من دفتر الوطن

شعوب عدم الاهتمام!!

| عبد الفتاح العوض 

مع كل ما يجري في العالم.. تبدو الشعوب صامتة.. وكأن على رؤوسها الطير.
تعالوا نتابع ما فعلته الشعوب على فترات زمنية ولنرَ ما إذا كان يربطها رابط ما.. كانت التظاهرات تعم دول العالم في كل حدث سياسي وعسكري.
هناك تظاهرات وتظاهرات مضادة.. حسب الموقف السياسي… شعوب مع وشعوب ضد.. شعوب مع حكوماتها وشعوب ضد حكوماتها.. أقرب الأمثلة التي ما زالت ماثلة الأثر والتأثير، التظاهرات التي عمت عواصم العالم ضد غزو العراق… كل أصوات الشعوب وقتها التي خرجت لتمنع الحرب ضاعت في الهواء المباشر الذي بثت من خلاله على فضائيات العالم. تستطيع أن تقول: إن الشعوب لم تؤثر في القرار العسكري ولم تمنع غزواً يعيش العالم اليوم بعضاً من نتائجه.. داعش وعشيرتها من مفرزات احتلال العراق، وهذا ليس تحليلاً عربياً بل اعتراف أميركي صريح.
الآن لماذا صمتت شعوب الغرب.. لا تظاهرات ولا موقف محدداً.. على حين البلاد العربية تتحاور بالسلاح وتتناقش بالدماء؟
من الأمثلة الصارخة التي يمكن الحديث عنها بشكل مسهب القضية الفلسطينية وموقف شعوب العالم منها.. فقد كان التعاطف على أشده وكان التعبير عن هذا التعاطف بأشكال مختلفة وصارخة والتأثير كان متفاوتاً.. الآن لا أحد يتحدث عن القضية الفلسطينية ولا أحد يعبر عن تعاطفه مع فلسطين حتى إذا افترضنا أن هذا التعاطف ما زال مستمراً أصلاً.
كيف حدث هذا وكيف صمتت الشعوب؟
تعالوا نستعن بنظرية نعوم تشومسكي.. في الإستراتيجيات العشر التي سلبت الشعب صوته.. واحدة من هذة الإستراتيجيات تحويل انتباه الرأي العام نحو مسائل تافهة.. فمثلاً سرقة ممثلة سخيفة اسمها كيم كاردشيان تصبح قضية مركزية للإعلام والرأي العام على حين تصبح القضايا الأخرى مجرد ثانوية… نعوم تشومسكي يقول أيضا: إن الغرب يخلق المشكلات ويؤجل حلها، ثم يجعل من أهدافه الحلول تحت عنوان (قرار موجع لكنه ضروري) وأظن أن طروحات التقسيم ستكون تحت هذا العنوان.
بعد كل هذا صمتت الجماهير وسكتت الشعوب.. وتركت للسياسيين الحركة الحرة في تخريب العالم.
في الخمسينيات عندما جرى الاستقطاب العالمي بين المعسكر الرأسمالي والمعسكر الاشتراكي خرجت محاولة أبطالها تيتو ونهرو وناصر، تم اختيار تسمية لها ( دول عدم الانحياز) نحن في هذه الفترة لا أحد منا يؤمن بعدم الانحياز.. فكرة عدم الانحياز والحياد ليست موضوعية في هذه الفترة رغم أنها ضرورة في قضايا معينة وفي مهن محددة.
ما يتشكل الآن شعوب عدم الاهتمام شعوب اللامبالاة وشعوب الهموم الخاصة… الشعوب المشغولة بذاتها ومشكلاتها.. جماعة شعوب عدم الاهتمام تشكلت بلا مبادرة من أي جهة… تشكلت بالأمر الواقع وما أسوأه من واقع!!

أقوال:
يقول عبد الرحمن بن زياد الإفريقي: كنت أطلب العلم مع أبي جعفر المنصور قبل الخلافة، فلما ولي الخلافة وفدت إليه فقال: كيف سلطاني من سلطان بني أمية.. قلت: ما رأيت في سلطانهم من الجور إلا رأيته في سلطانك.. فقال أنا لا أجد الأعوان… قلت قال عمر بن عبد العزيز: «إن السلطان بمنزلة السوق يجلب إليها ما ينفق فيها.. فإن كان براً أتوه ببرهم.. وإن كان غير ذلك أتوه بما هو غير ذلك».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن