قضايا وآراء

لهذه الأسباب ترامب أقل سوءاً من كلينتون

| د. مهدي دخل الله 

تحتل المسألة السورية أهمية خاصة في الجدل الدائر بين المرشحَيْن للرئاسة في الولايات المتحدة. وقد ذهب الباحث الأميركي كريس سلومون من مركز «كشف المخاطر الدولية» في الخامس من الشهر الجاري إلى القول: «إن سورية سوف تحدد مستقبل هيلاري كلينتون في الانتخابات الصعبة القادمة»..
وبالمقابل يهتم العالم كله بانتخابات الرئيس الأميركي على الرغم من أن المسألة سيّان من ينجح لأن هناك إستراتيجية أميركية ثابتة يعترف بها الرؤساء بوضوح في بياناتهم وهي «تعزيز قيادة الولايات المتحدة للعالم». وغني عن القول إن «قيادة العالم» هي التعبير الدقيق للهيمنة ولانتهاك أهم مبادئ القانون الدولي مبدأ «السيادات المتساوية للدول».
لكن هناك عاملان يحددان هل الرئيس الأميركي سيئ جداً أم أقل سوءاً تجاه قضايانا والقضايا الدولية عامة؟ الأول يتعلق بشخصية الرئيس وقدرته على اتخاذ القرارات وضبط الخلافات في إدارته وتوحيد السياسة. أي هل هو «قائد» أم مجرد رئيس عادي؟. الثاني يتعلق بالحزب الذي ينتمي إليه وطريقة تفكير هذا الحزب ونهجه في السياسة الدولية.
عن المعيار الأول لا يوجد ما يؤشر إلى أننا أمام مرشح بمعيار «قائد» تاريخي وإنما رئيس طبيعي. ينطبق هذا على كلينتون وترامب كليهما. فبينما يصنع القادة أحداثاً تاريخية مثل (New Deal) فرانكلين روزفلت، يخضع الرؤساء العاديون للأحداث ويضيعون فيها. يقول الباحث الأميركي ريتشارد نويشتات في كتاب القوة الرئاسية: «إن ما يفعله الرؤساء هو اتخاذ قرارات تُقحم عليهم إقحاماً في أغلب الأحيان دون أن يكون لهم سيطرة على توقيتها وزمانها، وهي تدور حول خيارات يصوغها آخرون». هذا يؤكد أن عهد الرؤساء القادة بحجمهم مونرو (الأول) ولينكولن وروزفلت (الثاني) وكندي قد انتهى في الولايات المتحدة.
بقي المعيار الحزبي. هنا لا بد لنا من الإشارة إلى الآتي:
1- إن نهج الحزب الجمهوري، حزب ترامب، أقل سوءاً في إدارة السياسة الدولية من نهج حزب كلينتون الديمقراطي. فعلى الرغم من أن الحزبين ينفذان إستراتيجية واحدة هي إستراتيجية الهيمنة (أي قيادة العالم) إلا أن هناك اختلافات مهمة في النهج.
عن القضايا التدخل في شؤون العالم وترتيبه وفقاً للمصالح الأميركية، يميل الديمقراطيون إلى سياسات الحروب والفتن والتوترات، وذلك لأن لوبي «مجمع الصناعات العسكرية» في كاليفورنيا هو الداعم الأساسي للديمقراطيين، حيث من الضروري بيع أكبر كمية من الأسلحة. وهذا بحاجة إلى حروب ونزاعات. بالمقابل يتلقى الجمهوريون الدعم الأساسي من اللوبي الزراعي في كاليفورنيا واللوبي النفطي في تكساس، وهذان يهمهما علاقات سلمية من أجل تجارة القمح والقطن والنفط من دون مقاطعات وحروب.
يشير التاريخ المعاصر إلى أن جميع الحروب بدأت تحت حكم الديمقراطيين وانتهت تحت حكم الجمهوريين باستثناء حرب العراق، وهي الاستثناء الذي يثبت القاعدة.
2- يعرف السوريون العداء الذي تكنه كلينتون لدولتهم أثناء وجودها في الخارجية في الفترة الرئاسية الأولى لأوباما. لكن ترامب ما زال مجهولاً، ما يجعل من جميع الاحتمالات ممكنة.
3- ركزت كلينتون في حملتها الانتخابية على العداء المطلق للدولة السورية، على حين كان ترامب أقل تطرفاً وأكثر التزاماً بالواقعية السياسية. وهذا شيء مهم لأن ترامب كان متطرفاً في كل شيء و«معتدلاً» في المسألة السورية، أما كلينتون فكانت معتدلة في كل شيء ومتطرفة فيما يخص سورية.
4- إن الديمقراطيين يدعمون إسرائيل عبر إضعاف العرب (نظرية بن غوريون) على حين يميل الجمهوريون إلى تقوية إسرائيل، وإضعاف العرب هو الخيار الأسوأ لأنه يتطلب زرع الفتن والحروب بينهم.
5- إن الديمقراطيين يعتبرون «الإسلام السياسي» حليفهم الأساسي في الشرق الأوسط (نظرية بريجنسكي) على حين لا يميل الجمهوريون إلى التعاون مع الوهابية باعتبارها مولدة للإرهاب.
6- إن النظام السعودي باعتباره ممول وداعم التيار التكفيري يؤيد كلينتون.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن