قضايا وآراء

«ديمستورا» مبعوث أممي أم وسيط أميركي- إسرائيلي؟

| صياح عزام 

كثُرت البدع المخترعة ضد سورية، وخاصة في مجال رفع منسوب الفبركات الإعلامية، والإيعاز إلى المجموعات الإرهابية المسلحة باستخدام الغازات السامة ضد المدنيين ووحدات الجيش العربي السوري في أحياء حلب، ولم تَعُد هذه البدع صالحة للاستثمار السياسي وصرفها في كواليس مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان ومنظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية وغيرها، أو التأثير في مجال حشد التحريض والتأليب على دمشق وحلفائها، لهذا لم يجد داعمو ورُعاة الإرهاب وسيلة للنيل من الصمود السوري إلا بتوظيف أدواتهم الإرهابية في تنفيذ خطط بديلة يأتي في مقدمتها، قضم المدن والأرياف السورية تحت ذرائع واهية مُتعددة، منها على سبيل المثال، تحرّك «أردوغان» باتجاه تنفيذ مخططه باحتلال الشمال السوري وضمه إلى تركيا، بذريعة الخوف من تشكل إقليم كردي مستقل على حدود تركيا، إضافة إلى رفع عقيرته ضد حليفه الأميركي احتجاجا على دعم واشنطن للأكراد، المثال الآخر هو المساعي الأميركية إلى احتلال المنطقة الممتدة على الحدود العراقية- السورية (من دير الزور إلى الرقة) تحت ذريعة محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، مستخدمة في ذلك ما تُسمى «قوات سورية الديمقراطية».
أما إسرائيل فتعمل على مخطط خطير هو احتلال المناطق المُحررة من الجولان السوري، مستخدمة لهذا الغرض «جبهة النصرة الإرهابية» ومن معها من تنظيمات إرهابية مسلحة أخرى بحجة إقامة حزام أمني يزعج سورية، ويمنع سورية والمقاومة اللبنانية من تحرير ما تبقى من التراب السوري المحتل في الجولان والأراضي اللبنانية التي ما زالت مُحتلة.
والأخطر من كل ذلك في سياق مخطط تفتيت سورية وقضم مدنها ومناطقها وأريافها، تمثل بما طرحه مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية «ستافان دي ميستورا» الذي زار دمشق مؤخراً لينطق بكلمة «الكفر»، وليؤكد ضلوعه في هذا المخطط آملاً إمكانية إنقاذ «جبهة النصرة» وأخواتها في الأحياء الشرقية من مدينة حلب، ومتذرعاً بخشيته على المدنيين، عندما طرح فكرة «إقامة حكم ذاتي»، في الأحياء الشرقية هذه من قبل جبهة النصرة الإرهابية وأعوانها من بعض المدنيين الذين أرغمتهم الجبهة بالقوة على الانخراط معها.
إن «ديمستورا» يطرح هذه الفكرة الجهنمية، امتداداً لما عرضه مسبقاً من خروج آمن لإرهابيي النصرة من الأحياء الشرقية مع تطوعه لمرافقتهم إنقاذاً لهم وخوفاً عليهم!.
بالتأكيد، يتضح من خلال ما تقدم أن «ديمستورا» هو وسيط «إسرائيلي- أميركي» وليس مبعوثاً أممياً، لأن تقسيم سورية- حسب فكرته- يفترض أن يكون مرفوضاً لديه لأن سورية دولة عضو في الأمم المتحدة، لا أن يسعى إلى تقسيمها.
لاشك بأن عودة «دي ميستورا» إلى دمشق جاءت بعدما بدأ الخناق يضيق على جبهة النصرة وأعوانها في أحياء حلب الشرقية وتخومها، وخاصة أن ساعة الصفر اقتربت، ولكنه بهذه العودة وهذا الطرح المشبوه إنما يكتب لنفسه نهاية سياسية وخيمة وقبيحة.
باختصار، إن طرح- ديمستورا» يهدف إلى تقديم مكافأة للمجموعات الإرهابية بتركهم يحكمون أرضاً ليست أرضهم ويصبح لديهم كيان يطلق عليه «إمارة شرق حلب».
وقد أكد أكثر من محلل سياسي أن مثل هذه الأفكار التي انفجرت عنده تعود لسببين: إما أنه يعاني من مرض عقلي، أفقده خبرته السياسية، أو أنه تسلم مبلغاً كبيراً من المال جعله ينسى تاريخه السياسي ليأتي ويطلب من حكومة وطنية أن تنسى شهداءها وتتنازل عن جزء واسع وغال من أراضيها، وبالأساس فإن هذا المبعوث لم يكن حيادياً منذ بدء مهمته في سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن