قضايا وآراء

المعارضة تحاول رسم المشهد

| مازن بلال 

بينما يحاول العالم التأقلم مع المشهد الأميركي الجديد، ويسعى لتفسير الظاهرة الأميركية الجديدة بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، فإن المعارضة السورية لديها ما يقلقها أكثر من مجرد بداية التحول في العلاقات الدولية، حيث إن الحل السياسي بات ينتظر توجهات الإدارة الأميركية الجديدة، وهذا يعني الانتظار حتى الشهر الثاني من العام المقبل على الأقل حتى يبدأ أي تحرك جدي، وكان ملاحظاً منذ تعثر انعقاد جولة جديدة في جنيف بروداً على الساحة السياسية السورية؛ لا يفسره سوى عدم القدرة على التحرك نتيجة الارتباط القوي بين عملية التفاوض والمساحة السياسية التي تفرضها القوى السياسية على رؤيتها، وعلى برامجها التي أصبحت انعكاساً للتحركات الدولية والإقليمية لحل الأزمة السورية.
في المقابل فإن عملية البحث عن مخرج من الجمود السياسي دفعت عنوان «الحوار» ليحتل بقوة اتجاهات العديد من القوى السياسية، وخلال الأشهر الماضية ظهرت تحركات واضحة لتأسيس هذا التحرك، ولكنها كانت منفصلة وفق توزع هذه القوى، ومواقفها السابقة من مسألة الحل السياسي، كما أنها نقلت سيناريوهات متعددة في رؤية المسار السياسي في ظل الحالة الدولية والإقليمية الراهنة، ويمكن النظر إلى تلك المسارت وفق خطين:
– الأول يذهب نحو عملية تجميع قوى الداخل على اختلاف طيفها، وهو ما أطلق عليه «نحو دمشق 1» الذي بدأ بشكل فعلي في مدينة اللاذقية السورية، وتقول عنه السيدة دعد قنوع إحدى القائمات على هذا المشروع: «إنه غرفة عمليات كبرى لإنقاذ وطني»، ووفق تصور هذا المسار فإنه إعادة للعملية السياسية إلى مساحتها الحقيقية، حيث تستطيع القوى السياسية وبعيداً عن الضغوط الدولية البدء برسم مستقبل سورية.
هذا المسار يبدو الأوفر حظاً مع حجم التحضيرات التي رافقته، ومحاولته ضم الطيف السياسي والاجتماعي، إضافة لنوعية التجربة التي يريد تحقيقها والتي تعتمد على تراكم حقيقي في العمل السياسي داخل سورية منذ بداية الأزمة، ورغم أن هذا الاتجاه سيجد نفسه أمام واقع عسكري – ميداني معقد، لكنه إن استطاع بلورة مشروع واضح فإنه سيشكل عاملاً فاعلاً وسط تفاعلات الحدث الميداني.
– الثاني تشكله تحركات «هيئة التنسيق الوطني السوري» ويتجه نحو عقد مؤتمر للهيئة يضم أعضاءها في الداخل والخارج، وبالتأكيد فإن مثل هذا التحرك ينقل محاولة سياسية للتأقلم مع الوضع الدولي المستجد، فـ«الهيئة» كانت ممثلة في «الهيئة العليا للتفاوض» أو ما سُمي بـ«وفد الرياض»، وهذه الهيئة دخلت حالة جمود سياسي عام ما يدفع «هيئة التنسيق» إلى تحرك لتثبيت حضورها على الخريطة السياسية.
عملياً فهناك هامش عريض لقوى مختلفة وسط المسارين السابقين، فالتعبير السياسي اليوم يصعب وضعه ضمن طيف ثابت ونهائي، وكلما طالت الفترة الفاصلة بين جولة جنيف الأخيرة وأي شكل جديد لحل الأزمة؛ فإن البيئة السياسية السورية تتحرك نحو رسم خريطة متقلبة رغم جميع محاولات التجميع، فالأزمة تفرض شروطها وعلى الأخص التوازن الدولي والإقليمي الذي أصبح جزءاً من الحل، ورسم المشهد السياسي لن يتضح ما دامت الساحة السورية لا تزال ساحة صراع دولي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن