قضايا وآراء

رصاص الإرهاب ورعاته أسقطا هدنة حلب؟

| صياح عزام 

انهارت الهدنة الأخيرة التي أُعلن عنها مؤخراً في حلب رغم كل الحرص على تنفيذها من الجانبين السوري والروسي من خلال تأمين كل مستلزمات الخروج الآمن لمن يرغب من السكان وحتى من عناصر المجموعات الإرهابية المسلحة من ممرات آمنة ومراكز إيواء مُجهّزة بكل الاحتياجات وبقي الآلاف من سكان حلب الشرقية رهائن بيد إرهابيي «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» والمجموعات الأخرى المتحالفة معهما، علاوةً على ذلك، لم يترك عشرات القناصة من هذه المجموعات ممراً من الممرات الآمنة إلا وأمطروه برصاص القنص الغادر وقذائف المدفعية.
لم تُجْدِ النداءات بمكبّرات الصوت لإقناع الإرهابيين بالصعود إلى الحافلات التي كانت تنتظرهم قرب المعبر مع ضمانات لسلامتهم، وتأمين سفر آمن لهم إلى إدلب أو خان العسل، كما لم تُجْدِ دعوات المفتي الشيخ الجليل بدر الدين حسون إلى تحكيم العقل وإلقاء السلاح، وبقي هؤلاء «الأشرار» بناء على أوامر أسيادهم في الدوحة والرياض وتركيا خلف السواتر الترابية. كان الردّ على كل ذلك بمزيد من قذائف الهاون ورصاص القنص، والأهم من ذلك، أن هؤلاء الإرهابيين من جبهة النصرة وأحرار الشام وغيرهما قاموا بمحاصرة المدنيين في الداخل «أي في الشرق الحلبي» لتعطيل الهدنة، ففرضوا حظر الانتقال من حي إلى آخر شرق المدينة منذ أكثر من أسبوع؛ الأمر الذي سهّل عليهم احتواء تحركات المدنيين ومنع اقترابهم من المعابر، وداهموا في حي الصاخور حشداً من المجتمعين كانوا يناقشون مسألة خروج المدنيين إلى غرب المدينة، وسقط في الاشتباك عدد من المداهمين والمجتمعين، وقامت تظاهرات في بستان القصر وفي الفردوس طالبت بالخروج من الحصار والمغادرة إلى غرب حلب.
بطبيعة الحال، حُوصرت التظاهرات وفُرِّقت بإطلاق النار على المتظاهرين من قبل إرهابيي النصرة وأحرار الشام. ولكن هذا إن دل على شيء فإنما يدل على التصدع والانشقاقات والرفض لممارسات الإرهابيين والبقاء تحت سيطرتهم… كل هذا قُوبل من الجيش السوري وحلفائه بمزيد من ضبط النفس، ورغم القصف المُركَّز من قناصة النصرة ورماة المدفعية من أحرار الشام على كل المعابر، لم يطلق الجيش السوري طلقة واحدة.
إذاً، يمكن القول إن الإرهابيين ورعاتهم أفشلوا الهدنة خاصة عبر محاصرتهم للسكان في شرق حلب من دون تمييز ومنعهم من الخروج من منازلهم والتهديد بقتل من يغادر وحرق منزله.
والسؤال، ماذا بعد سقوط أو إسقاط الهدنة من الإرهابيين ورعاتهم؟
تقول المعلومات، إن قيادة ما يُسمى «جيش الفتح» تسلَّمت كميات كبيرة من الأسلحة والمدفعية والصواريخ وصلتها من السعودية قبل شهر، كما حصلت على كميات كبيرة إضافية من الأسلحة والذخائر لتعويض ما فقدته أثناء القصف السوري والروسي لمستودعاتها في الشهر الماضي والحالي… وتضيف هذه المعلومات أن السعودية تشجّع جيش الفتح على مواصلة القتال والإعداد (لعملية اختراق) لفتح ممرات نحو حلب الشرقية، حيث بدأ الحشد لهذه العملية في «الأتارب» شمال حلب و«أورم الكبرى» غرب حلب و«خان طومان» جنوب غرب حلب.
وتُروج «النصرة» وحليفاتها بأن المعركة المقبلة ستكون أضخم المعارك في حلب منذ أربع سنوات.
على أي حال، يعرف الجميع أن سورية وحلفاءها استجابوا لكل دعوات التهدئة والهدن رغم معرفتهم السابقة أن الإرهابيين يستغلّونها لتجميع صفوفهم ولتعويض ما فقدوه من أسلحة ومقاتلين، إلا أن الجيش السوري والقوى المساندة له على أهبة الاستعداد لمواجهة أي تصعيد وإفشال كل (الملاحم الكبرى) التي يروجون لها كما أفشل من قبل ملحمة دمشق وملحمة الجنوب وغيرهما.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن