هو إجراءات فورية حاسمة في هذا الموضوع، وليس كما هو الحال، إذ تشبه الإجراءات المتخذة دعوة لضغط النفقات.
واستطرد درغام بالقول: «نعيش رفاهية مستغربة.. ومستويات الحوار للسادة الوزراء هي نوع من تداول رأي لصناعة قرار، وليس اتخاذ قرار. المطلوب اليوم إجراءات تنفيذية وسيناريوهات واضحة يتم اختيار أحدها وفق معيار ماذا نريد؟».
وختم بالقول: «كل الاحترام لهذه الجلسات، لكن لم أرَ حتى الآن قرارات حكومية ترتقي إلى مستوى الأزمة». وهنا أكد رئيس الحكومة معظم ما أورده درغام، قائلاً: «أؤيد قسماً كبير من حديثك.. والجميع معني بالموضوع». وطلب خميس من درغام مذكرة فنية لما هو مطلوب من الحكومة قياساً إلى حديثه، يعرضها الأسبوع القادم. إلا أن درغام طلب أن يكون هناك جلسة مغلقة تجمعه وحده مع خميس قبل ذلك.
وكانت النتيجة أننا في حرب، والمطلوب وزارة حرب، ويجب أن يكون هناك قرارات تضع حداً للنزف غير الطبيعي.
تدخل وزير التنمية الإدارية حسان النوري قائلاً: «أستغرب وجود من يبيع صحن السوشي بعشرة آلاف ليرة سورية، وكل مكوناته مهربة. وأؤيد ما قاله الحاكم فنحن وزارة حرب».
وأعلن النوري أنه مستعد للعمل والتعاون مع الجمارك للتأهيل المؤسساتي، لكن «هناك بعض الأمور تحتاج إلى الحجاج».. هنا أعاد وزير المالية تأكيداته بأن التهريب ليس قضية الجمارك وحدها، فالتصدير تهريباً أكثر من التصدير النظامي. وأضاف: «الجمارك يمكن تطويرها.. وهناك ناس شرفاء حتى في الضابطة الجمركية، إلى جانب الفاسدين». وتحدث حمدان عن ضرورة تحديد مهنة الكشاف الجمركي إلى درجة إلغائها.
ختام الحديث الجمركي خلال الجلسة كان بكلمات رئيس الحكومة، الذي أكد أن الجمارك مسؤولة عن الوضع في البلد، بسلبياته وإيجابياته، وهذا سبب دعوة مدير عام الجمارك لحضور الجلسات الاقتصادية منذ بدايتها، والمطلوب العمل على تطوير الجمارك بشكل أوسع يشمل بعض الوزارات المعنية. معلناً أن لا استثناءات أعطيت للتجار في إجازات الاستيراد قبل 23 آب الماضي، ولا كماليات مستوردة بشكل نظامي، متسائلاً: «هل يجدي نفعاً لو أعطينا التجار الذين خالفوا ذلك قبل 23 آب مهلة لتسوية أمورهم، وإلا تعتبر بضائعهم كالمخدرات؟» وطلب ممن لديه معلومة بأن أحداً حصل على استثناء بعد تاريخ 23 آب أن يعلمه على الفور.. على أن يتابع موضوع الجمارك والتهريب في الاجتماعات المقبلة.

ملف التصدير في رابع جلسة
تابع المجتمعون ملف التصدير، الذي حلّ كموضوع أساسي لرابع جلسة للمجموعة الاقتصادية في الحكومة، والبداية كانت مع وزير الاقتصاد أديب ميالة الذي قدم عرضاً عن المصفوفة الخاصة بالتصدير التي تم التوصل إليها بعد اجتماعه مع الوزير النوري ورئيس هيئة التخطيط عماد الصابوني، ورئيس المجلس الاستشاري قيس خضر. تضمنت معالجة موضوع التصدير ووصف معوقاته ومشكلاته على المدى القصير والآني والمدى الطويل.
وتحدث بموجب المذكرة «المصفوفة» أن المطلوب هو تشجيع التصدير بخفض التكاليف والتشجيع على الإنتاج بزيادته وتنويعه، وحل مشكلة النقل وضمان سلامة وجودة المنتجات المصدرة. وبأن الدعم يجب أن يقدم للمصدرين النهائيين. مشدداً على أنه «لا يجب ترك المصدرين يعملون على هواهم». ولضمان التصدير الجيد وحل مشكلاته بيّن ميالة أن المطلوب هو بسيط جداً، فأولاً، شركة لتراقب وتضبط جودة المنتجات المصدرة ومنحها شهادات جودة. وثانياً، إلزام المصدر بعقد مع المستورد يحدد فيه صنف البضاعة وكل التفاصيل المتعلقة بالصفقة. ثم يأتي بعد ذلك تطوير البنية المؤسساتية وتعزيزها ودعمها، عبر هيئة الصادرات. منوهاً بأن حل مشكلات التحويلات المالية «يحتاج شطارة».
رئيس هيئة تخطيط الدولة تحدث عن إمكانية تأسيس مجموعة عمل لإعداد وثيقة وطنية للتصدير أو كتيب كدليل للتصدير ينجز بنحو 4 أشهر.
رئيس الحكومة تدخل بعد عرض ميالة والصابوني قائلاً: «بعد توصيف الواقع، هل اكتشفنا أننا على خطأ في موضوع التصدير، أم كنا نعمل بشكل صحيح.. واليوم لا يوجد شيء على المدى الطويل والمتوسط، فالمطلوب عمل آني وخطوات واضحة وإجراءات في كافة المفاصل. يمكن أن توضع في كتيب للتصدير».
وبعد ذلك أعاد ميالة دفاعه عن المذكرة، مصراً على أن مشكلة التصدير سهلة الحل، ويمكن اختصارها بالعقد وشركة الجودة. وتحدث الصابوني عن مشكلة صعوبة تحديد الزمن في تنفيذ المصفوفة.. وفي نهاية الحديث طلب خميس من ميالة إعداد المصفوفة الخاصة بالتصدير لعرضها على مجلس الوزراء في جلسة الثلاثاء بعد القادم.
وخلال الجلسة كشف الأمين العام لمجلس الوزراء محمد العموري أن اتحاد غرف التجارة السورية قدم طلباً بتأسيس شركة تصدير.. وتحدث وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد اللـه الغربي عن وجود مهرب كبير له نشاط واسع في السوق معروف باسم «غوار». ولدى اتصال «الوطن» مع الوزير وسؤاله عن تفاصيل المدعو غوار، رفض تقديم أية إجابة، أو أية معلومة حوله. مكتفياً بأن الموضوع كبير، ويعالج في مستويات عليا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن