ثقافة وفن

ما يلزم لمواكبة تدفق المعلومات … القراءة السريعة والخرائط الذهنية

| هبة اللـه الغلاييني

نظراً للتدفق الكبير للمعلومات من كل حدب وصوب، والوقت القصير الذي لا يكفي لقراءة كل مستجد، حيث يصدر حوالي 36000 كتاب بالعالم خلال سنة واحدة و13000 مقال باليوم الواحد، فكيف لنا أن نجاري هذه الهجمة التكنولوجية في حياتنا؟!.

لا بد لكل قارئ نهم، لديه فضول معرفي أن يتعلم مهارة القراءة السريعة ومعرفة الخرائط الذهنية حتى يتمكن قدر الإمكان من مواكبة هذا العصر، واحتواء المعلومات الجديدة. وحتى يتوصل لقراءة كتاب كامل خلال ثلاث ساعات فقط، مع الاستيعاب الكامل.
الكثير من دورات القراءة السريعة المتوافرة حالياً تعمل على مبدأ تغيير دوافع الطالب والاقتراح أن الدورة ستكون ناجحة، وبانتباه واع ومركز، فإن سرعة القراءة يمكن أن تزداد حوالي عشرة بالمئة لكل جلسة، وقد تتضاعف القدرة أحياناً أثناء الدورات التي تحتوي من 10-20 جلسة. على أي حال، هذا هو الحد الأقصى لهذا النوع من الدورات. إن طول الفترة اللازمة لتكوين وحدة التركيز وعدد الكلمات اللازمة أيضاً يتغيران لكن قليلاً، أغلب التحسينات تحدث، لأن تساؤلات العقل وعملية الرجوع إلى الخلف قد تضاءلت، إن المكاسب من هذا النوع من الدورات نادراً ما تكون مستقرة، لأن المشكلة الكامنة في تحسين الاستيعاب تبقى غير معالجة. وعلى النقيض من ذلك، تتقلب الصفحات بأسرع ما يمكن مع محاولة الشخص رؤية أكبر عدد من الكلمات لكل صفحة فإن الاستيعاب والإرادة سيتكيفان مع سرعة قراءة أكبر بكثير، ومع ممارسة قراءة أكثر كفاءة هذا التكيف العالي السرعة يمكن أن نشبهه بقيادة سيارة سرعة 100 ميل في الساعة على طول الطريق السريع مثلاً، تخيل بأنك تقود بهذه السرعة لمدة ساعة، وفجأة تأتي إلى إشارة على جانب الطريق تطلب منك أن تبطئ القيادة إلى 30 ميلاً في الساعة، تخيل الآن أن عداد السرعة في سيارتك لا يعمل، إلى أي سرعة تتوقع بأنك سوف تتباطأ؟ الجواب من المحتمل إلى 50-60 ميلاً في الساعة. عن السبب في هذا أن تصوراتك أصبحت مكيفة إلى سرعة أعلى والتي أصبحت (الوضع الطبيعي). وبالتالي إن الأوضاع الطبيعية السابقة تقريباً نسيت كنتيجة للتكيف البصري. المبدأ نفسه ينطبق على القراءة بعد ممارسة القراءة بسرعة عالية، ستجد نفسك في أغلب الأحيان تقرأ أسرع من ذي قبل بمرتين ومن دون أن تشرع بأي اختلاف.
إن مبدأ القراءة السريعة يقوم على أسلوب التخطي والمسح عن طريق تقوية حاسة البصر وشحذها وتتضمن تمارين الفهم السريع قراءة ثلاثة سطور في وقت واحد أو صفحة في أربع ثوان وتسمى هذه العملية «عملية القشط» وهي طريقة سطحية، أي إنها تمارين بصرية للقراءة أكثر منها من قراءة من أجل المعنى والاستيعاب ومن أجل (التخطي) نحتاج إلى مسطرة بلاستيكية أو شريط من البلاستيك الشفاف بعرض 5 سم، يوضع بشكل عمودي وإلى أسفل الصفحة وذلك لتحديد قسم الصفحة التي ستستخدم تقنية التخطي عنده. بالتركيز فقط على الكلمات التي في منطقة التخطي (داخل المستطيل) ينخفض وقت القراءة إلى حوالي نصف الوقت المستغرق من قبل، لكن مستوى الفهم لا ينخفض إلى النصف لأنك تجبر على التفكير بمستوى يتجاوز الكلمات التي تراها عيناك. عندما تركز أفكارك على المادة المقروءة فأنت تضيف خبراتك الشخصية إلى القراءة ما يزيد من مستوى فهمك وذاكرتك. يمكن أن يصاب الشخص بالإحباط في أول 10-15 محاولة في استعمال هذه التقنية. في بادئ الأمر ستتذكر من ثلاث إلى أربع كلمات فقط من كل قراءتك، لكن تذكر أن هدفك هو تجاوز عملية التذكير الحرفية للكلمات المفردة وإلى جمع وربط الأفكار معاً.
هذا يتطلب الكثير من الجهد والممارسة. لذا لا تستسلم! لأنك عندما تتعود على هذا الأسلوب في القراءة، فإنك ستطور استعمال هذه التقنية إلى أبعد من ذلك بترك عينيك تنتبهان إلى ما بعد حدود المسطرة، واختيار الكلمات الغنية بالمعلومات والمفيدة جداً من الصفحة وعندما تتدرب على هذه الطريقة، حاول التركيز على أجزاء معينة، وبمعنى آخر: الأسماء، الأفعال، الصفات… الخ. ستجد أنك ترى أكثر وأكثر من خلال الرؤية المحيطية وكنتيجة لذلك ستجد أنك تركز أكثر على تسريع تفكيرك.
إن تقنية المسح والتخطي ليست مفيدة، جداً في قراءة الروايات والقصص ولأنك لا تريد أن تعرف ما سيحدث قبل أوانه! فهي مفيدة في المادة الجدية التي لا تحتوي على قصة، وذلك لتتمكن من تقييم المحتوى ونوعية المادة المقروءة أو لإيجاد حقيقة معينة أو التقرير فيما إذا كنت ستدرس المادة أم لا.
وعند قراءة مادة ليست ذات طابع قصصي أو مادة جدية فإن أول الإجراءات هي تحديد الهدف. الذي أريد أن أتعلمه من هذه المادة، ثم التفحص، وقراءة الملاحظات التمهيدية للكتاب وجدول المحتويات ثم الانتقال إلى المادة البصرية اقرأ الخرائط، والرسوم البيانية، والإيضاحات والمخططات والعناوين الرئيسية الواردة في الكتاب وبعد إنهاء هذه الخطوات عليك أن تقرر فيما إذا كنت تريد قراءة الكتاب أم لا.
ومن أجل تثبيت المعلومات، علينا أن نستخدم خرائط العقل، فعملية البناء القوية لخريطة العقل فعالة جداً في تثبيت الأفكار في الذاكرة. وفي أغلب الأحيان خزينة العقل تستدعى كاملة من دون العودة مطلقاً بالمسار نفسه إلى تلك الأفكار وبسبب تثبيتها بصرياً وبقوة، فإنه من الممكن أن يعود بناؤها بشكل بسيط ومتكرر في (عين العقل).
ولعمل خريطة عقلية، يبدأ الشخص من مركز ورقة جديدة بكتابة الموضوع المركزي (الفكرة الأساسية)، بخط عريض جداً، ومن المفضل أن يكون على شكل صورة بصرية قوية وبالتالي سيكون كل شيء في الخريطة مرتبطاً بها، ثم يبدأ العمل إلى الخارج في كل الاتجاهات، يضيف الفروع لكل مفهوم جديد، وفروعاً صغيرة وبشكل أكبر، وأغصاناً للأفكار المترابطة الناشئة. بهذه الطريقة ينتج تركيب منظم ونام من الكلمات والصور الرئيسية المفتاحية.
وأخيراً أريد أن أنوه بأن من أهم فوائد المطالعة السريعة هو زيادة سرعة وكفاءة الدراسة وتوفير الوقت واجتياز الامتحانات بتفوق وتذكر الأشياء بصورة أفضل. وهناك الكثير من دورات التنمية البشرية التي بدأت تعي هذا الموضوع وتشجع عليه، كما يمكن اللجوء إلى كثير من المراجع والكتب التي تغير أفكاركم وقراءتكم بحيث تنتقلون من القراءة اللفظية إلى القراءة عن طريق الخرائط الذهنية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن