اقتصاد

«الرقابة والتفتيش» تقدم وصفتها لتحسين جودة الرغيف والحدّ من الهدر في «المخابز الآلية»

| عبد الهادي شباط

أكدت مذكرة للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش تدني جودة صناعة الرغيف في المخابز الآلية، مع وجود هدر بالمال العام وهدر منزلي، وذلك منذ نهاية العام الماضي.
وأوردت المذكرة المذيلة بتوقيع 11 مفتشاً (حصلت «الوطن» على نسخة منها) تساؤلاً عن تفاوت الجودة في صناعة الرغيف بين المخابز الآلية والاحتياطية رغم أن الجهتين تحصلان على الطحين والخميرة نفسهما.
وهدفت المذكرة إلى إيجاد حلول سريعة لمعالجة مكامن الخلل في المخابز الآلية، من أجل تحسين جودة الرغيف والحدّ من الهدر. ولكن يبدو أن شيئاً لم يتغير في واقع صناعة الرغيف كما هو بادٍ للعيان، رغم تقديم مقترحات للمعالجة منذ عشرة أشهر إلى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك. مع التنويه بأن المخابز الآلية بإدارتها الجديدة صدّرت بعض القرارات لحلّ المشكلات، منذ فترة قريبة، ووزير التموين أعلن تخفيض نسبة الاستخراج لتحسين جودة الرغيف، بانتظار الرغيف الجديد بين اليوم والثاني على حدّ زعم الوزارة.
حيث صرح أمس المسؤولون كافة في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمعنيون بعمل وإدارة المخابز أنه بدأ توزيع مادة الدقيق التمويني وفق نسب الاستخراج الجديدة وبدأت أغلبية المخابز في إنتاج الدقيق الجديد، مؤكدين أنه سيتم إنتاج رغيف خبز عالي الجودة يضاهي رغيف الخبز السياحي وذلك بالانسجام مع حجم الدعم والاهتمام الكبير الذي تقدمه الدولة لمادة الخبز، حيث أكد مسؤول في الوزارة لـ«الوطن» أن كلفة كل واحد كيلو غرام من مادة الخبز تقدر بـ140 ليرة بينما يباع للمواطن بـ38 ليرة.
وخلصت المذكرة إلى عدة مقترحات ذات طابع فني لتحسين جودة الرغيف والحدّ من الهدر، كاستبدال العجانة الآلية بعجانة عادية والمستخدمة لدى المخابز الاحتياطية لإمكانية التحكم بعملها ومتابعته أثناء عملية العجن وما يحتاج إليه ذلك من ماء وخميرة وملح حسب نوع الدقيق وهذا يحدده العجان ذو الخبرة.
إضافة إلى منح الشركة العامة للمخابز صلاحية التعاقد مع عمال بمهنة عجان ذي خبرة يتم اختيارهم وفق اختبار توضع له معايير وأسس من إدارة الشركة وإبرام عقد خبرة معه بأجور تشجيعية أسوة بالعجان لدى المخابز الاحتياطية. وتركيب دارة تبريد وتسخين لدى المخابز الآلية تسهل عملية العجن اليومي صيفاً وشتاءً. والاهتمام برأس الفتاحة بداية خط الإنتاج ومتابعة عملها وتوسيع قطر الرغيف ضمن المواصفة المطلوبة 37 سم على الأقل ليأخذ الرغيف حقه بالنضوج والحصول على منتج جيد ومردود نظامي وفق الأسس المعيارية المعمول بها لدى الشركة وعدم اتخاذ زيادة المردود عن المعياري كحجة لزيادة الإيرادات على حساب الجودة.
ومن المقترحات أيضاً رفع سقف الحوافز الإنتاجية لعمال الإنتاج باعتبارهم أصحاب الحق في هذه الحوافز التشجيعية (وهذا تم تنفيذه). وإيجاد ضمان صحي من الشركة للعاملين لديها ولا سيما أنهم يتعرضون لمخاطر أثناء العمل.
واقترحت المذكرة تغيير طريقة تسويق الخبز من خلال إعطائه وقتاً أطول للتبريد عن طريق إيجاد سير ناقل بين خط الإنتاج ومنفذ البيع من دون لصق ربطات الخبز بلصاقة لإغلاقها وإبقائها مفتوحة ليتمكن المواطن من تبريدها، ووضع رفوف أمام منفذ البيع لهذا الغرض وتأمين صناديق بلاستيكية ذات مساحة واسعة حيث يتم وضع ربطتين الواحدة فوق الأخرى وذلك للكميات التي تباع في الأكشاك.
ووفق رؤية مجموعة التجارة الداخلية في هيئة الرقابة والتفتيش، إن تحقق هذه المقترحات سوف يؤدي إلى تقليص هدر المال العام المتمثل بسوء صناعة الرغيف الذي تتحمل الدولة عبئاً كبيراً لتأمينه.

بين الآلية والاحتياطية
وبيّنت المذكرة أن أسلوب عمل المخابز الاحتياطية يتميز عن المخابز الآلية بعدة أمور، أهمها، رأس المال المحدد بخلاف المخابز الآلية التابعة لشركة المخابز وبذلك فإن المخابز الاحتياطية رابحة وتورد سنوياً للخزينة ضريبة الأرباح وفائض سيولة وفائضاً في الموازنة. على حين هناك عجز لدى المخابز الآلية وخسارة على مدى سنوات وصلت إلى 1101 مليون ل.س عام 2013 و425 مليون ل.س عام 2014 وهذا سببه العمالة الكبيرة لديها مقارنة مع الاحتياطية والتي تؤدي إلى زيادة التكاليف.
إضافة إلى قدرة الاحتياطية على المناورة لكون مخابزها صغيرة وتغطي احتياجات مناطق واسعة لأن الآلية تحتاج إلى مساحات واسعة على الرغم من أن إنتاجها أقل على أساس الخط الواحد (طاقة إنتاجية يومية). وفي الاحتياطية لا توجد نسب هدر أو فروقات أو تالف ويتحمل المشرف على المخبز أي هدر حاصل وهو مسؤول عن كل كمية دقيق يستلمها ويغرم بأي نقص في المواد علماً أن المخابز الآلية لديها نسبة هدر دقيق تقدر بـ41. 6 كغ (رش) و21 كغ فروقات دقيق في كل طن خبز إضافة إلى الخبز التالف (العلفي) بنسبة 5 بالألف.
إضافة إلى أن استهلاك المخابز الاحتياطية لمستلزمات الإنتاج أقل من الآلية حيث يحتاج كل طن دقيق في الاحتياطية إلى 4.88 كغ من مادة الخميرة أما في الآلية فيحتاج 6 كغ خميرة كذلك الملح فتحتاج الاحتياطية إلى 12.5 كغ والآلية 15 كغ ومعدل استهلاك المازوت نفسه تقريباً في الجهتين.
ولدى اللجنة 109 مخابز احتياطية في المحافظات كافة منها 51 مخبزاً متوقفاً بسبب الظروف الحالية وذلك على أساس الخط الواحد على حين لدى شركة المخابز عام 2014/131 مخبزاً آلياً منها 44 مخبزاً متوقفاً بسبب الظروف الحالية وعدد الخطوط العاملة 166 خطاً والمتوقف 86 خطاً على اعتبار أن هناك مخابز لديها خطان أو ثلاثة.

على طريق الدمج
وِأشارت المذكرة إلى طرح فكرة دمج المخابز الآلية بالاحتياطية خلال السنوات السابقة إلا أن ذلك لم يطبق لعدم الوصول إلى آلية تضمن استمرارية جودة المنتج والتخوف من تحول المنتج كله إلى سيئ، وليس هناك ما يمنع مستقبلاً من دمجهما على أساس فكرة المخابز الاحتياطية على اعتبار أن السلبيات لدى الآلية أكثر وتكاليفها أكبر.
وبيّنت المذكرة أن سوء صناعة الرغيف لها سلبيات عديدة أبرزها الهدر الكبير لمادة الدقيق المدعوم من الدولة والذي يكلف الدولة جهوداً كبيرة لتأمينه استيراداً في ظل غياب مواسم القمح الجيدة بسبب الظروف الحالية، والهدر في مستلزمات الإنتاج الأخرى (خميرة – مازوت – ملح..) حيث إن سوء صناعة الرغيف الذي كلف الدولة نفقات مدعومة سيؤدي إلى خسارة هذه التكلفة على اعتبار أن الرغيف السيئ لن يكون صالحاً للاستهلاك ما يعني زيادة في الفاقد المنزلي (الخبز التالف الذي يتحول إلى علفي في المنازل) إضافة إلى العلفي الموجود أصلاً لدى المخابز الآلية وهذا يزيد الخسارة والهدر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن