قضايا وآراء

التحول الاستراتيجي السوري والإقليمي نحو الانتصار الحاسم

| تحسين الحلبي 

بدأت المؤشرات تدل أكثر فأكثر على أن العالم بدأ يفلت من قبضة الإدارة الأميركية في السنتين الماضيتين فقد بدت هذه الإدارة كالوحش الجريح في ساحة دولية فرضت فيها عدد من الدول الإقليمية والكبرى الصاعدة قواعد تتمكن الإدارة الأميركية من تجاوز تأثيراتها على مصالح وأهداف الولايات المتحدة.
وهذا ما يتفق معه المحلل السياسي البريطاني (فينان أوتول) المختص بشؤون السياسة الخارجية الأميركية في تحليل نشرته صحيفة الغارديان قبل أسبوعين فهو يرى أن «زعيمة العالم الحر أسست نفسها على القوة العسكرية والاقتصادية والإيديولوجية ولم يعد في مقدورها أن تتحمل عبء هذه السياسة بل لم تعد راغبة فيها».
ويستشهد الكاتب بما أعلنه (فلوريان فيليبو) رئيس الفريق الاستراتيجي للجبهة القومية الفرنسية اليمينية بعد فوز (دونالد ترامب) بساعات «إن عالم أميركا بدأ ينهار وعالمنا نحن بدأ يتأسس».
وربما يختصر هذا القول العديد من الدلائل التي تشير إلى الطرق المسدودة التي شهدتها إدارة أوباما في السنوات الأربع الماضية على سياسته في ثلاث جبهات للسياسة الخارجية: الأولى في منطقة الشرق الأوسط وتصاعد الدور الروسي في تحدي قواعد النظام الأميركي العالمي والثانية في آسيا قرب بحر الصين وظهور عوامل التفكك في ساحة حلفاء أوباما المعدين ضد الصين والثالثة: في ساحة أوروبا وبداية بحث بعض الدول عن بدائل سليمة مع روسيا والعمل على إبعاد حروب أميركا في أوروبا ضد روسيا.
وفي الشرق الأوسط حققت دول مثل إيران صموداً في تحديها لسياسة أوباما وتمكنت من إزالة تهديدات الحرب المباشرة الأميركية عليها بعد أن فشل أوباما في شن حرب كهذه على سورية عام 2013 وقرر التراجع عنها.
وما تزال إدارة أوباما حتى هذه اللحظة عاجزة عن تثبيت أهدافها في دول عربية عديدة مثل اليمن ومصر وتونس والجزائر بينما يتعرض حلفاؤها من دول النفط إلى أسوأ أوضاع اقتصادية وسياسية خارجية لم تتحدد حتى الآن حلولها.
وفي ظل هذه الظروف التي تشهدها السياسة الخارجية الأميركية سيجد ترامب الرئيس الأميركي المنتخب نفسه هو وأصحاب المصالح الذين يلتفون حوله أمام أحد خيارين: إما متابعة السير على طريق أوباما بتعديلات تمتص رغبة الجمهور الأميركي المتطلع إلى تغيير تلك السياسة، وإما شق طريق يوفر للولايات المتحدة نوعاً من الهدنة في ساحات الحروب والضغوط التي فرضها أوباما على العالم طوال سنوات حكمه الثماني… فالملاحظ أن أوباما تابع منذ عام (2008) سياسة الرئيس الجمهوري بوش الابن في معظم ما خلفه له من مواجهات في العراق وأفغانستان وحصارات ضد سورية وإيران وروسيا والصين. وها هو يجد أخيراً أن أردوغان الحليف للولايات المتحدة لم يعد وضع بلاده مستقراً في الداخل ولا في جواره السوري والعراقي بسبب سياسته المعادية للجوار ولمصالح الشعب التركي، فأردوغان لم يعد له علاقات متينة مع الاتحاد الأوروبي ولم يعد قادراً على تسخير حلف الأطلسي مع سياسته أمام ما تشكله روسيا من تحدٍ داخل السياسة الأوروبية ومن مجمل هذه التطورات تحول المشهد الإقليمي والدولي إلى وضع يحمل معه فرصاً كثيرة لم تكن متاحة قبل خمس أو سبع سنوات رغم ما خلفته سياسة التدخل الأميركي ودعم حلفائها للإرهاب من دمار في سورية واليمن والعراق وليبيا.
ولذلك يرى الكثيرون من المحللين في أوروبا والعالم أن عالم سورية والمنطقة سيفرض نفسه بعد الانتصار الوشيك في حلب وستشق من خلاله القيادة السورية طريقاً عريضاً نحو تطهير منطقة شمال سورية من كافة المجموعات الإرهابية وهذا ما يشير إليه (معهد دراسة الحرب) قبل أسبوع في دراسة يتوقع فيها هزيمة المجموعات المسلحة التي تحالفت مع القاعدة وجبهة النصرة وهي التي تشكل 95% من المجابهة أمام الجيش السوري وحلفائه المحليين وأمام سلاح الجو الروسي في الشمال السوري. ويرى المعهد أن مؤشرات انتصار الجيش السوري أصبحت أكثر وضوحاً لأن معظم المختصين بدراسة الحروب ومواقعها الاستراتيجية يعتبرون معركة حلب ذات أهمية إستراتيجية في إنهاء ما سوف يتبقى من فلول المجموعات المسلحة في الرقة أو ما حولها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن