اقتصادالأخبار البارزة

الحكومة تفرد أرقام موازنة 2017 أمام نواب الشعب … 2660 مليار ليرة سورية 28% منها تموّل بالعجز

أكد وزير المالية مأمون حمدان خلال عرضه بيان الحكومة المالي حول مشروع قانون الموازنة العامة للدولة 2017 أمام مجلس الشعب أمس أن الاقتصاد السوري عانى خلال سنوات الأزمة تراجعاً كبيراً في المؤشرات الاقتصادية الكلية وانخفاض أداء القطاعات الإنتاجية والخدمية ما أثر سلباً على سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية وأدى لتراجع كبير في إيرادات الخزينة العامة وتدني المستوى المعيشي للمواطنين.
مبيناً أن الأزمة انعكست على الموازنة العامة للدولة ما أدى إلى زيادة حجم الإنفاق العام لتعزيز مقومات الصمود الوطني نظرا لانخفاض مصادر التمويل الداخلية والخارجية وتراجع معدلات التحصيل الضريبي، فبلغت نسبة الزيادة في عجز الموازنة 244% منذ العام 2011 وحتى العام 2016.
وبين حمدان أن اعتمادات مشروع الموازنة العامة لعام 2017 قدرت بمبلغ 2660 مليار ليرة سورية مقابل 1980 مليار في موازنة عام 2016 أي بزيادة مقدارها 680 مليار ليرة سورية وبنسبة زيادة مقدارها 34.34%.
وأوضح حمدان أن اعتمادات العمليات الجارية بموازنة 2017 قدرت بمبلغ 1982 مليار ليرة مقابل 1470 مليار ليرة في موازنة العام الماضي أي بزيادة مقدارها 512 مليار ليرة وبنسبة زيادة 34.83% بينما قدرت اعتمادات العمليات الاستثمارية بـ678 مليار ليرة بزيادة عن العام الماضي مقدارها 168 مليار ليرة أي بنسبة 32.94%.
وأكد أن أولويات العمل الحكومي في المرحلة المقبلة تتمثل بدعم الصمود والأمن والمصالحة الوطنية والوفاء للشهداء والجرحى والاستجابة للاحتياجات الإنسانية وتنشيط الدورة الاقتصادية وتحسين المستوى المعيشي والبناء المؤسساتي والتنمية الإدارية ومكافحة الفساد وتعزيز الإنتاج الوطني من خلال ترشيد الاستيراد وتفعيل الإصلاح الإداري وتطوير أداء الإدارة العامة وتعزيز صمود الاقتصاد الوطني والتهيئة لإعادة الإعمار وتعزيز السياسة الخارجية وفرص التعاون الدولي.
وفي تصريح لـ«الوطن» قال وزير المالية: «إننا كوزارة بدأنا العمل بالشهر السابع إذ كان منجزاً نحو 60% من الموازنة، لذا فإن تغيير أسس إعداد الموازنة أمر مستحيل للعام القادم، لأنه لا يمكن وضع أسس الموازنة وتقديمها بالوقت المناسب».
وأضاف: «المشكلة ليست بطريقة الإعداد ولاسيما أن هناك قوانين وإجراءات تحكم إعداد الموازنة. وهناك ثقافة جديدة نسير فيها تجاه الجهات التي من المفترض أن تناقش الموازنة».
مؤكدا أن إعداد الموازنة القادم سوف يكون مؤتمتاً في عام 2018 بشكل جزئي وفي عام 2019 سوف يكون بشكل كامل الأمر الذي يتطلب استثمارات كبيرة في مجال تقنية المعلومات في الوزارة «ولا يمكن أن نصل إلى هذه الأرقام إلا بعد أن يكون لدينا قاعدة بيانات واسعة جداً ليس فقط في وزارة المالية بل في الجهات التي تناقش موازنتها». مؤكداً أن الوزارة تعتمد على الأرقام التي تردها من الجهات المختلفة ودراستها من قبل الخبراء الذين اكتسبوا خبرة عبر الزمن «لكن اعتمدنا بالدرجة الأولى على الأرقام التي تتم معالجتها».
وأضاف الوزير: «إن اعتمادنا في الموازنة هو على الليرة السورية وليس على سعر الصرف أو غيره وبالتالي صحيح أن هناك انخفاضاً للقوة الشرائية لكن لا يجوز إعداد الموازنة إلا بالليرة السورية وهذا لا يمكن التنازل عنه».
الدعم الاجتماعي
قدرت مبالغ الدعم الاجتماعي للعام 2017 بمبلغ 1870.31 مليار ليرة سورية، موزعة على 15 مليار ليرة للصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية، و10 مليارات ليرة لصندوق دعم الإنتاج الزراعي، و398 مليار ليرة لدعم الدقيق التمويني، و68.72 مليار ليرة لدعم السكر والرز، إضافة إلى 471.79 مليار ليرة لدعم الطاقة الكهربائية، وهي خسائر مدورة، إضافة إلى 177 مليار ليرة لدعم المشتقات النفطية، و729.8 مليار ليرة هي خسائر تقديرية لشركة محروقات، ناجمة عن تحويل فروقات الأسعار للمشتقات النفطية (كإيرادات) إلى الخزينة العامة للدولة لتغطية الالتزامات المترتبة والتي تقرر اقتطاعها من فروقات أسعار المشتقات النفطية.
وبموجب البيان المالي (حصلت «الوطن» على نسخة منه) فإن مبلغ الدعم المرصد في الموازنة هو 423 مليار ليرة سورية، أما بالنسبة لدعم الطاقة الكهربائية ودعم المشتقات النفطية وخسائر محروقات، فإنها سوف تظهر في نتائج أعمال تلك المؤسسات وسيتم معالجتها وفق قوانين التشابكات المالية.
هذا وقدرت اعتمادات الرواتب والأجور عام 2017 بمبلغ 432.91 مليار ليرة، بزيادة 60.84 مليار ليرة عن العام 2016 ما نسبته 16.35%، سببها تغطية 33300 فرصة عمل في القطاع الإداري، والتغير في التعويضات ورواتب الموفدين والوافدين والزيادة في التعويض المعيشي.
وذكر البيان وجود زيادة في إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم عام 2017 بنسبة 27.24%، بواقع يزيد على 69 مليار ليرة، بسبب التحسن في مستوى النشاط الاقتصادي وبدء عودة عجلة الإنتاج تدريجياً. ولحظ البيان زيادة في بند فروقات الأسعار بمبلغ 267.7 مليار ليرة سورية بنسبة 57.35%. من دون أي توضيح يخص سبب هذه الزيادات، والتي هي ناجمة في الحقيقة عن رفع أسعار المواد المدعومة.

التمويل بالعجز
من جهته أشار رئيس لجنة الموازنة والحسابات في المجلس حسين حسون إلى أن تقديم الحكومة بيانها المالي لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2017 ضمن المهلة الدستورية ووفقا للمعطيات والإمكانات المتاحة يمثل إنجازاً مهماً ورسالة للداخل والخارج بأن الاقتصاد السوري ومؤسسات الدولة بخير رغم ما طالها على يد الإرهاب من غدر وإجرام.
مبيناً أن الموازنة ستكون ملبية للآمال والطموحات رغم العجز المالي الذي تحمله ويقدر بـ741.6 مليار ليرة سورية، ما يعني أن 27.88% من حجم الموازنة ممول بالعجز. على حين عزت وزارة المالية أسباب العجز إلى زيادة اعتمادات الموازنة المقدر بـ680 مليار ليرة عن العام الماضي على حين قدرت الزيادة في الإيرادات بـ560 مليار ليرة مما أدى إلى ارتفاع العجز إلى القدر المذكور.
منبها إلى أن التمويل بالعجز له تداعيات وآثار سلبية على مجمل الاقتصاد الوطني ومعيشة المواطنين. ودعا حسون الحكومة إلى اتخاذ خطوات فعالة لإعادة دوران عجلة الإنتاج وتشجيع عمليات التصدير والحد من عمليات الاستيراد وترشيد النفقات وتحسين مستوى تحصيل الأموال العامة ومعالجة أسباب التهرب الضريبي وحسن إدارة المؤسسات العامة وتحسين سعر صرف الليرة السورية. مؤكداً ضرورة دعم المشاريع الاستثمارية فعلاً وليس قولاً وفقاً لما جاء في بيان الحكومة المالي. ودعا حسون أعضاء المجلس إلى مناقشة الموازنة ومن ثم التصويت على إحالتها إلى لجنة الموازنة والحسابات لزيادة التعمق بدراستها وتحليلها وتقييمها بشكل موسع من خلال المناقشات التي ستجري في اللجنة والاطلاع على أداء الوزارات والمؤسسات العامة والجهات التابعة لها ومن ثم رفع تقرير مفصل بها مع المقترحات والتوصيات إلى رئيسة المجلس.

النواب يتحدثون
وفي مداخلاتهم دعا أعضاء المجلس إلى ضرورة أن تلحظ الموازنة أهمية النهوض بالواقع المعيشي وتلبية احتياجات المواطنين وتقديم الخدمات لهم بالشكل الأمثل والابتعاد عن فرض أي ضرائب جديدة ترهق كاهلهم والبحث عن حلول مجدية لتأمين إيرادات جديدة للخزينة العامة للدولة والعمل على تطوير الأداء الحكومي ومكافحة الفساد والترهل الإداري.
ودعا النائب علي الصطوف الحكومة إلى انتهاج سياسة إيصال الدعم إلى كل المواطنين والابتعاد عن مصطلح عقلنة الدعم ومكافحة التهرب الضريبي، مؤكداً أهمية تحسين الوضع المعيشي للمواطنين وتخفيف الأعباء عنهم. كما دعا النائب سامر شيحا وزارة المالية إلى تبيان ما إذا كان العجز بالموازنة سيؤدي لمزيد من التضخم وتدهور سعر صرف الليرة متسائلاً «لماذا لا تتم إعادة النظر بمعدلات الضريبة التي تخضع لها الشركات المساهمة ومن ضمنها المصارف الخاصة وشركات التأمين؟».
من جانبه أشار النائب عارف الطويل إلى أن مصادر تمويل الخزينة انخفضت جراء انخفاض معدلات التحصيل الضريبي ويجب تحقيق حسن الجباية والعدالة الضريبية وعدم إقرار أي مطرح ضريبي يرهق كاهل المواطنين والعمل على زيادة الإنتاج لإنهاء الركود الاقتصادي وزيادة فرص العمل. منوهاً بأن المنشآت الصناعية متوقفة عن العمل لعدم وجود السيولة لديها نتيجة منع المصارف العامة من منح القروض.
واعتبر النائب ماجد حليمة أن الأرقام التي تقدمها الوزارات والمؤسسات العامة مبالغ بها كما أن معظم المشاريع التي تتضمنها الموازنة لا يتم تنفيذها، داعياً وزارة المالية إلى وضع آلية جديدة حول عملية صياغة مشروع الموازنة العامة للدولة ومناقشة موازنات الجهات العامة.
من جانبه دعا النائب وائل ملحم إلى خلق فرص عمل جديدة لذوي الشهداء والجرحى وتسهيل إجراءات منح القروض وضبط النفقات في الوزارات ومؤسسات الدولة. على حين تساءل عضو المجلس رياض شتيوي عن آليات التنمية المستدامة ومواجهة الفقر ودعم الأسر الفقيرة مطالباً بكبح جماح ارتفاع الأسعار ومحاربة الفقر والبطالة وضرورة إيجاد مشاريع إنتاجية مجدية لمكافحة البطالة وضبط الإنفاق في الجهات العامة.
ودعا النائب عمر الحمدو إلى زيادة دعم المشاريع الاستثمارية والتركيز على القطاعين الزراعي والصناعي وتأمين مستلزمات الإنتاج لهما. في حين تساءل النائب مشعل الحمود عن الخطوات التي اتخذتها الحكومة من أجل إعادة الإعمار والإصلاح الإداري.
وأشار النائب آلان بكر إلى أن ما جاء ضمن مشروع الموازنة بما يخص محافظة حلب لا يكاد يلبي 25% من احتياجاتها الضرورية لإعادة تأهيل ما دمره الإرهاب مطالبا باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استقرار سعر صرف الليرة والاستمرار بتقديم الدعم لقطاعات الصحة والتعليم والخدمات والمعيشة وخاصة مادة الخبز.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن