قضايا وآراء

الموصل والرقة.. ألغام أميركية جديدة

| صياح عزام 

لا يخفى على أحد أن الولايات المتحدة بدأت تقوم بإعادة اهتمامها بمنطقة الشرق الأوسط، فقد أعلنت واشنطن مؤخراً أن معركة استعادة الرقة من تنظيم داعش قد تكون قريبة، وقد تتداخل مع الهجوم الحالي في العراق على مدينة الموصل، من دون أن يكون واضحاً ما التداعيات والأبعاد السياسية والعسكرية التي يمكن أن تترتب على فتح هذه المعركة في هذا التوقيت، وخاصة أن المجموعات الإرهابية والقوى المتطرفة ليست سوى جيش أميركي، كذلك أكد وزير الدفاع الأميركي «أشتون كارتر» أن روسيا والجيش السوري لن يشاركا في عملية التحالف لاستعادة الرقة. وسبق ذلك، إعلان أميركي على لسان الكولونيل «جون دوريان» في مؤتمر في بغداد عن توقف الهجمات على الموصل ليومين بحجة تثبيت السيطرة على المناطق التي انتزعت من داعش.
إن إعلان واشنطن الاستعداد لاقتحام الرقة في هذا التوقيت، جاء لتشديد الضغط على سورية وحلفائها في المنطقة، ولإرباك سير عملية تحرير الموصل، ذلك أن تشتيت الإمكانيات بين الموصل والرقة، لا يصب في مصلحة الجيش العراقي، ويفتح الباب أمام مجموعة من المساومات أو المفاوضات السياسية على حساب معركة الموصل، فتحركات داعش بين الموصل والرقة مفتوحة على مصاريعها، وتتم تحت الرعاية الأميركية، وخاصة بعد سعي تركيا لتعزيز وجودها العسكري في العراق، وفتح حدودها أمام داعش، ليكون لها ذريعة للتدخل في سورية والعراق.
ولهذا، يتضح من الإعلان الأميركي، أن واشنطن عازمة على تعزيز وجودها العسكري في الرقة مقابل ما تسميه الوجود العسكري في حلب، ما يؤمن لأميركا مجالاً للعب دور في الملف السوري كطرف فاعل ومؤثر.
في هذا السياق، يمكن القول إن الإعلان الأميركي عن مشروع «تجميد القتال» والذي يعني في العلم العسكري التوقف عن إطلاق النار مع المحافظة على الوضع الميداني كما هو، إنما يعني إنقاذ الجماعات الإرهابية المتطرفة في سورية، خشية انسحابها من المناطق التي تسيطر عليها وسيطرة الجيش السوري عليها من جديد.
إذاً، لا يخفى على أحد الدور الأميركي في الحرب الإرهابية على سورية في دعم وتمويل ومساندة المجموعات المسلحة، والسعي لتوفير الأرضية للاعتراف بهم كقوة فاعلة في الشأن السوري، كما لا يخفى على أحد أن مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذي طرحه البيت الأبيض يقوم على أساس إعادة ترسيم حدود دول المنطقة على أسس جديدة عرقية ومذهبية وطائفية، واستبدال بالرؤساء العرب آخرين يكونون «دمى» في يده، لذلك استخدم البيت الأبيض «داعش والنصرة وأخواتهما» وبعض الدول العربية مثل السعودية وقطر والأردن كمنفذين لهذا المشروع، متوهماً بأن الأحداث ستسير كما رسمتها واشنطن، ومتجاهلاً موقف روسيا والرئيس بوتين بالذات ورسالته الواضحة إلى الغرب بأنه لن يتخلى عن سورية، وأن موسكو ستواصل دعم السوريين لتحقيق السلام، محملاً الدول الغربية تواصل واستمرار الحرب عبر الرهان على تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين.
إجمالاً.. لاشك بأن الوضع الذي تعيشه سورية وخاصة في حلب هو وضع غير مريح، ولكنه مؤقت، إذ إن هذا النفق المظلم سينتهي قريباً جداً بالكثير من النور الذي سيضيء مستقبلاً الشعب السوري نصراً واستقراراً، وأن الرهان يبقى على قدرة الجيش السوري ميدانياً على تقويض أي أمل للغرب وحلفائه وعملائه بأن الدولة السورية يمكن إسقاطها عسكرياً من الداخل، وعلى دعم الحلفاء روسيا وإيران والأشقاء في المقاومة اللبنانية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن