قضايا وآراء

اجتماع موسكو الثلاثي.. رسائل بالخط العريض

| صياح عزام 

يمكن القول، بل التأكيد أن الاجتماع الثلاثي الذي عُقد في موسكو مؤخراً بين روسيا وسورية وإيران، هو اجتماع مهم ومفصلي بعث برسائل واضحة إلى عدة جهات محلية وعربية ودولية بعد أن خرج بقرارات مصيرية. ومن هذه الرسائل أو الإشارات:
– عزم الأطراف الثلاثة على الاستمرار في محاربة الإرهاب من دون هوادة.
– الاتفاق على عمليات عسكرية جديدة ونوعية بما يؤدي إلى حسم الموقف العسكري، وإلحاق الهزيمة بالإرهابيين مهما كلف الأمر.
– منع الطيران التركي من التحليق في المجال الجوي السوري، وإذا لم تلتزم تركيا بذلك فسيتم التعامل مع أي طائرة تركية ضمن هذا السياق، وبالتالي، فإن أي قوات برية لتركيا لن تستطيع اختيار الأهداف التي تريدها، ويعني أن أردوغان سيكون في مواجهة روسيا وإيران، وليس سورية فحسب.
– العمل على المزيد من ترسيخ ركائز هذا المحور الثلاثي مستقبلاً.
– إن وقائع الميدان ونيات واشنطن وتركيا تفرض عدم خسارة المعركة بأي شكل من الأشكال.
– الاتفاق على أن المعركة المفتوحة من العراق إلى سورية، هي معركة مصيرية تستدعي المزيد من الحذر والتنسيق بين الأطراف الثلاثة وفي المقدمة ضرورة الاتفاق على منع انتقال إرهابيي (داعش) من الموصل إلى الرقة في سورية.
وهكذا يجمع العديد من المحليين السياسيين والخبراء العسكريين على أن مدينة حلب دخلت مرحلة جديدة بعد الهجوم الذي بدأته المجموعات الإرهابية على نقاط الجيش العربي السوري هناك بهدف ما يسمى «كسر الحصار على شرق حلب».
إن هذا الهجوم الإرهابي الذي ترافق مع إطلاق مئات القذائف الصاروخية على أحياء حلب خلال 48 ساعة، لم يكن ليحصل لولا قيام الولايات المتحدة بتسليح أكثر من عشرة فصائل مسلحة متحالفة مع جبهة النصرة، وهذا ما اعترفت به صحيفة (الواشنطن بوست) الأميركية قبل يومين؛ الأمر الذي يشير إلى أن الولايات المتحدة تريد من خلال ذلك، تحقيق أهداف سياسية محددة، وهذا ما كان وراء عدم التزامها بتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» ووزير خارجيتها «جون كيري»، ولا سيما ما يتعلق بالفصل بين جبهة النصرة و«المعارضة المعتدلة»، في الوقت الذي يؤكد فيه الجميع أنه ليس هناك من صعوبة في مثل هذا الفصل لمعرفة الإرهابي المعتدل، حتى إن الناس العاديين في حلب يعرفون من المعتدل (حسب التصنيف الأميركي) ومن هو الإرهابي المتطرف.
إلا أن الولايات المتحدة غير جادة، كما يبدو، في هذا الأمر، وخاصة أن الرئيس /أوباما/ سيغادر البيت الأبيض بعد شهريم ونيف، ويعتبر أنه ليس من الضروري اتخاذ قرارات حاسمة في هذا الوقت المُتبقي له، بل الأفضل ترك الأمور للرئيس القادم، ولكن مع هذا لا يمكن لواشنطن أن تترك الساحة لروسيا، فتلجأ إلى تجنيد جهات محلية للقيام بحروب بالنيابة عنها، على طريقة نمط ما يعرف بـ«الإغواء والتخلّي» وبنشر الفوضى هنا وهناك، كتعويض عن فشل مخططاتها، وخاصة في سورية.
لقد استوعب الجيش السوري الهجوم الذي شنّته المجموعات الإرهابية من جبهة النصرة وغيرها، وكبّد هذه المجموعات خسائر جسيمة في الأفراد والعتاد، وستشهد الأيام القادمة ردّاً سورياً غير مسبوق على جميع الجبهات وخاصة في حلب، فالجيش لن يكتفي باسترجاع بعض النقاط التي تسلل إليها الإرهابيون، بل سيمضي بالتقدم وملاحقة هذه المجموعات في كل مكان من حلب، تجاوباً مع رغبات سكان حلب الذين يطالبون، بل يُلحون على ضرورة الحسم وتخليصهم من الإرهاب، نتيجة لما تعرّضوا ويتعرّضون له من قذائف الموت التي تنهمر يومياً على الكثير من أحيائهم، موقعةً إصابات بين شهيد وجريح إضافة للأضرار المادية الفادحة بالممتلكات.
أخيراً، لابد من القول إن كل ما أظهرته موسكو من انفتاح على أميركا والغرب ورغبة صادقة في التعاون والتنسيق للوصول إلى حلّ سياسي يقبل به الجميع في سورية، قد قُوبل من واشنطن خاصة والعواصم الغربية الحليفة لها بالتجاهل والمراوغة، وبالتالي أخذت القناعة بهذا الأمر تترسخ أكثر فأكثر لدى القيادة الروسية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن